10 Jun
10Jun

تضع الحكومة العراقية زيادة احتياطي البلاد النفطي إلى أكثر من 160 مليار برميل، هدفاً استراتيجياً للمرحلة المقبلة، في مسار قوي لدعم خطواتها على صعيد الإصلاحات الاقتصادية الجارية، ودعم قدرتها على تحقيق تنمية مستدامة وتحسين واقعها الاقتصادي.

 ويعقد العراق آمالاً عريضة على صادراته من النفط الخام، خصوصاً مع تشكيلها أكثر من 90 في المئة من إيرادات الموازنة العراقية، ما دفعه نحو إطلاق مجموعة من المشاريع الخاصة بزيادة الإنتاج، وفتح المجال أمام الاستثمارات في مجال استكشافات حقول النفط والغاز.

  في هذا الإطار، ظهرت الشركات الصينية لاعباً رئيسياً في ساحة الاستثمار النفطي في العراق، في مقابل غياب الشركات الأميركية والأوروبية، من خلال استحواذ عدد من الشركات على العديد من الاستثمارات الجديدة لاستكشاف حقول النفط والغاز في العراق، ضمن جولة التراخيص التي أطلقتها وزارة النفط لتطوير قطاع النفط والغاز في البلاد.

 ووفقاً لوزير النفط العراقي حيان عبد الغني، ضمّت قائمة الشركات الصينية التي فازت بالعطاءات الجديدة شركات "تشنهوا" و"أنتون" و"سينوبك" لتطوير حقول أبو خيمة في المثنى والظفرية في واسط وسومر في المثنى، إضافة إلى الشركة الصينية "سينوك العراق" في محافظات الديوانية وبابل والنجف وواسط والمثنى في وسط البلاد وجنوبها. 

وتضع الصين منطقة الشرق الأوسط عموماً، والعراق خصوصاً، هدفاً استراتيجياً لها في دعم مصادرها وتنويعها وتأمينها للحصول على الإمدادات الطاقية لها، في ضوء القفزة التي سجّلتها وارداتها من النفط الخام في 2023 وتسجيلها أعلى مستوياتها على الإطلاق مع تعافي الطلب على الوقود بعد التراجع الناجم عن جائحة كورونا، إذ ارتفعت الواردات 11 في المئة مقارنة بعام 2022 إلى 563.99 مليون طن، أو ما يعادل 11.28 مليون برميل يومياً، ارتفاعا من المستوى القياسي السابق المسجّل في عام 2020، وبلغ 10.81 ملايين برميل يومياً، وفقاً للبيانات الصينية الرسمية الصادرة عن الإدارة العامة للجمارك.

 اهتمام صيني وعوائد اقتصادية 

تعقيباً على ذلك، يؤكّد الخبير الاقتصادي العراقي الدكتور جعفر الحسيناوي، أن الصين تحاول، وبأي شكل، الوصول إلى منطقة الخليج العربي الاستراتيجية، في ضوء دورها الرئيسي مزوداً للطاقة التي تعتمد عليها الصين، إذ تصل نسبة إمدادات الطاقة من تلك الدول إلى حدود 50 في المئة من احتياجاتها، ما يعكس أهمية العراق الكبرى في التخطيط الاستراتيجي الصيني، كونه مفتاح الوصول إلى منطقة الخليج العربي.

 ويضيف، أن أحد الأسباب وراء زيادة الوجود الصيني هو موقع العراق الاستراتيجي، الذي يشكّل أهمية في حسابات المخطط الاستراتيجي الصيني، "فعلى الرغم من سياسة الانتظار والترقب المعتمدة من الحكومة الصينية، والتي لم تضع العراق ضمن مسارات مبادرة "الحزام والطريق"، فإنها على يقين تام بأن موانئ العراق عند منطقة شمال الخليج العربي تمثل درة طوق اللؤلؤ الذي يبدأ من سواحل الصين، ويمر بموانئ بنغلادش ثم باكستان فإيران، وينتهي بميناء الفاو الكبير، ومنه إلى القناة الجافة في العراق (مشروع طريق التنمية) وصولاً إلى تركيا ثم أوروبا، وهذا كله يدفع الصين إلى الاهتمام بالعراق".

 ويضيف الحسيناوي سبباً مهمّاً آخر، يتمثل في محاولة الصين دخول العراق من طريق الاستثمار في كل القطاعات الاقتصادية والخدمية، "ويكتسب قطاع النفط والغاز درجة عالية من الأهمية عند بكين، لعلمها بامتلاك العراق مناطق غاز كبيرة في حقول عكاز، قرب سواحل المتوسط في سوريا ولبنان، وبسهولة تسويق منتجاتها في أوروبا بديلاً للغاز الروسي".

 ويتوقع أن ينعكس ذلك الوجود القوي عوائد متبادلة، فالصين ستدعم إمداداتها من الطاقة، وبالتالي تدعم مسيرتها الاقتصادية القوية، ويحصل العراق على عوائد اقتصادية عالية تساعده في دعم مسارات الإصلاح الاقتصادي فيه، ودعم إيراداته، وتحقيق معدلات تنمية مستدامة تدعم بدورها تطوير باقي القطاعات.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن