ـــ الحلقة الثانية ـــ نعيم عبد مهلهل
((كانت سومر العظيمة مفخرة التأريخ لأن سجلها الحضاري زاخر بأدوات العقل ومفاهيمه التي لازالت حد هذه اللحظة مانحة نورها للبشرية . فمن مدن اريدو وأور ولكش وتلو وأوروك ونفر جاءت لنا كلمات التاريخ الأولى ..))
صموئيل كريمر
مؤلف كتاب ألواح سومر
(( أريدو ..أزل التباهي السومري ، ففيها زرع النخل أول مرة . وهي أول مدن الكون من عرفت المعابد والزقورات . وكانت مدينة مقدسة يمر بها الفرات بخشوع ويمنحها أبهة وسطوة )
كتاب مدن وحضارات
في أوراقه المهنية ومحاضراته وسيرته الذاتية يتحدث المنقب الأثري السير ماكس مالوان عن ملاحظاته لطبيعة ما يريد أن يصل إليه العلامة الكبير السير ليوناردو وولي مكتشف أثار مدينة أور ومقبرتها الملكية المقدسة العائدة لمقتنيات ملوك سلالة أور الثالثة .
ودائما كان وولي في كتاباته يشير إلى مدينة يعتقد إنها تمتلك أزلا قديما ومكانة دينية مقدسة كون الحفريات أثبتت فيها وجود أول نمط لهندسة بناء المعابد وأستحدام الفخار .
وهو يقصد مدينة أريدو التي تعد واحدة من أقدم مدن السلالات وفجر التأريخ حيث هذه المدينة بمكانة دينية كبيرة وكانت في عهدها القديم تمثل حلقة وصل بين مدن سومر الأولى وهي تعد من أخصب أراضي المنطقة الزراعية وأول مدينة انتبهت إلى قيمة النخلة كثمرة للعطاء والخير فتم في أور زراعتها بعناية وحسب ما معمول به حد اليوم من غرس الفسائل والاعتناء بهذه الشجرة المقدسة التي ظل مأثورها قائما عبر العصور كلها فنالت قولا كريما من الرسول محمد ص عندما قال : أكرموا عمتكم النخلة .
تقع مدينة أريدو جنوب مدينة أور بحوالي 15 كم وهي اليوم ليست سوى حفر وإطلال تراكم عليها الإهمال ولم يكتمل تنقيبها وهي أول مدينة أشير أيها بأنها من المدن المعرضة إلى تلف أثارها التي لم تكتشف بعد كونها أصبحت ساحة قريبة لمقرات العمليات العسكرية وهذا ما يؤكده قول الدكتورة ليك الأستاذة بالجامعة الأميركية الدولية في لندن لصحيفة الشرق الأوسط حول كتابها الذي تطرقت فيه إلى عشر مدن بالعراق القديم، وهي مدن أريدو وأوروك وشوروباك وآكاديا وأور ونيبور وزيبار وآشور ونينوى، إضافة إلى الأكثر شهرة، وهي بابل، فشرحت أن «معظمها ما زال مطمورا تحت الرمال ولا نعرفه على حقيقته تماما، ومع ذلك، فهي معرضة للخراب في مواضعها بالذات، لأن باستطاعة القذائف الأميركية النفاذ في الهضاب والتلال واختراق تربتها وزعزعة مكونات تلك الآثار التي لم نكتشفها بعد، وتدميرها بالكامل قبل أن تخرج إلى النور ثانية إذا ما اكتشفناها».
ويعتقد أن المدينة التي تعتبر من مدن السجل الملكي الأول هي مدينة الخليقة بحكايتها الأسطورية حيث سجلت المدونات أن الاتصال الأول بين الآلهة والأرض تم في مدينة أريدو ..
وقد كشفت الأثريات أن الأستيطان السكاني في أريدو يعود إلى حوالي 5000 عام ق . م حيث أظهرت الحفريات التي قامت بها البعثات الأثرية في القرن الماضي أن المدينة مكانا قديما لنمط التحضر الأول في العمران حيث بيوت المدن الأولى بتصميماتها المربعة وساحة البيت وبهذا تكون اريدو مكانا للاستيطان المدني الذي مكنها لتكون مهبط الملوكية والمكان الأول لرؤية الزراعية في نمط الحقل كما أظهرت موجودات الحجر والصوان والتصورات البدائية الأولى كما كشف في اريدو الشكل البدائي للبيت المقدس ( المعبد ) وعدت هذه الحاضرة السومرية المكان الأول لهكذا نمط من الأبنية القداسية التي تمت بها العبادات الأولى .
احتفت أريدو بمجد مهد للكثير من رؤى التطور المدني في السلالات السومرية الأخرى وكانت هذه المدينة نقطة أنطلاق الوعي الأدراكي بالوجود السماوي وإنها كانت حاضنة للتبشير الحضاري الرافديني في شتى مجالاته ويرى كاتب مقدمة الموقع الإلكتروني ( IRAQ HOW ) أن هذه الريادة لمثل هذه المدن قادت الأمر فيما يختص التسلسل الحضاري لبناء وعصرنة المدن إلى التالي :
((يفترض الدارسون المحدثون إمكانية تقييم المجموع العام ل حضارة بلاد مابين النهرين القديمة؛ ولكن منذ أن نشرت مقالة العالم بتاريخ الآشوريين " بينو لاندزبيرغر" (1926 المفاهيم المميزة للعالم البابلي)، أصبح من الشائع جلب الانتباه إلى ضرورة النظر إلى بلاد مابين النهرين القديمة وحضارتها كوحدة مستقلة.
امتلكت بلاد مابين النهرين العديد من اللغات والحضارات؛ تاريخها مجزأ إلى عدة فترات وعصور؛ ليس فيها وحدة جغرافية حقيقية، وفوق كل شئ لا توجد عاصمة دائمة، فهي باختلافاتها تبرز متميزة عن باقي الحضارات ذات السياق الواحد.
تشكل النصوص والهياكل عامل توحيد، ولكن حتى في هذه تظهر بلاد مابين النهرين ميلا إلى التعددية والتنوع. جرى تصفح العديد من الوثائق المكتوبة والعديد منها غالبا من نص واحد فقط.
احتوت الهياكل على أكثر من 1.000 معبود، حتى وان تطابق العديد من الأسماء المقدسة على قائمة أسماء مختلفة لآله واحد. خلال 3000 سنة من حضارة بلاد مابين النهرين ولد كل قرن القرن الذي يليه.
لذا فأن الحضارة السومرية التقليدية قد أثرت بالحضارة الأكدية، وإمبراطورية أور الثالثة، والتي مثلت بذاتها مركبا سومريا اكديا، والذي ظهر نفوذه في الربع الأول من الألفية الثانية قبل الميلاد ))..
أذن من نسغ هذه المدينة المقدسة أريدو امتدت بدايات الطين المفخور لتتحول إلى سننا ومدنا وعلوم وطبائع حياة تنظر للواقع بروح العقل .
وقد ادخل فيها الإله انكي روح تصور الخلق في بدءه للتشكل البذرة الأسطورية والتي تحولت فيما بعد بتطور الكتابة إلى واحد من اشهر وأعرق أنماط الكتابة الأدبية حيث تذكر المدونات الباقية من هذه المدن التي جاءت امتدادا لروح أريدو وملوكيتها الأولى إن هذه المدينة كانت تشكل بقدمها ووجودها المميز على نهر الفرات قبل أن يبتعد بضفافه عنها بفعل عوامل التعرية تشكل ملهما روحا ودينا وثقافيا للكثير من تناظرات الحياة ووقائعها وخليقتها حيث كان الإله انكي يمثل في هذه الأساطير وهو الإله الأوحد لمدينة الوركاء صورة المتحكم بالوجود وأشياءه وهو يجلس على كرسي النور وبيده صولجان النار وهذا يتمثل في الكثير من الأساطير ومنها أسطورة انكي وننخورساك وفيها ما تصوره الإنسان الرافديني عن وجود الفردوس المفترض ( جنة دلمون ) :
((ذلك المكان طاهر
ذلك المكان أكثر لمعانا
الغراب لا ينعق في دلمون
الأسد لا يفترس
الذئب لا ينهش الحمل
ومريض العين يقول
أنا لست مريض با لعين
والذي يشكو من وجع الرأس
يقول أنا لااشكو من وجع الرأس
والمرأة العجوز
تقول أنا لست عجوز ا
المغني لا يطلق نواحا ))..
كانت أريدو تمثل للمكان الأصل ويبدو إنها كانت مهبطا حتى للأفكار التوحيدية الأولى مادامت سنن الملوك وتواريخهم قد بدأت فيها وحتى أسطورة الطوفان فأنها قد أشر إليها ضمن الفترة الأريدوية والتي طورت فيما بعد عندما تطورت الحكاية كتابة وفنا لكن معظم الذي توارثته السلالات السومرية على امتدادها هو من ارث تلك المدينة وما تركته من تأثير على المدن الناشئة في حداثتها والقريبة منها مثل أور وأوروك ولارسا وابسن ولكش وتلو وغيرها من المدن الأخرى .
احتفظت اريدو بمكانتها المهمة والمقدسة ردحا طويلا من الزمن ثم أنحسر مجدها نتاج تغيرات تاريخية واستيطانية ومناخية وصارت فيما تلتها من عهود مجرد مكانا ينظر إليه إلى انه كان يمثل أرضا للهبوط المقدس وكان في عهد سلالة أور الثالثة ينظر إلى اريدو إلى إنها مدينة لها هيبتها رغم أن سكانها قد قلوا وأبنيتها بدأت تنحني للتغير العمراني والمعابد الهائلة والكبيرة والزقورات الشاهقة التي شيدت في عهد أمير سلالة أور الثالثة أور ـ نمو الذي في زمنه قام السومريون في أوروك ولربما في مدن أخرى بذات الحجم بالعيش حياة المدن والتي يمكن تخيلها كالأتي: معابد ومناطق سكنية؛ زراعة مكثفة، تربية المواشي، وصيد الأسماك، وزراعة أشجار النخيل مشكلين بذلك أعمدة الاقتصاد الأربعة الرئيسة؛ وصناعات عالية التخصص تمثلت بالنحت ونقش الأختام والتعدين والنجارة وبناء السفن وصناعة الفخار وعمال القصب والأقمشة.
كان البعض من الشعب يمون بالأرزاق من قبل نقطة مركزية للتوزيع، والتي أغاثت الناس المحتاجين بتامين احتياجاتهم من المواد الغذائية الرئيسة مقابل عملهم يوميا لمعظم أيام السنة. وقد أدامت المدينة ارتباط تجاري فعال مع الأراضي الأجنبية. ))..
كان أهل أريدو من مستوطني المكان يمتلكون ريادة التفكير الجديد لفجر السلالات وهم قوم سكنوا المكان نتاج هجرة قادمة من أماكن أخرى إذ وفر المكان لهم الماء والزرع ولهذا حولوا هاجس القرية إلى هاجس المدينة الكبر كما إنهم ابتكروا لتطلعهم السماوي آلهة ووضعوا لها شروط الأنشطار في مسميات أخرى من انكي إلى انو إلى سين إلى الرهط الأخر من آلهة سومر حتى سقوط مملكتها الخيرة في مأساة إحراق مدينة أور في زمن آخر ملوكها آبي ــ سين .
وكانت هيبة هذه المدن تظل شامخة حتى بعد موتها والدليل أن المنتصرين كانوا يحملون آلهة هذه المدن إلى مدنهم كي يعبدوها كما فعل العيلاميون حين نقلوا أله مدينة أور ننار ( آله القمر ) إلى مدينة سوسة وتم اعتماده هناك إلها للمدينة .
كانت اريدو مستوطنة حافلة بالحركة والنتاج وكانت مدينة نظمت حياتها على أساس إنها نقلت أخرى من انتقالات العصور من صفة إلى أخرى وهي كما أكد البحث التاريخي مدينة للكشف الجديد الذي ميز الحياة الأخرى للمستوطنات ونقلها إلى أفاقا جديدة من النشوء الحضاري وهذا ما ذكرته الكتابات التي تحدثت عن دور المدينة واصالة وعيها التاريخي والحضاري :
((فان أول دليل على النقل المائي ( هو نموذج لزورق وجد في مقابر يعود تاريخها إلى ما قبل التاريخ في اريدو، في أقصى جنوب بلاد مابين النهرين 4000 ق م) وتطور الطين، فان أكثر علامات التقدم إثارة للإعجاب هو تسارع تقدم الزراعة.
إن أفضل مكان لمتابعة ذلك هي مدينة اريدو والتي كانت مركز عبادة الإله السومري أنكي. الضريح من فترة العبيد وهو بالأساس مكون من غرفة واحدة من بناء مستطيل بقياسات 40 x 80 قدما على ممر صناعي، فيه مائدة للقربان ومذبح القرابين الذي يستند إلى جدران قصيرة وممرات على كلا الجانبين وبواجهة منقوشة بكواة. يقع هذا المعبد على سدة، ويحتمل أنها كانت قد صممت لحماية البناية من الفيضانات، وتعتبر عادة النموذج الأساسي للمنشآت الدينية والتي تحولت بعدئذ إلى زقورات في بابل.
إن المعبد في اريدو هو نفس المكان الذي تقع فيه زقورة أنكي في عهد سلالة أور الثالثة ( 2112 – 2004 ق م) لذا فان ممارسات العبادة لابد وان تكون موجودة في نفس البقعة لما لا يقل عن 1500 – 2000 سنة قبل أور الثالثة نفسها. وبالوقت الذي يعتبر هذا الأمر ملفتا للانتباه فانه لا يمكن تبرير افتراض استمرارية التقاليد العرقية.
إن ازدهار فن العمارة وصل إلى القمة في المعابد ( أو قاعات الاجتماعات) لاوروك والتي بنيت في حوالي الألفية الرابعة إلى الألفية الثالثة ))..
إن أريدو المدينة المختارة ظلت عبر أرخنة الزمن تمثل نقطة الضوء في تفكير الميثولوجيا التي ولدت من رحمها في انكي لتكون هذه المدينة حاضرة الكشف والبدء الأول لنبؤة الحرف وصلة الوصل بين الأرض والسماء . لتولد كواحدة من أقدم مدن الأرض المصنوعة من رغبة اله وليس رغبة بشر حيث تظهر في أسطورة انكي المدينة المصنوعة بأصابع الآلهة ورغبتها :
((بعد أن تفرقت مياه التكوين،
بعد أن ظهر اسم البركة في السماء،
بعد أن غطت الأعشاب والنباتات وجه الأرض،
ربُّ الأعماق، الملك إنكي،
إنكي، الربُّ الذي يقرِّر المصائر،
بنى بيته من فضة ولازورد.
بعد ذلك يتوجَّه إنكي إلى نيبور، مدينة إنليل، ليحصل من هناك على بركات أبيه. وبعد أن يتلقَّى إنليل هدايا ابنه، يقف بين الآلهة ويشيد بمدينة أنكي:
قال إنليل لآلهة الأنوناكي:
"أيها الآلهة الواقفون من حولنا.
لقد بنى ابني بيتاً، الملك إنكي بنى إريدو،
وكجبل رفعها فوق الأرض،
وفي مكان طيب أقامها.
إيريدو، المكان الطاهر الذي لا يدخله أحد،
بُنِيَت بفضة وزُيِّنت بلازورد،
وبيته في عهدة القيثارات السبع كُرِّس للتراتيل ))
وهكذا تولد المدينة وتعيش ثم تندثر ومن بين المدن من تترك صدى وجودها بين العصور لتصير شاهدة على أصالتها وارثها الذي لا يمكن نسيانه أو محوه أبدا .....
بين قصتي ولوحة محمود شوبير ( بحيرة الوجع ) نعيم عبد مهلهل لايوجد علاقة بين قصتي ولوحة الصديق الفنان محمود شوبير والمسماة (( بحيرة الوجع )) ، ولأن الأدب والفن في ازل المتلازمة بينهما يسمحان بالتأويل وأفتراض المتقاربات ، لهذا يكون بمقدوري أن أسمي البجع وجعا حين تغيب ذكرياته ،ونحتاج لنجيء بفروسية أزمنة الذكريات لنجعل الوجع صدى ذائقة السماع فينا وومتغيرات زمن أتت اليه العولمة لتبني فينا هواجس جديدة ، نفعتنا في امكنة واضرتنا في امكنة اخرى ، وربما وجع لوحة شوبير من بعضها .
بعدما تعرفت عليه شخصا وفناً لأجده موهبة مميزة في محاولة الابتكار وتحويل اللوحة الى قراءات وليست مشاهدات فقط . في لوحة محمود شوبير تجانسا رومانسيا بشكله الحذر وحتى المتشائم مع عنترة المتوثب في سواد شكله ونبؤاته ،فهو هنا يرضى أن تكون عبلة هي اميرة جايكوفيسكي التي تعيش التحولات بين أن تكون اميرة ساحرة او بجعة طائرة ، ويرضى عنترة ليكون اميرها الذي عليه أن يجعل سيفه واحلامه نضالا للحصول على عبلة البجعة... عند تلك اللوحة استعيد ذكريات هناك وأشعر أن محمود شوبير رسم تلك اللوحة الفاتنة والمعبرة لأجل أن يؤكد لنا ان المغاير قد يحسسك بالجمال اكثر من المطابق ،لهذا مع قصتي هذه أحاول ان افترض خيطا من اللقيا والتخيل أن بطلة قصتي ( ناتالي ) عندما انهت رقصتها على ضفاف الأهوار ذهبت لتقف أمام لوحة الفنان محمود شوبير وتتأاملها وتفسرها بذائقتها وثقافتها واحلامها..
تعرف اهل الناصرية في السبعينيات على وجوه المئات من الخبراء والعمال الروس الذين كانوا يشيدونَ المحطة قبل تشغيلها ، وكنا نقترب منهم دائما ونسألهم بحماسنا اليساري عن موسكو ورفاة لينين والساحة الحمراء وروايات غوركي ولكنهم لم يردوا سوى بالابتسامة ويبدو انهم نصحوهم ان يبتسموا فقط. لكني تعرفت عليهم أكثر حين كانوا يأتون الى سوق الصابئة ( الصياغ ) ليشتروا السلاسل ومداليات الذهب الايطالي ، حيث يندر وجوده في الاتحاد السوفيتي ، وكنت قد تعرفت أثناء ترددي على محل أحد الأصدقاء المندائيين على عائلة المهندس فكتور جوفيسكي وزوجته راقصة الباليه السابقة في فرقة البولشوي الروسية ( ناتالي جوفيسكي ) وقد رافقت زوجها الى هنا بعد أن توقفت عن العمل اثناء التواء كاحلها في التدريب . تعرف الزوجان على صائغ مندائي واقترحا عليه القيام في نزهة الى اهوار الجبايش .
وحين وصلوا هناك سحر جوفيسكي وزوجته بجمال المكان وقد تفاجئوا بقرى القصب وبيئة الماء واسراب الطيور وحين ركبوا الزوارق ضحكوا كثيرا وسعدوا انهم يركبون في زوارق كان قوم نوح يصنعون مثلها . تمتعت ناتالي بهذه الطبيعة الفريدة وتمنت أن يجيء مدير فرقتها ليستوحي رقصات باليه الفرقة في موسمها الجديد من مشي نساء المعدان وهن يحملن عشرة أوانٍ على رؤوسهن دون أن تهوي على الارض ،وقد كان الصوت عذبا في غناء الصيادين وهم يدفعون قواربهم مع ايقاع منتظم لحركة الموج وازدادت سعادتها حين مرت خمس بجعات فوق غابة القصب فصاحت : آه جايكوفسكي هنا في مدن الآلهة السومرية ، سأجعل من ضفاف هذا الشاطئ مسرحا وسأؤدي لكم رقصة من رقصات باليه بحيرة البجع. كان المنظر مذهلا عندما رفعت ناتاليا تنورتها وراحت تؤدي رقصات جميلة اثناء طيران البجع فوق مياه الأهوار الخضراء ، فيما كان رعاة الجواميس من المعدان ينظرون اليها بدهشة وحب واعجاب....!