قلل المستشار المالي لرئيس الوزراء، الدكتور مظهر محمد صالح، من مخاطر وآثار العجز على الموازنة العامة للسنة الحالية، والتي من المؤمل أن تصل جداولها إلى مجلس النواب قريباً لمناقشتها، مؤكداً أن معدلات العجز مازالت في المساحة الآمنة للاقتصاد الوطني بسبب زيادة أسعار البترول الذي ارتفع بنسبة 15بالمئة عن السعر الرسمي المقر في الموازنة "الثلاثية" مشيراً إلى أن ذلك الأمر يعني أن "تمويلاً تلقائياً للعجز بات متحققاً" مبيناً في الوقت ذاته، أن البدء بتصدير نوع محدد من الغاز الطبيعي إلى الأسواق العالمية سيرفد الموازنة بإيرادت إضافية وعلى نحو يقلص من فجوة العجز المخطط.
وأعلنت وزارة النفط نهاية الأسبوع الماضي، عن تصدير شركة غاز البصرة أول شحنة من غاز البروبان "شبه المبرد، وبكمية بلغت أكثر من 10700 طن" مبينة أنها "تعد من الشحنات الكبيرة التي يتم تسويقها وتحميلها على ظهر الناقلات المتخصصة" في حين يرى مختصون أن تلك الخطوة مهمة جداً ومن شأنها تعظيم إيرادات البلد، فضلاً عن ضرورتها في تلبية الاحتياجات الداخلية.
وفي وقت سابق، كشفت اللجنة المالية البرلمانية، خلال استضافتها نائب رئيس الوزراء، وزير التخطيط، محمد تميم، عن أن إجمالي موازنة العام الحالي 2024، مبينة أنها ستبلغ نحو 228 تريليون دينار، في حين أشار تميم إلى أن "اللجنة الحكومية المختصة بمراجعة وتدقيق تلك الجداول تعمل على خفض العجز البالغ 80 تريليون دينار "لأنه يعد عجزاً كبيراً" .
وعلى الرغم من ارتفاع الرقم التخميني للعجز في موازنة العام الحالي، إلا أن المستشار صالح يرى خلال حديث لـ"الصباح، أن "موازنات العراق الاتحادية طوال العقدين المنصرمين بنيت على عجز افتراضي تحوّطي لمواجهة تقلبات السوق النفطية، إذ تماثل قيمة العجز المخطط أو الافتراضي بالغالب تخصيصات النفقات الاستثمارية، ذلك لكون النفقات التشغيلية ذات صفة حاكمة والتي تشكل الرواتب والأجور والمعاشات التقاعدية والرعاية الاجتماعية فيها قرابة 75بالمئة من الإنفاق التشغيلي، مبيناً أن الإنفاق التشغيلي نفسه يلامس 75بالمئة أيضاً من إجمالي الإنفاق الكلي" .
وبناء على ما تقدم، فإن صالح أشار إلى أن "تمويل العجز الفعلي في الموازنات السنوية و بمستويات تفوق النسبة المعيارية المقبولة للعجز البالغة 3بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد جاءت في سنوات استثنائية حصلت خلالها انخفاضات حادة في أسعار النفط، ما انعكس بشكل مباشر على إيرادات الموازنة التي مازالت تعتمد بنسبة 92بالمئة منها على عوائد الصادرات من النفط الخام.
ووفقاً للمستشار الحكومي، فأإن "أكثر فترتين زاد فيهما العجز الفعلي (يوم جرت فيهما اقتراضات داخلية وخارجية زادت على النسبة المعيارية المقبولة والبالغة 3بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي) هماً أبان الأزمة (المالية والأمنية) المزدوجة بين الأعوام 2014-2017 بسب محاربة داعش الإرهابي وتحرير بلادنا من دنسه، وكذلك في العام 2020 إبان الأزمة المالية خلال فترة كورونا.
ويرى مستشار رئيس الوزراء، أن أسعار السوق النفطية التي مازالت ترتفع حتى اليوم بمعدلات تفوق سعر برميل النفط المقر في قانون الموازنة العامة الاتحادية (الثلاثية) رقم 13 لسنة 2023 والبالغ 70 دولاراً للبرميل من النفط الخام المصدر، هي مؤشر إيجابي يؤكد زيادة أسعار البترول عن الرقم المقر في الموازنة بنسبة 15بالمئة، ما يعني أن تمويلاً تلقائياً للعجز بات متحققاً .
كما يؤكد المستشار صالح، أن "القدرات التصديرية المضافة في القطاع النفطي اليوم، لاسيما بتصدير نوع محدد من الغاز الطبيعي إلى الأسواق العالمية، لابد لها من أن ترفد الموازنة بإيرادت إضافية وعلى نحو يقِّلص من فجوة العجز المخطط لامحالة، مبيناً في الوقت ذاته، أنه إذا ما كانت هنالك التزامات من قروض تنموية مقدمة من صناديق ومصارف أوروبية وعالمية مختلفة وغير مسحوبة ويتم سحبها لأغراض المشاريع الاستثمارية المستمرة أو الجديدة لأغراض سدِّ النفقات الاستثمارية إضافة إلى بعض الاقتراضات الداخلية، فهي بالتأكيد لاتتعدى النسبة المعيارية المقبولة للاقتراض البالغة 3بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي أو حتى قريبة من ذلك، وعليه ففي هذه الحالة فإنه لا يعني أن الموازنة في حالة عجز مقلق طالما أن التمويلات تأتي ضمن نطاق الاقتراض الآمن من تحمل طاقة الدين البالغ 3بالمئة.