في ليلة بغدادية جمعتني بالصحفي الأمريكي (دوغلاس اليفانت)، عقب حضوره حوار بغداد الخامس الدولي ، وهي ليست المرة الأولى التي تجمعني به، فهو كثير التردد على العاصمة بغداد ، باعتباره مختصا بالشأن العراقي وقريب من الأجواء السياسية في واشنطن، دار حوار طويل حول الوضع السياسي العراقي والإقليمي شاركتنا فيه نخبة عراقية مهمة ، اقتنص منه اهم ما تحدث فيه دوغلاس:
اكد الصحفي الاميركي دوغلاس ان رئيس الحكومة العراقية السوداني " يصنع حظه"، ويحاول " خط مسار خاص به" في ادارة حكومته.
وقال دوغلاس كنا نعتقد في امريكا ان السوداني اداة تنفيذية للاطار التنسيقي الموالي لإيران، ولكن الايام الماضية غيرت وجهة نظرنا - مع ان الحكم والتقييم مازال مبكرا - حيث انتهج السوداني خطوات عملية اوضحت رغبته في خط مسار خاص له في ادارة الحكومة، تعتمد على اعادة بناء البنى التحتية من جهة، وتعضيد وضعه السياسي بعلاقات اقليمية ودولية متوازنة من جهة اخرى، على الرغم من حجم الضغوط ومحاصرة القوى السياسية له .
واضاف دوغلاس ان السيد مقتدى الصدر يعتبر " هدية ثمينة " للسوداني، وعليه استثمارها بالشكل الصحيح، موضحا ان تماسك اطراف الاطار التنسيقي ولاسيما نوري المالكي وقيس الخرعلي جاء بفضل موقفهما المتشابه من الصدر. واضاف دوغلاس قائلا: نحن غير قلقين من سكوت ( السيد مقتدى ) الصدر، فالصدر انسحب بإرادته من العملية السياسية، وليس تحت اي تهديد، وهذه هي الديمقراطية، مؤكدا ان العراق اليوم لم يعد من اولويات الولايات المتحدة، ومن يريد ان يتعرف على السياسة الاميركية اتجاه العراق عليه ان يتابع تغريدات السفيرة الامريكية في العراق آلينا رومانوسكي
وعن ارتفاع سعر صرف الدولار في العراق، قال دوغلاس: سمعنا الکثیر من الاتهامات الموجهة لنا والحقیقـة لادخل لنا في ارتفاعه و انه يعود الى عدم معالجة حكومة ( رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي) عمليات تهريب العملة، وهيمنة المصارف الصغيرة التي تتحكم في منصة البنك المركزي وسوق المزاد والمال في العراق، ونحن نراهن على اضمحلالها في الفترة القادمة ، لذلك على العراقيين عدم تحميل السوداني مسؤولية ذلك.
موضحا ان اهم التحديات التي تواجه حكومة السوداني هي " صدمة النفط"، وهي الصدمة التي ربما ستشعل فتيل التظاهرات في الشارع العراقي، بعد الانخفاض الحاد الذي سيشهده سوق النفط، مما سيضع الحكومة امام عجز كبير في دفع رواتب موظفيها، حسب وصفه، مرجحا ان انخفاض سعر النفط سيكون بعد عام من التسوية الروسية – الاوكرانية بحدود عام 2026. وانه لا يستبعد ان تكون ذات طابع مسلح.
مشيرا الى ان امام السوداني تحديات كبيرة، اهمها بناء البنى التحتية، وايجاد منافذ اخرى لدعم الاقتصاد العراقي، وهذه التحديات تراكمية بسبب عدم جدية الحكومات السابقة منذ حكومة المالكي في معالجاتها.
وردا على سؤال حول ماهية النصيحة الاميركية التي توجهها امريكا للسوداني، قال دوغلاس: عليه اقامة علاقات جيدة مع السعودية والكويت، وان لا ينسى " العقبة ".
وعن موقف الولايات المتحدة الامريكية من اتفاق ايران والسعودية برعاية صينية قال : هو جيد للصين ولكنه ليس سيء لنا، نحن لم نخبر بالاتفاق، ولكننا غير قادرين على اتمامه بسبب عدم ثقة ايران بنا ، فالصين تربطها علاقات جيدة مع ايران، وهي قادرة على جر ايران لتنفيذ التزاماتها مع السعودية في الاتفاق، وكذلك للسعودية علاقة جيدة مع الصين وهذا هو سر نجاح الاتفاق. واضاف نحن لسنا قلقين منه، نحن ايضا تربطنا علاقات اقتصادية مع الصين، ولا نريد ان نخسرها، ولكن لو ذهب الاتفاق الى المسار الامني فاننا سنتصرف بطريقة مختلفة، وقال دوغلاس، في العراق مثلا هناك شركات صينية عاملة ومشاريع اقتصادية لم نعترض عليها، ولكننا لا نرغب في اي اتفاقية امنية او اتفاقية تخص قطاع الاتصالات، ولاسيما شركة هواوي، فهي وسيلة للتجسس ونحن نحذر من ذلك.
وعن احتمالية توجيه اسرائيل ضربة عسكرية الى ايران والانباء الصحفية المتناقلة ان العراق قد وقع على ورقة للتطبيع مع اسرائيل ، اجاب دوغلاس : ( التطبيع ) في ظل حكومة نيتنياهو قضية مستبعدة، اما عن الضربة المحتملة لايران انني اعتقد ان اسرائيل غير قادرة على تنفيذ المهمة بدون دعم منا، ونحن الان منشغلون بالحرب الروسية الاوكرانية، وكذلك مع الصين
اما عن الدور البريطاني في العراق قال دوغلاس، منذ اربع سنوات قلت لكم ان دور بريطانيا اضمحل، والان هو دور المانيا، فبعد كل استقرار امني يكون هناك ازدهار اقتصادي، والمانيا هي صاحبة الريادة الان .
وفيما يخص مؤتمر المناخ الذي عقد مؤخرا في البصرة بحضور رئيس الوزراء السوداني، قال دوغلاس ان العراق لا يمتلك المقومات الممكنة لمعالجة التغيرات المناخية، ولكنه يعمل على التكيف معها، وان ازمة المياه التي يواجهها تحتاج الى رؤية وموقف واضح .
وفي رده على نية الولايات المتحدة وضع شركة (المهندس) التابعة للحشد الشعبي على قائمة العقوبات، واعتبارها خطوة مستفزة للشارع العراقي، اجاب دوغلاس انها عملية تمكين القوى المسلحة من الاقتصاد، وهذا ما سيجعل منها متحكمة بالدولة، وهي خطوة شبيه بتمكين الحرس الثوري في ايران ( خاتم الانبياء ) وبالتالي هيمنتهم على الاقتصاد و السياسة، وهناك احتمال ان تدرج الى قائمة العقوبات.