يقدم هذا الكتاب الجديد تحليلاً ينطوي على عمق تاريخي ومعرفة متخصصة بالواقع المسيحي والكاثوليكي بشكل خاص، في العراق ولكن قبل كل شيء في السياق الأوروبي والدولي، وليس من السهل العثور على مثيل له في الجمهور الناطق باللغة العربية.
ويستجيب بدقة للحاجة إلى إدراك التعقيدات المرافقة للزيارة البابوية، وهي خطوة لا غنى عنها لفهم الأحداث في عالم مترابط متعدد المسارات. والأهم من ذلك كله أن العراق كان مسرحًا للأحداث ومهدًا لحضارات عربقة، الأمر الذي ترك تأثيرا عميقًا على النسيج الاجتماعي و الجغرافي للبلد وسكانه ، كما روى المؤلف نفسه في كتابه عن "الأقليات في العراق".
لا يحرص المؤلف على فهم عناصر التجديد والرسالة في الزيارات البابوية فحسب، ولكن أيضًا على التحليل الدقيق للعالم واقتراحاته التي يقدمها للمستقبل، إنه البحث عن طريق ثالث يعرّفها المؤلف هنا بـ "ما بعد العلمانية" نظرا لوجود الأقلية المسيحية وضرورات التعايش مع الأغلبية في البلاد
تمكّن المؤلف بمهارة وسهولة من تأطير رحلة البابا فرانسيس ضمن تعاليم الكنيسة الكاثوليكية في القرن العشرين في مواجهة المشاكل الجديدة التي تطرحها الأمم الجديدة التي ولدت بعد الاستقلال، والتحول الى الديمقراطية، ما بعد الربيع العربي، وأزمة التعايش في المنطقة ما بعد داعش. يجسد تحليله كلاً من سمات الاستمرارية مع الباباوات السابقين وعناصر الابتكار، ويوضح السياسات الناشئة من الأصل والتكوين الثقافي للبابا فرنسيس
أندريا ترينتيني (سانت إيجيديو-الفاتيكان)