31 Jan
31Jan

حاول الشاعر (شكر حاجم الصالحي) أن يواكب المنجز الشعري لـ(موفق محمد)، الذي أهداه الى (د.مالك المطلبي)، مبتدءاً بمقولة (محمود عبدالوهاب)، بأن (الفجيعة) تتحقق حين (يعي) الانسان، فاجعته.

عنوان الكتاب (شاكيرا تراقص موفق محمد)، الذي يحتوي (قصائد) متنوعة، منها: (هذا قبر المرحوم) وفيه: (كلنا جثث، تسير الى حتفها) (...) (فأنا مثلك أتشظى رعباً، وأعبر في المرايا، كي أراك، ولا أراك) (...) (فلا فرق بين كأسك ورأسك، فكلاهما متشحان بالبياض، ويؤطرهما السواد).

وبمستوى دلالي، وتعبيري، في قصيدة (يا أيها المتقرفص في المرآة)، بمستوى (الكوميديا السوداء)، التي تعبّر عن لمسات حال، الشاعر، وهو يرى (أحلامنا، فجائع وخسارات، أُثقلنا بها، أيام العهر، والموت المجاني) (ص11). وهو يرثي عطب جسده، الذي بات، لا يصلح للحياة.

ثم ينعطف الشاعر، في قصيدة ( مخدّة العصافير) المكتوبة (باللهجة الشعبية)، بتمكّن جمالي بقدراته اللغوية، المتعالية على (حوشي الكلام)، بحساسية، وخيال جامح. (ص23) وهو يرمي جمرة شعره بوجوه الظلاميين، وخرافاتهم.

تضمنت قصيدة (الكوميديا العراقية)، شجاعة البوح، بلغة أنيقة، وهي تشخص (الاوجاع) و (الاستلابات) المهيمنة على ذاكرة الشعب الجمعية، بانتقالات (عروضية)، وانتقالات ايقاعية (ص33).

ثم يتوقف (الكاتب شكر حاجم) عند (ذروة) قصائد (الشاعر موفق) بما تمتلكه من معاناة مأساوية، وهي مرثية "لمدرس" يلقي محاضرة (الدرس الأخير)، برغم ضجيج (الجرس) الذي يصمّ أذنيه. وبذلك (تنتهي) رحلة (موفق) الخاسرة، وهو يترك، أثراً تربوياً في قلوب طلبته.

ربما جمعت الأقدار، ما بين موفق، وناجح المعموري، الذي كتب (قبعة موفق محمد)، في كتابه عنه، ومعهم (شكر حاجم)، وهو يدون هذا الكتاب، ويرى أن (قصيدة) (المفتاح) يوظّف (الغناء الشعبي) ليعبّر عن مشكلات الواقع محرضاً على التصدي، لقوى، الظلام والجهل والقتل على (الهوية)، بعد مرارات الحروب والكوارث)  (ص52)، هادفاً، فيها، الى صيانة كرامة البشر، ومقاومة (الطغاة).

يرسّخ الشاعر ما كابده من آلام في قصيدته (إلك بيّه نياشين)، وهو ينعى (فلذّة (كبده، الغائب) بنشيج أبوي ملتاع) (ص66).

وفي استحضار الأمكنة (الحليّة)، التي استأثرت، بتوظيف ما حفلت به من ذاكرة فولكلورية شعبية، تصطخب فيها الأغنيات، والأمثال، كما تمثلها (كازينو الجندول) التي باتت ترميزاّ ثرياً، لما تحتويه القصيدة من (هذه المدرسة) التي اتسعت لتضمّ (ساكنيها باختلاف ألوانهم ومشاربهم، لكن الوطن، ابتلي بالجهلة)(ص80).

وحين تدهم الشاعر، في (شط الحلة)، يحيلنا، الى مدائن الحضارة البابلية، وهي من أقدم الحضارات الانسانية (بأطلالها، وتراتيل معابدها) بحاضر ((لأمّهات، مفجوعات بموت الأبناء، في حروب سالفة. و(الشط) هنا، في "نص"، عنيّ (بأشجانه)، في زمن القهر والقتل والاستبداد))(ص95).

ثم (ينعطف) المؤلف، (شكر حاجم) لما تدلّ عليه، ابداعياً، حضور (المغنيّة: شاكيرا) موظّفاً اياها في (تناص) مع (سيّدات زحل) وهي (رواية) لـ(لطيفة الدليمي). محاولاً، الشاعر (موفق) الى اقتران فواجع تاريخية ورثها العراقيون، منذ القِدم (مع حاضر (كارثي) بلافتات سود، وقتلى، وشهداء، وخوف الأمّهات)(ص106). يتلاقح في القصيدة، الفصيح، مع الشعبي (العامي)، متوازياً مع جمال (شاكيرا) الباذخ، لتطرز جسدها بحبّات السنابل، وترضع حليب البلابل، جامعاً ما بين (صوت شاكيرا)، و(دموع أمّه)، التي توقد، بدموعها، لـ(شاكيرا) التي منحتنا البهجة، والسمو)(ص109).

"وأراني غافياً، تحت شجرة شاكيرا، بعيداً عن الجبابرة المتهارشين، والعراق بشعبه، وسمائه، يُهرس تحت أظلافهم)(ص118).

في حفريات (الكاتب)، بشعر (موفق)، (يخلص) الى أن (شعره)، وإن كتب بلغة عربية، فصيحة، فهو بمجمله (شعبي)، بروحه وغنائيته.

الكاتب يثبّت قصائد (موفق) ويختمها، بانتظار؛ (غيمة مليانة حنان (..) غيمة من جفت الشمس، تشرب غرام، غيمة تتطاير، حمامات، وسلام) (ص158).


* شكر حاجم الصالحي/ شاكيرا تراقص موفق محمد/ ط2 – 2022- دار الفرات – بابل.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن