01 Apr
01Apr

كتب : عبد الامير المجر 

اعترف، اني لم اتعرّف الى د. علي حداد، لاشخصيا ولاثقافيا، بشكل جيد الاّ بعد نحو عقد واكثر ، كونه غادر منذ مطلع التسعينيات الى اليمن ليمارس التدريس في جامعاتها .. لكن لمعرفتي به (ناقدا) وهو الشاعر المبدع ايضا، حكاية طريفة، حصلت حين كنت اعمل محررا في مجلة الاقلام ، ورويتها له بعد حين ... ففي احد ايام دوامي الرسمي، وكان الوقت صيفا والمكيّف عاطل في مكتب المجلة، كلفت  بقراءة مادة ستنشر في العدد (القادم) من المجلة ولابد من (تصحيحها) والتصحيح هنا يأتي لما يحدث من اخطاء عند التنضيد .. المادة كانت (نقدية) وتحديدا عن قصيدة (الكوليرا) ل نازك الملائكة وكان كاتبها د. علي حداد .. ومضطرا لامختارا! اخذت المادة وجلست في غرفة اخرى تابعة لمكتب المجلة .. وكانت طويلة جدا! فتأففت وتذمرت، لكن لابد لي من قراءتها ودفعها للمصمم .. كان الحر شديدا حقا وانا وحدي في الغرفة التي كانت اشبه بالفرن! وبدأت اقرأ .. ربما يكذبني البعض ويرى في كلامي هذا مجاملة للكاتب، لكني اقول وبصدق سحبني الكاتب وبقوة سحرية ورحت اقرأ وقد تناسيت الحر تماما، وشعرت منذ بداية المادة كأني لم اقرأ هذه القصيدة الشهيرة من قبل !! ورحت اقرأ الصفحات الكثيرة من دون ان اشعر بالعرق الذي كان يتصبب مني، حتى اتيت عليها وانا اشعر بنشوة واكتشاف غير مسبوق لمحتوى هذه القصيدة! .. وايضا وبلا ادنى مجاملة .. احببت كاتب المادة الذي لم اتعرّف اليه ولم أره ..! بعد مدة جاءتني احدى الزميلات في الدار تقول لي ان ضيفا جاء ل(الاقلام) فاستقبلنه بطريقتي القروية! ولم اعرف انه د. علي حداد الذي تسبب في سباحتي بالعرق!!! فكانت تلك بداية تعرّفي بناقد وصديق  سأعرف اهميته أكثر لاحقا ..  لقد قرات له مواد نقدية اخرى ووجدت انه يقف في صف الكبار بصدق .. مع لحاظ اني انسان بسيط ولايعتد برأيي، لكني اقول وبما تمليه عليّ ذائقتي البسيطة ان د. علي حداد في عمقه ودقته وهو (يتصيّد) بين ثنايا النصوص التي يتناولها، يعد واحدا من ابرز النقاد العراقيين والعرب (الذين قرأت لهم) ... قبل مدة اهداني كتابه ( ذلك من تأويله) .. وجاء بستة فصول .. تناول فيها (مسارات التمثيل والاشتغال في المنجز العربي ) و (التعليق في القرآن الكريم – سورة يوسف- مثالا) و( محددات التعليق المستعادة في - رسالة الغفران-  للمعري ) و (التعليق في الف ليلة وليلة) و (التعليق في الشعر الحديث –انشودة المطر- للسياب، انموذجا) والفصل السادس الذي لم اقرأه بعد! ( التعليق في الشعر العراقي الجديد – فرح دوسكي - مثالا).

لم يدهشني في هذه القراءات فقط، بل ادهشني من قبل بدراسة مطولة قراتها له في مجلة تصدر عن جامعة بغداد( لايحضرني اسمها) وفيها دراسة عن المعلقات .. ومرة اخرى اقول، اكتشفت في تلك الدراسة ما لم اعرفه من قبل، وكان ذلك من استنتاجاته البحثية الرصينة التي دعتني لأن أعرب له عن اعجابي به في حينه، حيث كنا  قريبين من بعضنا في الدائرة! 

د. علي حداد الذي ترأس تحرير مجلة (المورد) التي تصدر عن دار الشؤون الثقافية  لسنين، يستحق وبجدارة ان تناط به مسؤولية ثقافية تليق بمقامه .. لوعيه النقدي المتقدم ولجديته وصدقه مع نفسه .. 

اتمنى وبصدق ان لايفهم كلامي هذا على انه مجاملة، ومن يشكك برأيي ليقرأ الدراسات التي اشرت اليها ليتأكد بنفسه ...!   

كان لثلاثة من اساطين النقد العربي هم ... أ.د حاتم الصكر و أ. د سمير الخليل وأ.د فاضل التميمي .. كلمات قصيرة عن الكتاب في الغلاف الاخير .. تغني عن سطوري الفقيرة هذه ..!

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن