19 May
19May

على الرغم من كثرة الأمطار التي هطلت على العراق خلال هذا الشتاء، قياساً بمواسم الجفاف الثلاثة الماضية وما خلفتها من تأثيرات كارثية على مواسم الزراعة والبيئة بشكل عام في البلاد، فلا يزال بلاد الرافدين يعاني من أزمة جفاف وتصحر، في وقت طرح فيه خبراء حلولاً لمعالجة الازمة. 

وقال الخبير الاقتصادي منار العبيدي في تدوينة "منذ فترة سنوات ونحن نتباكى على ملف المياه وانحسار المياه القادمة من الدول المجاورة وتحديدا تركيا وإيران وانتشرت المقاطع الفيديوية التي تبين انحسار نهري دجلة والفرات وجفاف البحيرات وتوقف الزراعة الى ان وصل الامر الى ان يكون نوعا من الملل من كثرة سماع هكذا اخبار او مشاهدة هكذا نوع من المقاطع الفيديوية، لكن لم يخرج علينا مسؤولا واحدا ليجيب علينا ما الحل. دائما الاجابة تركيا وإيران تقطع المياه".

وأضاف، "هل نبقى تحت رحمة البلدين. الا نملك اي حلول للضغط على هاتين الدولتين؟. الا تتوفر لدينا ادوات للضغط عليهم على الاقل تجاريا؟، تركيا على سبيل المثال نستورد منها 16% من مجمل صادراتها من المواد الغذائية ونحن البلد رقم واحد باستيراد هذه المنتوجات الغذائية بقيمة تتجاوز الـ 3 مليار دولار امريكي سنويا، الا تستطيع الحكومة العراقية بالتهديد بعقوبات تجارية لهذه البضائع مالم يتم إطلاق الحصة المائية للعراق؟". 

تابع، "إذا ما تم فرض تعرفة كمركية على المنتوجات الغذائية التركية بقيمة 20% اضافية سيكلف الاتراك ما قيمته 600 مليون دولار سنويا وستضغط الشركات التجارية والقطاع الزراعي التركي على الحكومة التركية من اجل إطلاق حصة من مياه العراق"، مبينا، "الضعف والهوان فينا وبمن يدير ملفاتنا فلا نسميها مؤامرة بل هي ضعف وهوان واستسلام مسؤولنا للإدارات الخارجية".

 

الى ذلك، قال رئيس برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في بغداد، آوكي لوتسما ان "العراق يواجه حالياً أسوأ موجة جفاف في العصر الحديث تقوض الإنتاجية الزراعية وتهدد الدخل والأمن الغذائي للسكان". ويشير إلى أن "تغير المناخ يشكل تهديداً خطيراً لحقوق الإنسان الأساسية والنمو المستدام والسلام والاستقرار في العراق".

وغالباً ما اشتكى العراق خلال السنوات الماضية، من السياسات المائية التي تنتهجها تركيا وإيران حياله، خصوصاً بعد بناء أنقرة سدوداً كبيرة على منابع النهر، ومنها سد "اليسو". وتتهم بغداد طهران بحرف مسار أكثر من 30 نهراً على جيرانها، وصولاً إلى الأراضي العراقية.  

وخلال السنتين الأخيرتين، تعرضت مناطق شاسعة من أهوار جنوب البلاد إلى الجفاف والتصحر، ما دفع مئات الأسر التي تعيش على الزراعة وتربية الحيوانات هناك إلى النزوح إلى المدن ومناطق أخرى، بعد أن فقدت مزارعها وحيواناتها نتيجة الجفاف. 

وطبقاً لتصنيفات المناخ الدولية، فإن العراق يُعَدُّ من بين أكثر 5 دول في العالم تأثراً بالتغيرات المناخية وتداعياتها على البيئة والسكان. كان البنك الدولي، دعا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، العراق، إلى اعتماد نموذج تنمية "أكثر اخضراراً ومراعاة للبيئة" لمواجهة التحدي المناخي.

وسط تضاعف القلق من الأوضاع في البصرة، التي قد يتسبب فيها الجفاف بعودة اللسان الملحي إلى شط العرب قادماً من مياه الخليج العربي، وهي ظاهرة تتكرر كلما تراجعت مستويات المياه في شط العرب نتيجة تراجع إمداداته من نهري دجلة والفرات. 

وفي وقت سابق، أكدت وزارة الموارد المائية العراقية أن العراق لديه فراغ خزني من المياه يقدر بنحو 80 مليار متر مكعب.  

وقالت في إيجاز صحافي أن مشكلة العراق في الإيرادات وهي مرتبطة بسياسات الدول ومعدلات التساقط المطري والاحتباس الحراري ومدى قدرتنا على التعامل مع المياه في الجانب الزراعي، أما السدود فلسنا بحاجة إلى بنائها".

وأضافت أن "الخزين المائي بات على المحك، لذا قمنا بدفع مياه لغرض الري، والكميات الموجودة كافية لتأمين مياه الشرب، وفي حال عدم الحاجة إلى الري نوقف الإطلاقات المائية"، مضيفة أن "خزين العراق المائي كان يبلغ 50 مليار متر مكعب، والآن وصل إلى 8 مليارات متر مكعب فقط"، موضحة أن "ما يردنا من تركيا وسورية وإيران أقل من 70% مما كان العراق يتلقاه سابقاً".

وتابعت الوزارة في إيجاز قدمه المتحدث باسمها للصحافيين ب‍بغداد أن "البلد يعتمد على الإيرادات التي تأتي من دول الجوار، فالعراق دولة مصب وإيراداته يعتمد فيها بنسبة 70% مما يأتي من خارج العراق"، مشيراً إلى أن "الخزين في عام 2019 وصل إلى 59 مليار متر مكعب وهو رقم عالٍ، لكن لم يتم الحفاظ عليه واستغلاله بالشكل الأمثل".

ويملك العراق 19 سداً، معظمها مشيّد على نهري دجلة والفرات وروافدهما في عموم أنحاء البلاد، ويعتمد في المياه بشكل رئيسي على نهري دجلة والفرات وروافدهما والتي تنبع جميعها من تركيا وإيران، ويلتقي النهران قرب مدينة البصرة (جنوبي العراق) ليشكلا شط العرب.  

وكان العراق قد قلّص مساحة الأراضي المشمولة بالخطة الزراعية الموسمية إلى النصف، خلال العام الماضي، فيما استُبعدت محافظات معينة من الخطة بشكل كامل، بسبب موجة شح في المياه غير مسبوقة تعانيها البلاد، منذ عدة سنوات، نتيجة قطع إيران روافد نهر دجلة، وتقليل تركيا لحصة المياه المتجه إلى العراق، فيما لوحت الحكومات العراقية السابقة لمرات عدّة باللجوء إلى المؤسسات الدولية للحصول على المياه من إيران، وفقاً لاتفاقيات تقاسم المياه، إلا أنها "الحكومة" لم تخط أي خطوة نحو تدويل الملف.

ومؤخراً، أعلن وكيل وزارة الموارد المائية العراقي رائد الجشعمي، عن الاتفاق مع الجانبين التركي والإيراني على عقد اجتماع فني تخصصي في "القريب العاجل"؛ لبحث ملف المياه.  

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن