الشاعر : حسين هليل
كنتُ ليلاً حينَ حزنُ الأرضِ
داراحولَ عَيْنَيَّ فأصبحْتُ نهارا
وَ تَطَهَّرْتُ بهِ مِنْ كلِّ سوءٍ
عدَّ قلبي للضَّلالاتِ مزارا
لمْ أكنْ أحسَبُهُ سرَّ اشتعالٍ
قبلَ أنْ أُصبحَ تلميذَ الصحارى
أَخْبَرَتْنِي إنَّ للحزنِ إلهاً
أرسلَ الصحوَ كؤوساً للسكارى
فاتخذْ منهُ جناحاً لا يُسامى
واتجهْ صوبَ السماواتِ اختصارا
إنما الأرضُ وعاءٌ ليس فيهِ
غيرُ رأسٍ أدمنتْ هذا الدُّوارا
كِدْتُ أنسى ماءَ عمري كيفَ أضحى
بينَ شمسِ الوهم والحقِّ بخارا
من يقينِ الأمسِ أفْرَغْتُ جراراً
وملأْتُ اليومَ من شكّي جرارا
الأعاصيرُ تَسَلَّتْ برمالي
فتداعيتُ على بعضي جدارا
ليْ حكى شيخُ الأساطير حكايا
عن صغيرٍ عشقَ الريشَ فطارا
قلتُ في نفسي: هنيئاً يا صغيرا
افزتَ بالأفقِ وصَغَّرْتَ الكبارا
ليسَ صعباً أنْ يصيرَ المرءُ طيراً
إنْ لِمعناهُ السَّماويِّ أشارا
إنْ رمى أثقالَه مِنْ شاهقٍ ثمَّ
من الرِّيحِ جناحينِ استعارا
قالَ مِسْكينٌ تشظى بينَ قومٍ
حسِبوا التحليقَ طيشاً وانتحارا
ونزولَ الدَّمعِ عيباً وانحلالاً
وعناقَ الحزنِ ضعفاً وانكسارا:
حطباً كانَ اتّزاني ووقاري
والتخلي عن جنوني كانَ نارا
قبلَ أنْ أُؤْوِيْ دمي آويتُ حزني
حينَ كانَ البحرُ لا يُؤوي محارا