في كل عام خلال هذه الايام يطفو على السطح جدل حول تغيير النظام السابق باوجه مختلفة : الغزو والتحرير والاحتلال..
وكي لا نظلم التاريخ، لم يكن العراقي المنهك بالحصار وعمق الجراح التي احدثها النظام السابق بكيانه وكرامته،معنيا "بطريقة الخلاص" بقدر العناية "بالخلاص" نفسه !
، الاعتراض اليوم على تغيير النظام ( باي طريقة ) هو قفز على التاريخ وترف فكري يعبر عن ذاكرة منتقاة !!
خلال شهر نيسان من عام ١٩٨٤
أُعدم إبن عمي في سجن أبو غريب و ترك لوالده، قبل ذلك وصية قال فيها :
أبي، حين يبلغك خبر "قتلي" ويطلب منك السجانون تسلم جثتي..تريث ولا تأخذها على عجل !!! خفف الوطء وابحث عنها قبل كل شيء، في "برادات الجثث "، حتى لو عرفت مكانها سلفاً .!!!!..
فتش البرادات، واحدة بعد أخرى، وحينها ستجد شباباً متنوعين :
ستجدُ من هو أطول مني قامةً، وستجد من هو أكثر مني وسامة ، وستجد من هو أبهى مني طلعةً ، وستجد من هو أبلغُ مني إشراقاً، وستجد من هو أمضى مني عزيمةً في هيئته، وستجدُ من هو أعمق مني حزنا في سحنة وجهه ...
وستجد الكثير غير ذلك . خفف الوطء أبتاه، وأطلق بصرك سائراً بين الجثث، ستصل لي في نهاية الأمر، لتجدني أقل "المغدورين" ، شأناً في المظهر والجوهر، وسيهون حينها عليك أمري، وتخفُ على قلبك السقيم صدمة رحيلي، وستقرأ الفاتحة للجميع "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون "...!!