في الذكرى السنوية الأولى لرحيل عميد الأدب الشيوخي حسن الشنون
كتب : الشاعر اجود مجبل
مَجدًا لِمَنْ يبقى إلى الرُّبعِ الأخيرِ مِنَ الروايةِ
وهو يرفضُ أنْ يُغادِرْ
رَغْمَ احتراقِ المَسرحِ العَبَثيِّ
في قَرطاجةٍ
وهروبِ شُبّاكِ التذاكِرْ
ومُمَثّلينَ بغيرِ أدوارٍ
وجمهورٍ بِجَلّاديهِ مَخدوعًا يُفاخِرْ
الحَمدُ للنخلِ الذي يُلقي الظِّلالَ
على وجوهِ القادمينَ مِنَ الخسائرْ
وإذا يموتُ يَمُدُّ مابينَ الضِّفافِ جُذوعَهُ
ويصيرُ لِلُّقيا قَناطِرْ
فُيُطَمْئنُ العُشّاقَ حِينًا
أو يُعَوِّذُ بالهوى أقدامَ عابرةٍ وعابِرْ
.........................
سنقولُ عنكَ لهذهِ الأوراقِ
أنتَ نديمُها القَلَميُّ
والحِبْرُ المُثابِرْ
وكما يُغَيِّرُ مِنْ نِهايةِ مَسرحيّتِهِ المُؤلِّفُ
شاطِبًا ما في الدفاتِرْ
مُتَبَرِّئاً مِنْ أحرُفٍ مُنصاعةٍ
ومُجَنِّبًا أبطالَهُ سُوءَ المَصائرْ
كنتَ الحياتيَّ الأكيدَ بِقريةِ الأمواتِ
والقلبَ الحُروفيَّ المُغامِرْ
كمْ قُلتَ للشعراءِ حينَ تَوَرَّقُوا :
هُمْ هكذا الوُعّاظُ لن يَثِقوا بِشاعِرْ
.........................
لَيلُ الفَرائسِ قاتلٌ مُتسلسِلٌ
حتى النجومُ هناكَ تَلمَعُ كالخناجِرْ
حُزنٌ على القُفلِ المُعَلَّقِ في القصيدةِ
مِثلَ حُزنِ مُدَخِّنينَ بلا سَجائرْ
ماتَ المُعلِّمُ
وانقضى زمنُ الرُّواقيّينَ
وانسدلَت على الماضي سَتائرْ
ماتَ المُعلِّمُ في هُدوءٍ
واختفى فَمُهُ
ولكنْ صوتُهُ ما زالَ هادِرْ
للآنَ يَدعونا إلى شايِ الصباحِ
ووَجبةٍ مِنْ ذكرياتِ فتًى مُسافِرْ
جابَت خُطاهُ البرقَ في آسيا
ورافَقَ بَعضَ حَصّادينَ ساروا للبيادِرْ
يمضي بِقاربِهِ على الدانُوبِ
يبحثُ في قُرى البَلقانِ عنْ ذَهَبِ الضفائرْ
أو سائلًا مُتَزَلِّجينَ على جِبالِ الألْبِ
حيثُ الثلجُ قِدّيسٌ وماكِرْ
: هل في شِتاءٍ قادمٍ ستعودُ للأهوارِ
أسرابٌ مِنَ الطَّيرِ المُهاجِرْ ؟
هلْ رِيشةٌ سَقَطَت وراءَ الغَيمِ ،
يومًا ما سَتَرجِعُ حُرَّةً لُجناحِ طائرْ ؟
أمْ كيف ينجو مُستطيلٌ باسِلٌ
مِنْ بَعدِما دارَت عليهِ هُنا الدوائرْ ؟
..........................
ماتَ المُعلِّمُ ، يا تلامذةُ احمِلوا أوراقَكُمْ وامضُوا
فإنَّ الدرسَ شاغِرْ
............................
أجود مجبل / أيار / 2022