قالت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) في تقرير صدر أمس الجمعة، إنّ الخسائر في المحاصيل والثروة الحيوانية بلغت خلال السنوات الثلاثين الماضية ما تُقدر قيمته بنحو 3.8 تريليونات دولار بسبب الأحداث الكارثية (الكوارث الطبيعية والكوارث التي من صنع الإنسان)، وهو ما يعادل في المتوسط خسائر بقيمة 123 مليار دولار سنويًا، أو 5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي الزراعي العالمي السنوي.
يقدّم هذا التقرير الرئيسي الجديد للفاو بعنوان "أثر الكوارث على الزراعة والأمن الغذائي" أوّل تقييم عالمي لأثر الكوارث على الإنتاج الزراعي بالتركيز على المحاصيل والثروة الحيوانية.
كما يشير التقرير إلى أنّ هذه الأرقام قد تكون أعلى لو توافرت بيانات بصورة منتظمة عن الخسائر في القطاعات الفرعية لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية والغابات.
في السياق ذاته، كانت وزارة الزراعة العراقية كشفت نهاية أيلول الماضي عن خسائر العراق إثر انتشار مرض الحمى القلاعية بين القطاع الحيواني في البلاد، وأفاد مدير قسم الوبائيات في الدائرة التابعة لوزارة الزراعة ثائر صبري حسين، في تصريح صحافي، أن الخسائر تلك بلغت 540 مليار دينار عراقي (نحو 415 مليون دولار أميركي).
إلى جانب ذلك ، تهاوي الإنتاج السمكي في السنوات الأخيرة في العراق، كأحد أبرز ملامح الجفاف التي تعاني منها مساحات واسعة في العراق، خصوصا بعد قرار وزارة الموارد المائية بردم البحيرات الصناعية المتجاوزة وغير المجازة على الأنهر، والتي كانت بأعداد كبيرة وتستعمل كمزارع لتربية الأسماك وبيعها بالسوق المحلية. فيما يقدر الخبير الاقتصادي، أحمد عبد ربه، خسائر العراق من الثروة السمكية بنحو 400 مليون دولار سنويا.
بالإضافة إلى ذلك تراجعت الحكومة العراقية خلال السنوات الماضية عن خططها الزراعية الموسمية جزئياً بسبب الجفاف وشح تدفق المياه من الأنهار بسبب السدود والتركية، حتى أقرت خطة زراعية للشتاء القادم اعتمدت في 75 % على المياه الجوفية، ورغم العراق نجح خلال عامي 2019 و2020 في تحقيق اكتفاء ذاتي بأكثر من 10 محاصيل زراعية أبرزها القمح والشعير ومحاصيل استهلاكية أخرى كالخيار والبطاطس والطماطم، ثم تراجعت مساحات الزراعة بفعل انحسار المياه ما أدى إلى رفع الحظر عن استيراد تلك المواد مرة أخرى وبدء تدفقها من إيران وتركيا على وجه التحديد.
إلى ذلك يشدّد على ضرورة تحسين البيانات والمعلومات بشأن أثر الكوارث على جميع القطاعات الفرعية للزراعة بشكل عاجل من أجل إنشاء نظم بيانات تصلح لأن تكون الأساس الذي تقوم عليه الإجراءات الفعّالة وتسترشد به.
كذلك يكشف التقرير أنّه على مدى السنوات الثلاثين الماضية، تكبّدت البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا أعلى الخسائر النسبية التي وصلت إلى 15 بالمئة من ناتجها المحلي الإجمالي الزراعي نتيجة الكوارث المعرّفة بأنّها اختلال خطير في الأداء الوظيفي للمجتمع المحلي أو المجتمع.
وكان للكوارث أيضًا أثر كبير على الدول الجزرية الصغيرة النامية التي مُنيت بخسائر تقارب 7 بالمئة من ناتجها المحلي الإجمالي الزراعي. يشير التقرير أيضًا إلى أنّ الخسائر المتعلقّة بمجموعات المنتجات الزراعية الرئيسية تواصل اتجاهها التصاعدي.
فبلغت بالتالي الخسائر في الحبوب ما متوسطه 69 مليون طنّ سنويًا في العقود الثلاثة الماضية، أي ما يعادل إنتاج الحبوب بأكمله في فرنسا في عام 2021؛ وتليها الفواكه والخضروات ومحاصيل السكّر التي اقترب متوسط خسائر كل منها من 40 مليون طنّ سنويًا.
وفي ما يتعلق بالفواكه والخضروات، تتوافق الخسائر مع إجمالي إنتاج الفواكه والخضروات في اليابان وفيتنام في عام 2021. وتُظهر اللحوم ومنتجات الألبان والبيض ما متوسطه 16 مليون طنّ من الخسائر سنويًا، أي ما يعادل مجموع إنتاج اللحوم ومنتجات الألبان والبيض في المكسيك والهند في عام 2021.