10 Apr
10Apr

 ذكرت صحيفة "آل باييس" الاسبانية، ان تمثال الرئيس الاسبق صدام حسين الذي اسقط قبل 20 عاما في ساحة الفردوس في بغداد، لم يكن سوى جزءا صغيرا من التماثيل والصور والقصور التي أقامها من اجل استعراض سلطته وتقديم صورة "الزعيم الإلهي" عن نفسه. 

وأشار التقرير الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، الى أن الحلاق قيس الشرع، يستمتع وهو يعيد رواية يوم اسقاط تمثال صدام في 9 أبريل/نيسان 2003، الذي كان منتصبا أمام صالونه في ساحة الفردوس، حيث كان التمثال بارتفاع 12 مترا نصب هناك قبلها بعام احتفالا بعيد ميلاد صدام ال65. 

ونقل التقرير عن الشرع قوله "كان هناك العديد من الشبان من انحاء البلد مع جنود امريكيين يسقطون التمثال، وكانوا ينشدون نيل حريتهم. والتمثال كان يظهر وجه رجل يخافه الجميع" 

وبعدما لفت التقرير الى ان اسقاط التمثال اصبح بالنسبة الى العالم ابرز لحظات الغزو الامريكي ورمزا لنهاية حكم صدام، اشار الى ان كثيرين لا يدركون ان تمثال ساحة الفردوس لم يكن سوى واحدا من العدد الكبير من التماثيل والقصور التي أقامها صدام بهدف ابراز قوته. 

وتابع قائلا ان جميع تماثيله وصوره اختفت على مدى 20 عاما منذ ذلك اليوم، لكن العديد من قصوره ومبانيه يعاد استخدامها من اجل عراق جديد. وذكر التقرير ان ساحة الفردوس جرى تجديدها وتحولت الى متنزه صغير بتمويل من البنوك الخاصة، فيما تبرز على مبنى عال مطل على الساحة لوحة جدارية كبيرة للجنرال الايراني قاسم سليماني مرفقة بصورة للإمام الحسين. 

ونقل التقرير عن الشرع قوله انه "لا يفتقد حكم صدام لكن لديه حنين لحكم القانون"، مشيرا بذلك الى تفشي الفساد، مضيفا ان العائلات تخشى اصطحاب اطفالها الى الحديقة حيث ينتشر تجار المخدرات ليلا. 

الى ذلك، اشار التقرير الى مصير تمثال صدام ما يزال غامضا، لكن صائدي التذكارات أخذوا بعضا من اجزائه، موضحا ان مجموعة من شبان "المارينز" الامريكيين من ولاية يوتا قاموا في العام 2003 بقطع يد التمثال اليمنى سعيا لبيعها على موقع "إيباي" الالكتروني، الا انها اختفت من حمولتهم اثناء محاولتهم تهريبها الى الولايات المتحدة، ولم يتبق سوى الصورة التي التقطوها لانفسهم وهم يمسكون بها وكأنها سمكة ثمينة. 

وذكر التقرير بان تاجراً المانياً يعمل في مجال التحف، قال في العام 2016 انه اشترى ساق التمثال اليسرى ثم قام باعادة بيعها على موقع "إيباي" مقابل اكثر من 100 الف دولار. كما ان الصحافي البريطاني نايجل إيلي نشر كتابا في العام 2017 عن جزء من الارداف اليسرى المنزوعة من التمثال، وانه حاول بيعها من خلال مزاد علني لصالح جمعية خيرية، الا انه لم يحصل على عرض جيد بما يكفي. 

ونقل التقرير عن الباحث في "معهد تشاتهام هاوس" البريطاني ريناد منصور قوله ان سياسة صدام في ملء بغداد والمدن الاخرى بقصوره وتماثيله وصوره "خلقت صورة لهذا الزعيم الالهي. وكان صدام بحاجة إلى اظهار سلطته بطرق مختلفة لكي يذكر الناس بمن يتولى المسؤولية". 

وفي الوقت نفسه، قال التقرير ان بعض معالم حكم صدام المميزة لا تزال قائمة، كقوس النصر مثلا والذي يصور يدين عملاقتين تحملان سيفين متقاطعين، فيما يعتقد ان اليدين تمثلان نموذجا ليدي صدام. بالإضافة الى ذلك فان نصب الشهيد المؤلف من قبتين كبيرتين باللون الفيروزي لتخليد ذكرى الجنود العراقيين الذين قتلوا في الحرب العراقية – الايرانية خلال الثمانينات، لم يتم هدمه. 

وبالاضافة الى ذلك، جرت اقامة قصر الفاو على جزيرة وسط بحيرة اصطناعية خلال التسعينات احتفالا باستعادة صدام لشبه الجزيرة خلال الحرب، ثم جرى استخدام القصر كقاعدة للقوات الأميركية بعد العام 2003 واطلق عليه "معسكر فيكتوري"، ثم تحول لاحقا الى مبنى للجامعة الاميركية في بغداد، بتمويل من رجل اعمال عراقي. وتابع التقرير ان اثار صدام لا تزال حاضرة في الحرم الجامعي حيث بقيت الاحرف الاولى من اسمه محفورة على الجدران والاسقف، كما ان البحيرة الاصطناعية لا تزال مليئة بسلالة من الأسماك الكبيرة التي اطلق عليها الجنود الاميركيون اسم اسماك "قاروس صدام". 

ونقل التقرير عن نائبة رئيس الجامعة الاميركية في بغداد الدكتورة دون ديكلي قولها ان الحفاظ على تاريخ الجامعة مهم، لكنه اوضحت ان هذا "القصر ينتمي إلى مستقبل العراق"وهي تأمل أن تشجع الجامعة الشباب على البقاء في وطنهم في حين ان "الجيل الذي سافر الى الخارج يريد الان عودة أبنائه وبناته الى العراق ليختبروا العيش فيه". 

الا ان التقرير اشار الى ان أي شيء آخر يذكر بصدام بشكل مباشر، قد جرت ازالته. وذكر بانه بعد يوم من اسقاط تمثال ساحة الفردوس، قام الكورد باسقاط تمثال لصدام في مدينة كركوك احتفالا بسقوط رجل قمع شعبهم بوحشية، وارتكب ابادة جماعية ضدهم، ثم استبدلت هذه التماثيل وغيرها بصور القادة الكورد، وخاصة الزعيم الكوردي مسعود بارزاني. 

اما في مدينة الصدر التي كانت تسمى مدينة صدام، فان الرئيس العراقي الاسبق وضع جدارية عملاقة ملونة لنفسه، وهو الذي سحق بوحشية المعارضة الشيعية له، لكن في حزيران/ يونيو العام 2003 جرى احتفال لأعاد تسمية الحي رسميا باسم "مدينة الصدر"، ورفع الستار عن لوحة جدارية بديلة يظهر فيها المرجعان الشيعيان محمد باقر الصدر ومحمد صادق الصدر اللذان قتلا في عهد صدام بسبب معارضتهما لنظامه. 

وكان العراقي طلال موسى ممن حضروا ذلك الاحتفال عندما كان مراهقا، وقال انه "لا يمكن للكلمات وصف ما شعرت به خلال تلك اللحظة، حيث كان الأمر يشبه الانتقال من الظلام الى النور". 

ويبلغ موسى الان 37 عاما ويعمل كمقاول في وكالة الكهرباء الحكومية. وهو لا يعتبر ان هذه التوقعات بمستقبل افضل قد تحققت. وقال "للاسف، لدينا الان نظام الحكم الفاسد هذا، والذي سيطر على البلد على مدى السنوات ال20 الماضية".

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن