دعا رئيس الجمهورية السابق برهم صالح ،اليوم الثلاثاء، إلى إعادة النظر بخيارات الحكم، مؤكدا أن الوقت حان لتغيير التقسيم الحالي في السلطة.
و ذكر صالح في مقال نُشر في مجلة فورين بوليسي الأمريكية ، أن: "حكم الدكتاتور صدام حسين انهار، وأدى إلى حقبة جديدة للعراق والشرق الأوسط والعالم".
وبين صالح، أن "العراق لم يرق إلى مستوى التطلعات بعد خلاصه من الاستبداد، ولكنه قطع خطوات مهمة تمثلت بدستور جديد وستة انتقالات ديمقراطية للسلطة ، و آفاق اقتصادية أفضل".
و لفت، إلى أن: "عدم مشاركة نصف الناخبين العراقيين في الانتخابات الأخيرة علامة تحذير يجب أن تخضع لمراجعة جادة حول مسار البلاد".
و تابع: "ذكرت مرارا و تكرارا خلال فترة رئاستي للعراق، أن البلاد بحاجة إلى عقد اجتماعي وسياسي جديد يعزز الحكم الرشيد ويعيد بناء العلاقة بين الحكومة والشعب".
و بين: "دستور 2005 الذي كان إنجازا تاريخيا عندما تمت المصادقة عليه، بحاجة ضرورية إلى التعديل ليعكس الدروس المستفادة من العشرين عاما الماضية ويعمل على تحقيق الآمال في العشرين عاما القادمة".
و قال صالح: "العراقيون قادرون على الوصول لحلول وسط وفعالة للنزاعات المستعصية وإعادة النظر في خيارات الحكم وإنقاذها من المحاصصة المقيتة و الإمتيازات غير المشروعة"
و أشار صالح: إلى أنه "حان الوقت للنظر بجدية في تغيير التقسيم الحالي للسلطة من خلال منح سلطة تنفيذية أكبر لرئاسة يكون فيها الرئيس منتخبا مباشرة من الشعب، إلى جانب برلمان قوي و فعال ، بما في ذلك إنشاء مجلس الإتحاد الذي نص عليه الدستور و بقي بلا تطبيق.
و سيكون الرئيس ذو الصلاحيات غير مدين للتحالفات المتغيرة وأكثر قدرة على إنجاز الأمور، وتأمين الرقابة من قبل مجلسي النواب و الإتحاد".
و تابع صالح: "نحن بحاجة إلى إيجاد حل دائم لقضية الفيدرالية الشائكة، وإنهاء الخلاف المستحكم بين إقليم كردستان وبغداد القائم منذ تأسيس الدولة العراقية وحتى اليوم".
ونوه: إلى انه "خلال 20 عاما الماضية، فقدت بغداد وكردستان فرصا متكررة للتوصل إلى حل دائم يحترم وحدة أراضي العراق مع الحفاظ على الخصوصية الكردية، بسبب الغموض الدستوري والتناقضات القانونية وسوء الإدارة المالية جميعها غذت انعدام الثقة المتبادل".
وقال صالح: "هناك حاجة ملحة اليوم لإيجاد طريق للمضي قدما نحو مسارات تحفظ وتحترم حقوق ومصالح بغداد وكردستان وتعزز التعايش من خلال المواطنة الكاملة".
وأوضح رئيس الجمهورية السابق: "إحدى الرؤى ترتيب كونفدرالي جديد يحل القضايا الاقتصادية والسياسية والأمنية العالقة، ويؤكد على تحقيق المصالح المشتركة لبغداد وكردستان".
ولفت، إلى أن "حل الأزمة بين بغداد وأربيل سيفتح آفاقا أرحب نحو وضع أسسا رصينة على اللامركزية لمحافظات الوسط والجنوب من خلال انتخاب المحافظين مباشرة من قبل المواطنين، لتمكين الحكومات المحلية وجعلها أكثر تماسا مع الناس والتزاما بواجباتها ومحاسبتها عند الإخفاق".
وقال صالح: "إن ترسيخ سيادة القانون وجعله فوق الجميع خطوة أساسية لمكافحة آفة الفساد، ودون ذلك ستظل المساءلة والحكم الرشيد مجرد أحلام ضبابية".
وشدد بالقول: "أولى الخطوات الجدية لمكافحة الفساد هي العمل لاستعادة أموال البلاد المنهوبة والمهربة إلى الخارج، حيث يحتاج العراق إلى تشريعات وطنية ومساعدة شركائه الدوليين".
ونوه في المقال: "يجب على العراق إصلاح اقتصاده الريعي المعتمد على النفط الذي يوفر معظم صادرات البلاد وإيرادات الدولة التي أصبحت المورد الوحيد للوظائف والأموال بشكل بات يشكل عبئا على الدولة".
وأكمل: "لا بد من تعزيز التنوع الاقتصادي ودعم القطاع الخاص والتصدي للتحديات طويلة الأجل لتغير المناخ".
واكد: "يمتلك العراق موارد طبيعية غنية ورأس مال بشري متنوع وموقع استراتيجي مهم، بدلا من إهدارها يجب أن تكون عاملا لتنمية العراقيين ورفاهيتهم عبر تحسين مستويات المعيشية والخدمات".
وأشار: "يطمح العراق لأن يكون لاعبا رئيسيا في تعزيز الترابط لتحقيق الازدهار الاقتصادي لكل دول الشرق الأوسط".
ودعا رئيس البلاد السابق، إلى "الالتزام بسياسة خارجية سلمية تبتعد عن الصراعات والمحاور المتقاطعة، وتتجنب التدخل في شؤون جيرانها، وتجعل البلاد مركزا للصناعة والتجارة لكل دول المنطقة".
وبشأن العلاقات الخارجية، قال صالح: "يجب على بغداد وواشنطن التوجه نحو توسيع العلاقات الثنائية في مجالات السياسة والاقتصاد، بما في ذلك الاقتصاد والتعليم، وعلى النحو المبين في اتفاقية الإطار الاستراتيجي العراقي – الأمريكي".
وبشأن الحكومة الخالية، لفت صالح، إلى "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أكد في برنامجه الحكومي الالتزام بالإصلاحات الاقتصادية والدستورية، ويجب دعمه في هذه المساعي والتضامن لتعزيز عمل مؤسسات الدولة على أساس سيادة القانون".
وشدد بالقول: "لقد تعلم العراقيون الكثير من العشرين سنة الماضية، لكن العشرين سنة القادمة أكثر أهمية، يجب أن يكون هدفنا عراقا مستقرا وذو سيادة كاملة يعيش في سلام مع شعبه ومع جيرانه، ومركزا للنمو الاقتصادي الإقليمي وقوة للاستقرار".
وختم صالح مقاله: "يحتاج العراقيون لمناقشة رؤى مستقبلهم في بغداد وليس في أنقرة أو طهران أو واشنطن، ويمكن للعراق أن يحقق التجديد والأمل إذا تجرأنا على اغتنام الفرصة".