أعلن مصدر في حركة حماس مساء السبت بدء عملية الإفراج عن الدفعة الثانية من الرهائن المحتجزين لدى الحركة الفلسطينية منذ هجومها على إسرائيل الشهر الماضي، على أن تطلق الأخيرة في المقابل سراح دفعة أخرى من الفلسطينيين من سجونها، في ثاني أيام الهدنة بعد سبعة أسابيع من حرب مدمرة.
وقال مصدر في حماس "تبدأ كتائب عز الدين القسام الآن تسليم الدفعة الثانية من الأسرى الإسرائيليين إلى الصليب الأحمر في خانيونس وعددهم 14 محتجزا". وكانت سلطات السجون الإسرائيلية أعلنت أنه سيتم إطلاق 42 معتقلا فلسطينيا.
وكان اليوم الأول من الهدنة الجمعة شهد إفراج حماس عن 13 رهينة من النساء والأطفال الإسرائيليين، بالإضافة الى عشرة تايلانديين وفيليبيني أفرجت عنهم الحركة الفلسطينية من خارج الاتفاق المبرم بوساطة قطرية.
وأطلقت إسرائيل 39 معتقلا فلسطينيا من النساء والأطفال. واقتادت حماس وفصائل فلسطينيّة أخرى معها يوم تنفيذ الهجوم غير المسبوق على إسرائيل قرابة 240 رهينة من مناطق محاذية لقطاع غزة.
وتبدو الهدنة صامدة في يومها الثاني. إذ أوقف الجيش الإسرائيلي قصفه على غزة وعملياته العسكرية داخل القطاع. كما أوقفت حماس إطلاق الصواريخ في اتجاه إسرائيل. وقال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر ضياء رشوان الذي تشارك بلاده في الوساطة، إن هناك "اتصالات مصرية مكثفة تجري حاليا مع كل الأطراف، لتمديد فتره الهدنة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، لمدة يوم أو يومين إضافيين، بما يعني الإفراج عن مزيد من من المحتجزين في غزة والأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية".
ويقدّر الجيش الإسرائيلي أن هناك 215 رهينة ما زالوا في غزة. - مستشفيات الجنوب - وطلبت السلطات من وسائل الإعلام عدم التواصل مع الرهائن المفرج عنهم وعائلاتهم واحترام خصوصيتهم في هذا الوقت.
في تل أبيب، عُرضت الوجوه المبتسمة للرهائن المفرج عنهم مساء الجمعة على واجهة متحف الفن مع عبارة "عدتُ إلى الديار".
وأعرب الإسرائيلي يون آشر عن "سعادته" بلقاء زوجته وابنتيه بعد أن أفرجت عنهن حماس، لكنه أكد أنه لا يستطيع "الاحتفال" ما لم يطلق سراح الرهائن الآخرين.
وقال يوني آشر الذي لا يزال شقيقه قيد الاحتجاز، في مقطع فيديو نشره منتدى عائلات الرهائن، "أنا سعيد لأنني استعدت عائلتي. الشعور بالفرح جائز وكذلك ذرف الدموع. إنه أمر إنساني".
وأضاف "أنا مصمّم على مساعدة عائلتي على التعافي من الصدمة الرهيبة التي مررنا بها"، مردفا "أيام صعبة لا تزال تنتظرني".
في الضفة الغربية، رافقت مظاهر البهجة عودة الأسرى الفلسطينيين الذين أفرجت عنهم إسرائيل، لا سيما في بيتونيا ومخيم نابلس للاجئين.
واستقبلت حشود كبيرة أسرى فلسطينيين لدى وصولهم الى بيتونيا الجمعة. وأطلقت مفرقعات نارية أضاءت السماء في المكان. ورفع المشاركون عددا من المفرج عنهم على أكتافهم ولوحوا بأعلام فلسطين ورايات حركتي حماس وفتح، وفق لقطات فيديو لفرانس برس.
في القدس الشرقية، حظرت السلطات الإسرائيلية أي احتفال. في قرية بيتللو قرب رام الله، قالت روان أبو مطر التي كانت معتقلة السبت "لسنوات، كنت أريد أن أخرج فقط لأتمكن من ان أضمّ أمي.
مرت سنوات لم أحضنها ولم ألمسها، إلا مرة واحدة. يومها تصوّرت معها، ولكن بالكاد التقطت الصورة، طلبوا مني الخروج (من مكان الزيارة).
اليوم لا حاجز بيننا". كانت أبو مطر تمضي حكما بالسجن لتسع سنوات بتهمة محاولة طعن جندي إسرائيلي أصيب بجروح طفيفة في تموز/يوليو 2015.
وتحمل الهدنة بعض الهدوء لسكان غزة البالغ عددهم نحو 2,4 مليون نسمة والذين نزح منهم 1,7 مليون، بعد قصف إسرائيلي عنيف منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر قتل فيه 14854 شخصا، وفق حكومة حماس، بينهم 6150 طفلا.
وتسبب هجوم حماس في إسرائيل بمقتل 1200 شخص، غالبيّتهم مدنيّون حسب السلطات الإسرائيلية. في عمان، أكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي السبت رغبة بلاده في أن تتحول هدنة الأيام الأربعة بين إسرائيل وحركة حماس الى "وقف دائم لإطلاق النار".
في مستشفيات جنوب قطاع غزة، تواصل قوافل من سيارات الإسعاف إجلاء المصابين من مستشفيات الشمال. وأكد المتحدث باسم وزارة الصحة التابعة لحماس أشرف القدرة أنه "لا يوجد سعة فيها (..) لاستيعاب من يتم نقلهم إليها".
وأضاف انها تفتقد "لأي مقومات صحية لاستقبال المصابين". ولا تزال أعداد كبيرة من النازحين في الجنوب يحاولون العودة إلى بيوتهم في مناطق أخرى، منها في الشمال الذي تعتبره إسرائيل منطقة عمليات عسكرية وتمنع العودة اليها.
وقد قتل شخص الجمعة في إطلاق نار إسرائيلي على مجموعات كانت تحاول العودة الجمعة، وأصيب العشرات بجروح، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا). وأصيب سبعة اشخاص بجروح السبت في حوادث مماثلة، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس. وتضرّر أو دمّر أكثر من نصف المساكن في قطاع غزة، وفقا الأمم المتحدة.
ودخلت الى قطاع غزة السبت دفعة جديدة من المساعدات عبر معبر رفح مع مصر، وهو بند مشمول أيضا في الاتفاق. وكانت دخلت الجمعة 200 شاحنة محملة مساعدات إلى غزة، حسب وحدة تنسيق الشؤون المدنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية.
وفرضت إسرائيل على قطاع غزة الذي يخضع أصلا لحصار منذ وصول حماس إلى السلطة عام 2007، "حصارا كاملا" منذ التاسع من تشرين الأول/أكتوبر وقطعت عنه إمدادات الماء والغذاء والكهرباء والدواء والوقود.
في مدينة رفح، وقف فلسطينيون في طابور انتظار للحصول على غاز للطهي. وقال عز الدين أبو عميرة "لا أحد يستطيع الطبخ أو القيام بشيء دون غاز"، مضيفا "الناس يتأملون في الحصول على غاز لتسهيل حياتهم".