الخبير في المعنى العام هو الشخص الذي تراكمت لديه الخبرة من استمرارية العمل في اختصاص معين و لعدة سنوات معترف بها وإنالمؤهل الأكاديمي والخبرة العملية والتدرّج في سلم العمل البحثي هي وحدها التي تصنع الخبرات لتشق طريقها إلى الأعلى بكفاءة وجدارةوجدية، وعلى ضوء ذلك ليس لكل الكفاءات صفة الخبير، لكن لا يمكن في المقابل الاعتراض على الاختيارات الخاصة لبعض الأشخاصالذين لا يحضون باعتراف ضمني بخبرتهم من قبل زملائهم أو لدى المؤسسات التي ينتمون إليها.
يبدو أن السؤال المهم الذي يقفز إلى الذهن يدور حول: ما الذي يصنع الخبرة الامنية والخبراء؟
هناك حقيقة علينا ادراكها ، ليس كل من انتمى الى الشرطة أو الجيش او درّس في مدارسها او اكمل دراسته الاكاديمية بالعلوم السياسيةان يكون مؤهلا وامتلك الجرأة على الحديث هو في الواقع خبير، وليس كل من يقدّم أو ينصّب نفسه على هذا المعنى له الأهلية لتقديم هذهالخدمة، فالكثير استغل الفراغ القانوني لعدم لتنظيم هذا المجال (سوقوا نفسهم) بانتحال هذه الصفة فيه استغباء لأصحاب الاختصاصوالرأي العام والمواطنين والأشدّ غرابة في هذا الاستغباء هو وجود شبكة من العلاقات تشجّع على ممارسة هذا النشاط وتروّج له والحال أنمجمل الآراء المقدّمة، والحال أن مجمل الآراء المقدّمة لا تعدو أن تكون مجرّد حديث يكاد أن يكون فارغ المضمون .
على سبيل المثال الخبير الامني، عبارة الامن جاءت مطلقة فهو مختص باي مجال بالامن، امن وطني ، امن اقليمي ، امن دولي ،امناجتماعي ، امن مجتمعي ، امن جنائي ،امن بيئي ،امن اقتصادي ...الخ قد تبلغ اكثر من ثلاثون مفهوما لتصانيف الامن ، اضافة الى تربعالبعض على بعض الفضائيات وخلط متعمد بين الامن بالاستخبارات بالعمليات ، وهذا بحد ذاته تشويه متعمد للصورة الحقيقية للأحداث.
أننا بالوقت الحاضر في حاجة إلى نخب يملكون القدرة على التأثير في السلطة والمؤسسات التنفيذية والتشريعية وان تضع القضايا الأمنيةبمسؤولية كبرى على الخبراء الحقيقيين والمثقّفين، فهم الأكثر تأهيلا لإشاعة الوعي وتحفيز المواطنين والاسهام في صون البلاد، انطلاقا منمُثُلهم السّامية وتَجذّر هويّتهم الوطنية ونأيهم بأنفسهم عن الدوافع الشخصية الضيّقة.
الخلاصة
من المهم أن يترسّخ وعي أساسي لدينا بأن الخبرة الأمنية ليست للنخبة السياسية التي تهيا عناصرها للدفاع عن اخطاء الساسة وتتصالحمع متطلباتها المصلحية، وليست لنخبة تختارها جمعية أو مؤسسة أو حزب ، بل هي عملية فكرية لها سياقها الأمني وامتدادها الاجتماعيوالتاريخي رياض هاني بهار