كسب العراق دعوى للتحكيم، رفعها الخميس الماضي، ضد أنقرة بشأن تصدير النفط الخام من إقليم كردستان عبر ميناء جيهان التركي دون الرجوع لشركة تسويق النفط العراقية "سومو" من قبل هيئة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية في باريس.
وهذه الدعوى ضد تركيا لـ "مخالفتها أحكام اتفاقية خط الأنابيب العراقية التركية الموقعة عام 1973″ والتي تنص على وجوب امتثال الحكومة التركية لتعليمات الجانب العراقي فيما يتعلق بحركة النفط الخام المُصدر من العراق لجميع مراكز التخزين والتصريف والمحطة النهائية.
وتستعرض تساؤلات الجزيرة نت تأثيرات الحكم القضائي الدولي على بغداد وأربيل، ومستقبل السيطرة على الثروة النفطية في العراق.
الأسابيع الأخيرة من ولاية رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي الثانية عام 2014، أقامت الحكومة دعوى في محكمة تجارية تابعة لغرفة التجارة الدولية في نادي باريس للدائنين ضد أنقرة بشأن مبيعات نفط إقليم كردستان عبر الأراضي التركية.
وتم إيقاف الدعوى من قبل رئيس الحكومة الأسبق حيدر العبادي نهاية 2014، ثم ولكن تم تفعيلها مجددا مطلع 2017 قبل تجميدها مرة أخرى، ليأتي رئيس الحكومة المستقيل عادل عبد المهدي ليوقفها بشكل كامل بطلب من القيادة الكردية، قبل أن تُستأنف من قبل وزارة النفط العراقية في عهد رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي ووزير النفط إحسان عبد الجبار السابقين عام 2021.
وخط الأنابيب الممتد بين العراق وتركيا يمكنه ضخ ما يصل إلى 900 ألف برميل يوميا، تمثل تقريبا 1% من إجمالي الطلب العالمي اليومي، من قبل "سومو" وحكومة كردستان، إلا أنه يجري حاليا ضخ 500 ألف برميل من حقول شمال العراق.
وفي آخر الإحصائيات الرسمية، بلغت كميات النفط العراقي المصدرة، لفبراير/شباط الماضي أكثر من 92 مليون برميل بمعدل يومي 3 ملايين و295 ألف برميل، بقيمة مالية تجاوزت 7 مليارات دولار.
يحدد المتحدث الرسمي لوزارة النفط العراقية، عاصم جهاد، عدة فوائد للحكم القضائي، منها التأكيد على السيادة الوطنية للثروة النفطية وإدارتها من قبل وزارة النفط الاتحادية، كما أن الحكم ساعد على الرجوع لاتفاقية عام 1973.
وقال جهاد للجزيرة نت إن القرار سيساهم بتعظيم الموارد المالية النفطية، واستقرار صادرات الخام، وتعزيز دور العراق بالأسواق النفطية العالمية.
يرى المتحدث الرسمي لوزارة النفط العراقية أن القرار لن يؤثر على طبيعة العلاقات الثنائية كون وجود مصالح مشتركة بين البلدين، منها أن صادرات العراق النفطية تتدفق عبر ميناء جيهان التركي، وهذا يعود بالفائدة للطرفين.
ويضيف جهاد أن تركيا أعلنت التزامها بقرار محكمة التحكيم الدولية، وأبلغت بغداد وأربيل بذلك، وهي تنتظر موقف الحكومة العراقية المخولة بإدارة عملية تصدير نفط البلاد إلى الخارج، لإبلاغها بالآليات الجديدة التي سيتم اعتمادها للصادرات النفطية، بما فيها نفط إقليم كردستان.
وأكد المسؤول الحكومي ضرورة احترام جيران العراق للاتفاقيات والمعاهدات الموقعة معهم، خصوصا المتعلقة بالقضايا السيادية، ومنها الصادرات النفطية عبر الموانئ الخارجية.
تصف العراقية زينب جمعة الموسوي، وهي عضو لجنة النفط والغاز والثروات الطبيعية بالبرلمان -في حديثها للجزيرة نت- القرار بـ "المهم" كونه سيحقق عاملين
في ذات الوقت يستبعد الدكتور أرشد طه، المستشار الاقتصادي لرئاسة برلمان إقليم كردستان، تأثير القرار الدولي على الإقليم وحقوله النفطية.
وفي حديث للجزيرة نت، ربط طه القرار بالاتفاق السياسي الموقع بين بغداد وأربيل الذي بموجبه تم تشكيل الحكومة العراقية برئاسة محمد شياع السوداني، والذي ينص على دعم الكرد لها مقابل حل المشاكل المتعلقة بقطاع النفط والغاز والموازنة العامة الاتحادية والمناطق المتنازع عليها بين المركز والإقليم.
وأضاف طه أن الاتفاقية التي عقدت بين الأطراف السياسية (الشيعة، السُنة، الكرد) في سبتمبر/أيلول 2022، أي قبل صدور القرار الدولي بشهور، جاء فيها أن الحكومة الجديدة تعمل على تشريع قانون النفط والغاز الاتحادي خلال مدة لا تتجاوز 6 أشهر، بالاتفاق بين حكومتي بغداد وأربيل، وتخصص حصة الإقليم من الموازنة على أساس تخمين (تقدير) عدد السكان لحين إجراء التعداد السكاني.
وأشار المستشار الاقتصادي إلى أنه تم الاتفاق على 12.6% نسبة لإقليم كردستان بموازنة 2023 التي صوتت عليها الحكومة وأرسلتها لمجلس النواب، كاشفا عن وجود مباحثات جارية حول مسودة قانون النفط والغاز لحل الخلافات بين الحكومتين نهائيا.
يقول خبير النفط والطاقة الدكتور بلال الخليفة إن الحكومة العراقية أضاعت غنيمة قرار التحكيم كونها شرعت قانون الموازنة لعام 2023، حيث تضمنت فقرات عديدة تمنح الإقليم صلاحيات كبيرة.
وأضاف الخليفة -في حديث للجزيرة نت- أن المادة 13 تضمنت تسوية المستحقات المالية للإقليم، أما الفقرة الثانية للمادة ذاتها فأجازت تصدير أربيل نحو 400 ألف برميل يوميا خارج "سومو" بالسعر الرسمي.
ويستطرد بالقول إن الموازنة تضمنت أيضا تسليم الأموال النفطية في حساب بنكي تحت تصرف رئيس الإقليم وليس رئيس الحكومة الاتحادية، وكذلك إرسال الأموال شهريا من بغداد إلى أربيل لدفع رواتب موظفي الإقليم.
المصدر : الجزيرة
علي كريم إذهيب