يشكو كثير من العراقيين من سوء خدمة الإنترنت وارتفاع أسعارها في عموم المحافظات، على الرغم من إعلان وزارة الاتصالات حزمة من القرارات الهادفة إلى تحسين الخدمات والحد من ارتفاع أسعارها.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، أعلنت وزيرة الاتصالات هيام الياسري عن إطلاق خدمة الاشتراك المدعوم للإنترنت في عموم العراق، وإمكانية حصول كل مشترك على كامل الحزمة التي يختارها من دون نقص أو ضعف، بواقع 15 ألف دينار (11.5 دولاراً وفق السعر الرسمي) لكلّ 100 غيغا بايت، و30 ألف دينار لكلّ 200 غيغا بايت، و45 ألف دينار لكلّ 300 غيغا>
وأشارت إلى منح 10 غيغا بايت مجانية للعائلات الفقيرة للاستفادة منها، وفي حال نفادها، يمكنهم الاشتراك بمبلغ 15 ألف دينار للحصول على 100 غيغا.
واعتبرت الياسري أن سبب سوء الإنترنت هو وجود أكثر من 100 شركة لتقديم هذه الخدمة، أغلبها غير مرخص، إلى جانب أكثر من 15 ألف وكيل لهذه الشركات، فضلاً عن التلاعب في كميات الإنترنت المجهزة من قبل الوكلاء من خلال مشاركة أكثر من مشترك في حزمة إنترنت واحدة.
وعلى الرغم من وعود وزارة الاتصالات بتحسين الخدمة، فإنّها لا تزال سيئة ولم تصل إلى مراحل الجودة المعتمدة، وفق مشتركين وخبراء اتصالات، لافتين إلى أن خدمة الإنترنت المدعوم التي أعلنت عنها الوزارة لم تغير من واقع الخدمة المتاحة، لأنّ مصدر الإنترنت لا يزال هو ذاته. وجاء العراق في المرتبة 113 عالمياً في جودة خدمات الإنترنت، وفق مركز الإعلام الرقمي العراقي (منظمة غير حكومية).
وقال خبير الاتصالات، عامر حبيب، إن تزويد المشتركين بالإنترنت في العراق يجرى من خلال الطرق التقليدية ذاتها، أي من خلال الوكلاء وأصحاب الأبراج، فيما تنعدم تماماً الوسائل الحديثة في التجهيز بسبب عدم وجود بنية تحتية متطورة.
وأضاف حبيب لـ"العربي الجديد" أن سوء خدمة الإنترنت لا يقترن بنوع الاشتراك فحسب، إنما من خلال سعر الحزم التي تجهزها وزارة الاتصالات للشركات، إذ تباع هذه الحزم بأسعار مرتفعة جداً، وهو ما يدفع موزعي الخدمة للعملاء إلى خفض السعات الواصلة إلى المشتركين أو اللجوء إلى آلية دمج ومشاركة الاشتراكات المنزلية بين أكثر من مشترك، من أجل توفير التكلفة.
وأشار إلى أن شركات الإنترنت في المحافظات تبرر سوء الخدمة بأنها تصل إليهم ضعيفة من مصدر التجهيز في مصر وتركيا وإقليم كردستان شمالي العراق، ما يعني أنّ مصدر تجهيز الخدمة لم يتغير، وهنا يأتي دور وزارة الاتصالات في مراقبة الجودة والكمية المُجهزة أو البحث عن مصادر جديدة.
وأكد مواطنون أنّ أسعار الإنترنت ما زالت مرتفعة على الرغم من إعلان وزارة الاتصالات دعم الخدمة وتحديد أسعار الباقات المقدمة للمشتركين.
وقال المواطن علاء الدليمي إن أسعار الاشتراكات الشهرية المقدمة من وكلاء التجهيز وأصحاب الأبراج تبدأ من 35 ألف دينار وتصل إلى 200 ألف دينار، وإنّ الفئة الأكثر من المشتركين ضمن باقتي الـ35 ألفاً و50 ألف دينار، وهذه الخدمة عادة ما تكون ضعيفة جداً قياساً بحجم العائلة العراقية، فيما يستخدم أصحاب الدخل العالي باقة الـ200 ألف دينار.
وأضاف الدليمي، لـ"العربي الجديد"، أن الفئة الأكبر من المجتمع هي من أصحاب الدخل المحدود ودون مستوى خط الفقر، وكل عائلة لديها عدد من تلاميذ المدارس الذين يحتاجون إلى خدمة الإنترنت لغرض متابعة مناهجهم التعليمية، بخاصة أنّ أغلب المدارس لم توزع الكتب والمناهج التعليمية على طلبتها، ما يضطرهم إلى تحميلها من خلال المواقع التعليمية عبر الإنترنت، بينما تزيد المعاناة في ظل سوء الخدمة وارتفاع الأسعار.
وعن أسعار خدمة الإنترنت المدعوم التي أعلنت عنها وزارة الاتصالات، أوضح الدليمي أنّ هذه الخدمة لا تكفي سوى لأيام، ولا يمكن الاستفادة منها على مدار شهر كامل، لأنّ الكمية المحددة فيها لا تغطي الحاجة اليومية للعائلة التي تمتلك عدة أجهزة اتصال، ما يضطرهم إلى تجديد الاشتراك مرتين أو ثلاثاً شهرياً.
وفي ما يخص الإنترنت الذي تقدمه شركات الاتصالات المحمولة، أكد أن أسعارها مرتفعة جداً، ولا يمكن للمواطن البسيط تفعيل خدمة الانترنت الشهري لأنّ سعرها يصل إلى 50 ألف دينار.
من جهته، قال الخبير التقني خالد عباس، لـ"العربي الجديد"، إنّ الشركات الرئيسية المجهزة لخدمة الإنترنت لم تلتزم بتطبيق خطة وزارة الاتصالات في تحديد مستويات الأسعار، وإنّ الخطة طبقت فقط على أصحاب الأبراج، ما دفعهم إلى دمج ومشاركة الاشتراكات للمنازل من أجل تحقيق قدر من الأرباح لهم.
وشدد عباس على ضرورة مراقبة أسعار الشركات وجودة الخدمات المقدمة، فضلاً عن توفير البنية التحتية اللازمة في عموم العراق، مع صيانة دورية للكابلات والأجهزة التقنية.
المصدر : العربي الجديد -أحمد عيد