17 Aug
17Aug


نزوح العوائل من الاهوار بسبب فقدان مصدر معيشتها يهدد بتغيير ديموغرافي .

قاسم الكعبي

 اختار منزلاً على تلال مرتفعة تحسّباً من ارتفاع منسوب المياه وبالتالي يضطر إلى النزوح  لمناطق أخرى لكن لم يفكر يوماً أن المياه قد تختفي من هور الجبايش وتتعرض ثروته الحيوانية إلى الهلاك . 

ابو راضي الذي يملك قطيعا كبيرا من الجاموس اعتاد ومنذ ربيع عمره على تربيتها والعيش بين احضان القصب والبردي .يقع هور الجبايش في قضاء الجبايش شرق مركز محافظة ذي قار وادرج  على لائحة التراث العالمي ضمن أهوار العراق يوم 17 يوليو/ تموز 2016.

 ويعني إدراج أي موقع في اللائحة أنه أصبح ضمن المواقع الفريدة التي يجب الحفاظ عليها وإبعاد خطر اندثارها. وتتولى منظمة اليونسكو مراقبة هذه المواقع وتنظيم زيارات لتقييم أوضاعها، وتصدر تحذيرات للجهات المسؤولة لإبعاد أي مخاطر تهددها.

 ابو راضي 57 سنة لازال يقوم بواجباته اليومية الكثيرة ومنها حلب الجاموس والذهاب الى الهور لصيد الاسماك وغيرها من الاعمال يقول " مهنة تربية الجاموس والسكن في الاهوار توارثتها من الاباء والاجداد ولم افكر يوما بترك هذه المهنة التي اصبحت مهددة بسبب الجفاف الذي تشاهدونه امامكم ، جفاف قاسٍ اجبرنا على فقدان الكثير من الجاموس ، كما اضطرنا الى جلب الاعلاف بسبب موت القصب " .

مضيفا " اصابانا اليأس بعد سماع الاخبار وهي قيام تركيا وايران بقطع كمية كبيرة من حصة  المياه عن العراق وهذا يجبرنا على النزوح الى  مناطق اخرى تتوفر فيها المياه رغم ان قرار النزوح قاسٍ بالنسبة لي والى عائلتي التي تربت في الاهوار.بعد جفاف هور الجبايش اصبح بمقدور الاطفال التحرك بحرية خارج المنزل واللعب قرب القوارب . فاطمة حسين 12 سنة تسكن في منزل متهالك من الطين لا يحمي من حرارة الصيف ولا من برودة الشتاء ترتدي ملابس بسيطة ذات الوان جذابة ظهرت مع اخواتها واطفال الجيران للعب على ارض تشققت من كثرة الجفاف وبالقرب من قارب اصبح مكانا لتجمع الاطفال . 

تقول فاطمة وبصوت خافت " الجفاف جميل اصبحنا نتحرك بحرية ولا خوف علينا من الغرق او من الحيوانات التي تسكن الاهوار "واضافت " رغم فرحنا لكن حزنت كثيرا على فراق احد الحيوانات من الجاموس كنت ألعب معه واقدم له الطعام لكن للأسف اصيب بمرض لا اعلم ما هو وفارق الحياة لكن سمعت والدي يقول اصابته حشرة واشتد مرضه وفارق الحياة "فقد هور الجبايش  الكثير من روعة جماله اذ تحول لونه من الاخضر الى الرمادي بسبب الموت الجماعي للقصب وغياب المشاحيف اما الطيور فغالبيتها هاجرت لم يبق منها سوى القليل الذي يعيش على برك المياه الاسنه منظر الهور يجبرك على الهدوء وتختفي الابتسامة وانت تشاهد الاهالي يتصارعون على العيش في منطقة اختفت منها ابسط مقومات الحياة البسيطة .

 ويقول  رئيس لجنة الصحة والبيئة النيابية الدكتور ماجد شنكالي ان " هناك 350 الف راس جاموس في الاهوار وبسبب ندرة المياه يضطر ساكنو الاهوار الى ترك عملهم ونزوحهم الى المدينة وهذا يؤدي الى مشكلة او ازمة اقتصادية واجتماعية اضافة الى حدوث تغييرات ديموغرافية "مشيرا الى ان " من واجبات وزارة الموارد المائية توفير المياه في اربع قطاعات اولها مياه الشرب ، وقطاع الزراعة وقطاع الصناعة والاهوار ، اذ ان وزارة الزراعة لا تطلق المياه الى الاهوار التي تكسنها الالاف من العوائل التي تعتمد معيشتها على تربية الجاموس وصيد الاسماك "

يقول فالح الخزعلي رئيس لجنة الزراعة والمياه والاهوار النيابية ان " احدى التحديات الكبيرة في مجال المياه هو الهجرة والتغيير الديموغرافي وكذلك هناك 20% من الثروة الحيوانية خلال عامين قد انخفضت في العراق فقط قضاء الجبايش هناك 7500 راس جاموس قد نفقت ويعد العراق موطنا اصليا لهذه الاصناف والانواع "مضيفا " يجب الحفاظ على بقاء الاهوار ضمن لائحة التراث العالمي من خلال توفير كميات مياه تتناسب مع حجم التحديات التي تواجه الاهوار وكذلك تواجه سكانها الذين نزح البعض منهم الى المدن "

فيما حذر الدكتور جاسم الفلاحي الوكيل الاقدم لوزارة البيئة من تاثيرات حتمية للتغيرات المناخية والبيئية العراقية وقال " اكثر بلد معني بالتغيرات المناخية هو العراق وذلك لهشاشة البنى التحتية في كثير من القطاعات اما بالنسبة للاهوار هنالك تاثير كبير على الحياة في الاهوار بسبب نقص المياه ويجب معالجة شحة المياه في الاهوار والحفاظ عليها "وبين الفلاحي  " يجب ان يكون لدينا سياق كامل على اصلاح المنظومة الداخلية والخارجية المسببة لظاهرة الشحة المائية والندرة المائية .

 وان حبس المياه بكميات كبيرة جدا تصل الى 70 مليار متر مكعب ضمن منظومة شرق الاناضول في مشروع الكاب والذي يتكون من 22 سداً لم يكتمل منها الا سدين فقط وبسبب هذين السدين تراجعت ايرادتنا المائية الى 40% فضلا عن الاجراءات التي اتخذت من الجانب الايراني "واشار الفلاحي الى ان " على العراق التفكير في مواضيع رئيسية منها التركيز على موضوعات ترشيد المياه ، وادارة رشيدة للمياه ودراسة استراتيجية جديدة ومحدثة للمياه الجوفية ، التوجه الى البحر والاقرار السريع لمشاريع تحلية البحر "

الى ذلك قال وزير الصحة الدكتور صالح الحسناوي " من التاثيرات الكبيرة للتغير المناخي في العراق هو الجفاف ومن تاثيرات الجفاف الزراعية هو التصحر ومقابل التصحر هناك انحسار في الغطاء الاخضر الذي افرز ظهور الحمى النزفية اذ هناك علاقة بين التغير المناخي والحمى النزفية الذي هو فايروس ينتقل من النباتات الى المواشي الى الانسان ووجدنا ان سبب ارتفاع المصابين بالحمى النزفية هو حشرة القراد وبسبب غياب الغطاء النباتي في غالبية المناطق  يضطر القراد الى الوصول الى المناطق التي تتواجد فيها المواشي ومن ثم وصول الفياروس الى الانسان "

واضاف الحسناوي " بسبب ندرة المياه وقلة الامطار وقلة مياه الانهار وضعف جريان الانهار تزداد نسبة الامراض المنقولة عن طريق الماء ومنها الكوليرا والتيفوئيد والتهاب الكبد الفايروسي "

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن