تناول الكاتب والمترجم العراقي محسن الرملي في معرض الشرقية للكتاب في السعودية، التاريخ الأندلسي، رافضاً اعتبار إسبانيا هي الأندلس. ورأى أن أي عمل أدبي يخلو من الخيال لا يعد رواية أو قصة، وإنما وثيقة مذكرات أو سيرة ذاتية، وبالتالي لا يصلح أن يكون الفن واقعياً مئة في المئة، "لأننا نحن كفنانين نخلق واقعاً مختلفاً أو على الأقل نعيد تشكيله، أما الوثائقية فلا تعد رواية".
رفض الرملي في حديثه عن كتاب "لهذا نكتب الروايات" ضمن نشاطات معرض الشرقية للكتاب اعتبار إسبانيا هي الأندلس، كون إسبانيا هي إسبانيا، والأندلس هي أمة وإقليم.
وقال: "لهذا أنا أعيش فيها وأعرف تفاصيلها، ودائماً ما يتساءل البعض، لماذا لا أكتب رواية عن التاريخ الأندلسي، فأنا لا أميل إلى الرواية التاريخية، لاعتقادي أن الإبداع فيها قليل، فأين الإبداع في جمع معلومات عن شخصية معينة أو زمن معين ثم تكتب رواية تاريخية، عدا عن أنك لا بد أن تكون شاهداً على عصرك... يعني الأندلسي كتب عن نفسه كابن زيدون وابن الطفيل بأدوات زمانهم".
وأضاف الرملي "في رأيي أن الكاتب هو شاهد على عصره، فلماذا أنبش في التاريخ وأختار شخصية تاريخية بزمانها وأحداثها ومعلوماتها، ثم أقوم بترتيبها؟ أنا هنا أقول: لا، أنا ابن عصري، أكتب عن إسبانيا اليوم، فأنا كعراقي موجود هناك أو عربي أتناول إشكاليات الهوية، أي الإشكاليات الاجتماعية. أرى هذا أكثر جدوى"
وعن مدى تأثر رواية الأديب الإسباني ميغيل دي سيرفانتس بالعربية، أجاب أن "في اللغة الإسبانية هناك أكثر من 2500 كلمة من أصل عربي، لكن في قاموس الأكاديمية الإسبانية للغة توضع بعض الكلمات بين قوسين إذا كان أصلها عربياً أو تركياً". وتابع: "عدا عن ذلك، فإن سيرفانتس سُجن في الجزائر لمدة 5 سنوات، وهناك كلمات سمعها من العرب مباشرة، والبعض يقول إنه كان يعرف اللغة العربية، لكنه في الحقيقة لم يكن يعرفها، فبسبب الحروب والصراعات والقرصنة والتبادل التجاري حول البحر المتوسط اخترع القراصنة والمتحاربون من عثمانيين وإسبان وطليان وتوانسة وجزائريين لغة بسيطة سُميت "فلامينكا"، وهي مزيج من التركية والعربية ليتفاهموا بها، وهو كان يعرف هذه اللغة، وانتهت بانتهاء الفوضى حيث استقلت الثقافات".
وأشار إلى أن "نظام الفروسية في الغرب يختلف عن نظام الفتوّة في الثقافة العربية، فمعروف أن الفرسان في الغرب كانوا لحماية الإمبراطور، ولا بد أن يكونوا شجعاناً وأقوياء ومدربين، ويزكيهم الإمبراطور لحماية السلطة والأرستقراطية، والدفاع عن الكنيسة، ويجب أن تكون دماؤهم زرقاء ولا يهم أن يكون الشخص متزوجاً أو غير متزوج، بينما نظام الفتوة في الثقافة العربية كان لها شروط جميلة، أهمها أن يكون ناضجاً. عندما تقرأ مخطوطات وكتب الفتوة في العالم العربي تجد أنه لا بد أن يكون ناضجاً وشاعراً أو يحفظ الشعر، وأن يكون متزوجاً أو عاشقاً، وإذا لم تكن لديه حبيبة يخترعها، تجده مثلاً في شعره يتكلم عن سلمى، وفي الواقع سلمى غير موجودة أصلاً".
وأوضح الرملي "أن هدف الفتوة كان للدفاع عن الفقراء والأيتام والمساكين والمحتاجين وحماية الضعيف".
ويشار إلى أنه صدر للرملي أكثر من عشرة إصدارات تتنوع بين الرواية والقصة والشعر والترجمة، ونال العديد من الجوائز العربية والعالمية.