طفح مجال البناء في إيران كغيره من الجوانب الأخرى في قطاع الإسكان بالأزمات الاقتصادية الحادة منذ عدة سنوات، فوفقاً لنشطاء هذا القطاع، أدى انخفاض هامش ربح شركات المقاولات بسبب ارتفاع نفقات مواد البناء إلى تحفيز رغبة هذه الجهات في الهجرة لمزاولة عملها في البلدان المجاورة كالعراق وسلطنة عمان.
وبحسب موقع تجارت نيوز، صرح تشندي بيش ايرج رهبر، وهو نائب رئيس اتحاد البناة في طهران، خلال حديث صحفي أن الظروف التي تهيؤها بعض دول الجوار للبناة الإيرانيين وشركات المقاولات "مناسبة وكافية".
وعلى وقع هذا، وبعد أن حلّت الهجرة ضيفاً ثقيلاً على إيران واستهدفت مجالاتها الحيوية كالقوى العاملة في القطاع الصحي والهندسي والاستثماري والتمريض، تسعى اليوم لتشكيل جبهة جديدة جنودها البناة والمقاولين في الإسكان وتدفع بهم إلى أسواق البلدان المجاورة. ولعلّ العدد الضخم من مشاريع البناء في دول الجوار هذه كتركيا والعراق ودول الخليج قد خلق الأرضية الخصبة لهجرة العمالة الماهرة إلى هذه البلدان.
لم تكتفِ هذه الدول باستقطاب المهندسين الإيرانيين فحسب، بل سعت أيضاً إلى جذب شركات المقاولات الضخمة إلى الاستثمار في أراضيها، الأمر الذي يثير العديد من التساؤلات حول المشاكل التي تعترض طريق هذه الشركات وأسباب رغبتها الكبيرة في الاستثمار في الدول المجاورة لإيران؟
وفي هذا الصدد، قال محمد مرتضوي، رئيس الجمعية الوطنية لمقاولات البناء، إن أوضاع بناء المساكن في البلاد ليست مواتية، حيث أدى ارتفاع الأسعار وضغط الطلب وتراجع عمليات البناء بشكل عام إلى تقليل اهتمام المستثمرين ورغبتهم في المشاركة في سوق بناء المساكن مقارنة بالسنوات السابقة.
يضيف هذا المسؤول: “جميع التوقعات تشير إلى زيادة في التضخم، وإن أموال أولئك الذين يريدون أن يصبحوا أصحاب منازل وهم هدف الطلب في السوق تتناقص يوم وراء يوم لا سيما مع ازدياد الأزمات في بعض مؤشرات الاقتصاد الكلي”.
وحول رغبة البناة الإيرانيين في البناء، قال مرتضوي: “فقد سوق إنتاج المساكن وسوق التعاملات السكنية جاذبيته بالنسبة للمستثمرين، ومن الطبيعي أن يستثمر المستثمرون رؤوس أموالهم في شركات حقيقية وقانونية لديها إمكانية التنبؤ والتوقع. بمعنى أنها تتمكن من تخمين السعر النهائي للمشاريع. كذلك، ظروف الطلب ومقدار الطلب في هذه الأماكن واضحة للغاية ناهيك عن قدرتهم في تحمل التكاليف مهما كانت”.
عراقيل بناء المساكن في البلدان الأجنبية
وأوضح رئيس الجمعية الوطنية لمقاولات البناء في إيران عن الاستثمار الأجنبي: “رغم كون السوق في بعض دول الجوار كالعراق وعمان جذاباً للمستثمر وعلى الرغم من أن روتين العمل والإجراءات التنفيذية والاعتبارات الخاصة بسوق الإسكان في تلك البلدان لها اعتبارات إيجابية وتوجه مستقبلي، إلا أن عدم وجود إمكانية للتبادلات المالية يعتبر تهديداً كبيراً بحق المقاولين وبحق عمليات تصدير الخدمات الفنية والهندسية الإيرانية، وما نشير إليه على الدوام بالاستثمار في سوق الإسكان لا يحدث أي فرقاً في حدود قدرة شركاتنا”.
وأشار مرتضوي إلى إبرام صفقات لبناء المساكن في العراق وقال: “شهدنا في العراق خلال الأشهر الماضية توقيع عقود في مجال إنتاج المساكن، حيث هيأت لنا غرفة التجارة الإيرانية العراقية والمجمعات الاقتصادية النشطة في البلدين هذه الفرصة”.
ولفت إلى أن عمان أيضاً من الدول النامية في هذا المجال، وتدابير التنمية التي يتم تنفيذها هناك لديها زخم كبير، وتابع: “قبل بضعة عقود، ظهرت صناعة البناء في الإمارات ونمت بسرعة فائقة. كما تجري سلسلة من الأحداث المهمة في مجال البناء في السعودية، لتنضم إليهم سلطنة عمان في نهاية المطاف وتتجه نحو التنمية والتقدم في هذا المجال، حيث كان أحد خياراتها استخدام قدرات الشركات الإيرانية”.
وذكر مرتضوي أنه خلال الأشهر القليلة الماضية، بُذلت جهود لاتخاذ إجراءات في روسيا أو سوريا، واتبعت الغرفتان الإيرانية والروسية إجراءات مشتركة في هذا الصدد، إلا أن مجال البناء في روسيا ليس بالقدر المطلوب نظراً لانخفاض هامش الربح في بناء المساكن.
وقال: "من بين هذه البلدان، قد نشهد العديد من النجاحات في هذا المجال فقط في العراق وعمان. بشرط إزالة تلك العقبات والعقد من أمامنا (ويقصد التبادلات المالية)".
يبدو أن سوق الإسكان في الدول المجاورة أصبح وجهة جذابة للبناة الإيرانيين. فإذا لم تكن الحكومة قادرة على إزاحت العقبات التي خلفتها العقوبات على البلاد، فإن عمليات بناء المساكن في دول الجوار سيعني حبس رؤوس الأموال على الجانب الآخر من الحدود لأن شركات المقاولات الضخمة ستواجه أزمة لإعادة مكاسبها الرأسمالية إلى إيران.