في بيتِنا القديم
كانت أيامُنا تخرجُ مسرعةً من ساحبةِ الهواءِ
مختلطةً برائحةِ الرزِّ
لتحلِّقَ بعدَها ضحكاتُنا و أرواحُنا مثل طائرةٍ ورقيةٍ
حدائقُ من زجاجٍ ونكهةُ حوانيتَ مدرسيةٍ
ولوحاتُ أسماكٍ وطيورُ ماءٍ
مدارسُنا التي غابَ عنها دفترُ معانيها
وإندثرتْ جداولُ ضربِها
كان أبي ينامُ على صوتِ مذيعِ ال بي بي سي وهو يَحلُمُ بيومٍ للبعثيين
وأن لا تطولَ حفلتُهم
أكثرَ من الزعيمِ
العراقيون يقتنون الراديو ليستمتعوا بالثوراتِ وسحلِ قادتها
وعيونُهم على البلديةِ وسجلاتِ التجنيدِ
ليتشفَوا بكلِّ الحُراسِ
ويحزَنوا على حرقِ محلاتِ العرقِ وعرباتِ المخلَمةِ الخافرةِ .
السكارى وحدَهم هم الذين يفتتحونَ الحياةَ ببيضةٍ مسلوقةٍ ويَخيطونَ
أوقاتَهم على الأرصفةِ الشاغرةِ
هم لا مأوى لهم سوى أرائكِ المقاهي وصناديقِ الشايِ الفارغةِ
عندما كانت المخابزُ فنادقَ المهمشينَ
ورائحةُ نفطِها هي قهوتُهم التي
تُلطِّخُ أيامَهم بحروبٍ خمسِ نجومٍ