بعد تأجيله منذ عام جراء التوترات التي تشهدها المنطقة والعراق، تستعد البلاد نهاية الشهر لانعقاد مؤتمر بغداد الثالث للأمن الإقليمي، الذي تشارك باريس في تنظيمه، إذ أرسل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رسالة إلى الرئيس عبد اللطيف رشيد عبر السفير باتريك دوريل، عبّر من خلالها عن رغبته باستئناف انعقاد المؤتمر في وقت قريب.
ويقول المستشار السياسي لرئيس الوزراء سبهان ملا جياد لوكالة محلية ، إن بغداد حريصة على إقامة المؤتمر ومشاركة أطراف إقليمية فيه لحل ملفات أمنية حساسة، أبرزها السلاح خارج أطر الدولة في العراق وسوريا واليمن، إلى جانب ملف PKK مع الجارة تركيا، مبيناً أن كثيراً من الأطراف عملت على توسعة الصراع وفق فكرة “إسناد غزة” وبدأ بالفعل بالتوسع، بينما كان موقف العراق الرسمي هو ضرورة حصر النزاع داخل الأراضي الفلسطينية.
وكشف جياد أن الهدف الأول للعراق في الفترة الراهنة هو إبعاد “شبح الحرب” عنه وعن المنطقة، وأن يكون جسراً بين كل أطراف المنطقة، سيما أنه ينأى بنفسه عن المحاور، ويسمع جميع الأطراف، لافتاً إلى أن الآخرين يأتمنون ما يطرحه العراق، ومن هذه المنطلقات يحرص على إقامة المؤتمر وحل الملفات العالقة
وأوردت إذاعة مونت كارلو الدولية معلومات عن الأوساط السياسية العراقية وتحديداً الإطار التنسيقي الشيعي، مفادها أن الإطار يرى التحرك الفرنسي لعقد مؤتمر بغداد مجدداً، خطوة لإعادة ضم العراق إلى دائرة الجهود الإقليمية للسلام والأمن في المنطقة، وكذلك لمنع التصعيد وتهدئة الأوضاع في الشرق الأوسط، إلى جانب أهمية أخرى تتعلق بالانقسام الموجود بين القوى السياسية الشيعية في العراق، حول ما إذا كان العراق يجب أن يشارك في التصعيد الإقليمي أو يرفضه، وبذلك، فإن الموقف الفرنسي يسعى لدعم الخط المعتدل داخل القوى السياسية الشيعية، الذي يدعو إلى التهدئة ودعم الدبلوماسية في المنطقة، وفقاً لمونت كارلو.
العراق مقتنع بضرورة إقامة المؤتمر الأمني في المنطقة ويريد أطراف دولية أخرى أن تشارك فيه لأن هناك ملفات أمنية عديدة أبرزها؛ السلاح خارج أطر الدولة في العراق وسوريا واليمن، إلى جانب تركيا وملف البي كي كي وملاحقه، فضلاً عن ملف المعارضة الإيرانية التي انسحبت إلى داخل الأرض العراقية وألقت سلاحها.
مصلحة كل الدول الإقليمية في ظل هذا الصراع المحتدم والذي يستخدم القضايا الأمنية كذرائع للتدخل في شؤون دول أخرى، وخاصة ما يفعله الكيان الصهيوني بالمنطقة، وأيضاً وجود الجيش التركي في العراق بذريعة بي كي كي، إلى جانب القصف الإيراني على كردستان والحدود العراقية بحجة وجود معارضة إيرانية في العراق وما يحدث في اليمن وتأثيره على التجارة البحرية.
كل المعطيات السابقة تفرض على زعماء المنطقة أن يجلسوا ويضعوا الحلول للقضايا الأمنية، والوصول إلى توافق في ظل نقص إمدادات الطاقة، كما أن أوروبا اليوم بحاجة إلى مصادر الطاقة الموجودة في الشرق الأوسط ولا بد من وجود وضع أمني مستقر في الدول.فرنسا عضو في الاتحاد الأوروبي والرئيس الفرنسي حريص على أن تكون علاقاته بالشرق الأوسط مؤمنة ومتوازنة لذلك يشجع على المؤتمر الأمني في بغداد.
العراق رفض منذ اللحظة الأولى توسعة الصراع ودعا إلى حصره بحدود فلسطين المحتلة واستثماره لصالح القضية الفلسطينية، لكن هناك أطرافاً أخرى أعطت الذريعة وحاولت توسعة الصراع تحت غطاء إسناد غزة، وبالتالي الكيان الصهيوني ومن يدعمه من الغرب والولايات المتحدة استغل هذا الإسناد كذريعة لتوسعة الصراع أيضاً.
الصراع بدأ يتوسع تدريجياً وهذا خطر على المنطقة، والعراق يستشعر هذا الخطر ولذلك يريد حصر الصراع داخل حدود فلسطين، والعراق مهتم جداً في الأمن الإقليمي ورعاية مؤتمر للأمن الإقليمي وهدف مهم بالنسبة له.
الهدف الأول للعراق إبعاد شبح الحرب عنه وعن المنطقة، وبعد تحقيق هذا الهدف يمكن التفاهم على كثير من القضايا، وأن يكون جسراً بين كل أطراف المنطقة الإقليمة باعتباره اليوم بعيداً عن الصراعات وينأى بنفسه عن المحاور، ويسمع جميع الأطراف، كما أن الآخرين يأتمنون ما يطرحه العراق، ومن هذه المنطلقات إبعاد الحرب وحل المشاكل الأمنية العالقة في المنطقة.
رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في زيارته الأخيرة إلى تركيا طرح موضوع الوساطة بين أنقرة ودمشق على هامش زيارته، وجرى حديث مفاده “إذا أزيل شبح الحرب عن المنطقة سينفتح ملف العلاقات الثنائية بين الدول الإقليمية بشكل واضح وفعال”.