يهدد المجتمع العراقي، خطر لا يقل رعباً عن وباء كورونا، يتمثل في انتشار ظاهرة "الربا"، التي اصبح ضحاياها في زيادة يوما بعد آخر، ورغم الرادع الديني والقانوني في مادته 465 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969،التي نصت على "يعاقب بالحبس وبغرامة مالية، أو بإحدى هاتين العقوبتين، من أقرض آخر نقوداً بفائدة ظاهرة أو خفية تزيد عن الحد الأقصى المقرر للفوائد الممكن الاتفاق عليها قانوناً"، الا انها لم تمثل رادعًا حقيقياً لايقاف انتشاره.
الضائقة المالية
وشهدت ظاهرة الربا، ازدياداً كبيراً في الاونة الاخيرة بسبب الضائقة المالية، وضعف نفوس بعض المتصيدين في الماء العكر، حيث يضطر المواطن الى الاستدانة مهما كانت الفائدة، فانتشار المرابين بهذة الطريقة المخالفة للدين والقانون والاعراف الاجتماعية وتحت مسميات تشغيل الاموال او البيع بالتقسيط او التعامل بالعقارات.
مراقبون ومعنيون، شخصوا انتشار حالات الربا في الاوساط الشعبية، من خلال قيام العديد ممن يمتلكون الاموال باقراض المواطنين وفق مايسمى بـ"الفايز"، كما ان هذا الامر لم يقتصر على الاوساط الشعبية بل تعداه الى مؤسسات كبيرة وصغيرة مثل شركات ومكاتب صيرفة تقوم باقراض المواطنين مقابل فوائد كبيرة وتحتجز بطاقاتهم لتتسلم الرواتب بدلا عنهم.
الإنتحار يحاصر الأسر
ويؤكد مدير مفوضية حقوق الانسان في ديالى صلاح مهدي، اليوم الخميس (25 كانون الثاني 2024)، تسجيل حالات انتحار سببها "الربا" الذي حاصر بعض الأسر في المحافظة.
وقال، مهدي لـ وكالة انباء محلية ، انه "من خلال المتابعة مع المؤسسات الصحية، تم توثيق 33 حالة انتحار في ديالى خلال 2023 بالاضافة الى عشرات المحاولات التي تم انقاذها باللحظات الاخيرة ولكلا الجنسين".
واضاف مهدي، أن "أسباب الانتحار متعددة، لكن الضغط النفسي بسبب الفقر والمخدرات والديون سجلت حضورا لافتا في عدة حالات"، مبيناً ان "الاستدانة من بعض المكاتب الربا وتراكم الديون على اصحابها قادت ارباب اسر للانتحار بسبب خسارتهم منازلهم وكل شيء".
واشار الى أن "الربا وباء يهدد المجتمع العراقي وضحاياه في زيادة يوما بعد آخر" لافتا الى ان "تسجيل انتحار البعض من ضحايا هذا الوباء تستدعي جهوداً لاحتواء هذا الفعل المحرم ويخلق اشكاليات متعددة".
حراك نيابي
وفي تموز / يوليو الماضي ، تقدم النائب علاء الحيدري، بطلب إلى رئاسة مجلس النواب، لتشريع قانون مكافحة ظاهرة الربا، مشفوعاً بتواقيع 82 نائباً.
وأكد الحيدري في تغريدة سابقة له: "نعاهد الشعب على تحمل المسؤولية القانونية والشرعية بالعمل على تشريع قانون مكافحة الربا، بعد تفشيها واتساعها بصور مختلفة وبشكل يهدد المجتمع العراقي"، مؤكدا أن "أصحاب النفوس الضعيفة الذين يستغلون وضعهم الاقتصادي لتعظيم أموالهم دون جهد على حساب المحتاجين والمقترضين".