04 Aug
04Aug

دعا مسؤولون ومختصون الى معالجة ازمة المياه والتغيرات المناخية في العراق ، محذرين من ان هذه الازمة تهدد الامن القومي العراقي ولها آثار سلبية اقتصادية واجتماعية وسياسية . 

جاء ذلك خلال الدورة التدريبية الإعلامية  التي أقامها معهد العلمين للدراسات العليا بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بمشاركة عدد من الصحفيين والإعلاميين العراقيين  على قاعة ملتقى بحر العلوم للحوار في بغداد وحاضر قيها مختصون وخبراء بالبيئة والمياه  والصحة والامن . 

يشار الى ان معهد العلمين للدراسات العليا وبالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي undp  وضمن مشروع "ظمأ العراق" نظم دورة تدريبية للإعلاميين والصحفيين بعنوان : ( بناء القدرات الاعلامية في قضايا ندرة المياه والتغيرات المناخية)  اطلقت في 19 تموز وتستمر حتى 15 اب الحالي  ، ضيّف فيها عددا من المختصين وخبراء المياه والبيئة والاعلام وعددا من مسؤولي الوزارات المعنية بالبيئة والمياه والصحة. 

وتضمنت عدة برامج تدريبية للإعلاميين بهدف تسليط الضوء على الوضع البيئي الحرج في العراق والتأكيد على الدور المهم الذي يلعبه الاعلام في توعية المواطنين بالمخاطر التي تواجههم..

 وقال  رئيس لجنة الصحة والبيئة النيابية  الدكتور ماجد شنكالي في الجلسة الحوارية الثالثة ، الاربعاء 2/8/2023: ان التغيرات المناخية قد اصبحت الموضوع المحوري خلال هذا القرن، حيث شهدت السنوات الأخيرة ارتفاعا ملموسا في درجات الحرارة بشكل غير مسبوق. 

كما بين ان العراق تأثر من هذه التغيرات المناخية، حيث الارتفاع الكبير لدرجات الحرارة والعواصف الغبارية وشحة المياه وقلة التساقط المطري التي عرفتها البلاد خير دليل على ذلك.

 كما بين أن قلة الوعي المعرفي الدقيق بالقضايا المناخية يجعل وسائل الإعلام تضخم الأحداث في بعض الأحيان وذلك لإثارة المواطنين. 

‎من جانب اخر وضح الدكتور شنكالي إن تنظيم الحملات من أجل البيئة وتشجيع الممارسات البيئية السليمة والتثقيف عليها مثل التشجير، ترشيد استهلاك المياه والطاقة، تدوير النفايات وغيرها على نطاق واسع وإشراك الشباب الذين يمثلون أكثر من نصف سكان العراق في الموضوعات المتعلقة بالمناخ منذ بداية حياتهم، يضمن نجاح أي جهود تبذل في هذا المجال.   

الجفاف والندرة المائية تهدد الامن القومي العراقي

 من جانبه اكد الوكيل الفني لوزارة البيئة الدكتور جاسم عبد العزيز حمادي الفلاحي في كلمة له بالدورة التدريبية التحدي الجدي الذي يواجه العراق  نتيجة نقص الايرادات المائية وتأثير التغيرات المناخية على البيئة العراقية والتي تهدد صحة الانسان والاستثمارات الاقتصادية والاجتماعية والامنية  وتسبب تغير النظام البيئي والتنوع الاحيائي وزيادة الامراض والجفاف والتصحر وازدياد العواصف الغبارية  اضافة الى انعدام الامن المائي  مما يستوجب زيادة مرونة العراق بجميع قطاعاته لمواجهة هذه التحديات واهمها تعزيز الاقتصاد وتنويع مصادر الطاقة  والذي ساهم بانضمام العراق الى اتفاق باريس للتغيرات المناخية والذي يعد خطوة مهمة في تنويع مصادر الاقتصاد والطاقة  ووضع الاجيال في الاتجاه الصحيح .

 مؤكدا ان ان "المقياس العالمي لحصة الفرد الواحد من المياه اذا ماقلت عن الالف متر مكعب سنوي فهو في حالة شحة مائية ، اما في وضعنا الحالي للأسف فأن حصة الفرد العراقي هي اقل من 250 متر مكعب سنويا في حالة الندرة المائية الحادة جدا او الحرجة جدا ". 

وأضاف بالقول "يؤسفني ان أقول ان البصرة وميسان وذي قار والمثنى هي المحافظات الأكثر تضررا من منظومة التغيرات المناخية وتداعياتها ومن الجفاف". 

الحسناوي  : الحديث عن رمي مخلفات مدينة الطب في نهر دجلة عار عن الصحة 

وأوضح معالي وزير الصحة الأستاذ الدكتور صالح مهدي الحسناوي في كلمة في الدورة التدريبية " ان موضوعة ندرة المياه والتغيرات المناخية واسعة ومتعددة الجوانب والاتجاهات فمن ندرة المياه إلى التغيير المناخي إلى التلوث البيئي لكل موضوع من هذه المواضيع تفرعات كثيرة ، ونأخذ مثلا التغيير المناخي ، فمن التأثيرات الكبيرة المناخية هو الجفاف ومن تأثيرات الجفاف الزراعية والتصحر ومقابل التصحر هناك انحسار في الغطاء الأخضر وأعطي مثلا لقضية نعيشها الآن - والدكتور رياض الحلفي مدير عام الصحة العامة هو المسؤول المباشر على هذا الموضوع - وهي الحمى النزفية".

 مضيفا بالقول "وربما يتساءل شخص عن ماهية علاقة التغير المناخي بالحمى النزفية؟.

 أوضح الحسناوي ان "الحمى النزفية فايروس ينقل الى الحيوان ( المواشي ) ومن ثم الى الانسان ، وتابع "عندما التقينا باللجنة العليا للحمى النزفية ومعنا الأخوة في وزارة الزراعة ، اوضحوا ان الناقل المسبب هو فيروس الحمى النزفية والناقل للحيوان والمواشي هو حشرة القراد ونتيجة غياب الغطاء النباتي في المناطق التي حول الأماكن التي يوجد فيها المواشي نتيجة غياب هذا الغطاء النباتي ازدادت حركة القراد وازداد نشاط القراد وتوجهه نحو الحيوان وبالتالي يصاب الحيوان وقد يصاب القصاب وقد تصاب ربة البيت وإذا كان هناك مريض في المستشفى -لا سامح الله قد يصاب الجهاز الطبي والتمريضي المتعامل مع هذه الحالة - بدون أن يعلم أن هذه الحالة مشخصة كحمى نزفية".

 متابعا بالقول " لو نلاحظ ان الربط شيء بعيد جدا ليس له علاقة  في كل التصورات بالتغيير المناخي  ، لكن التغيير المناخي أحد هذه الأسباب".

 وأضاف الحسناوي " اعطي مثالا اخرا ، ان ارتفاع درجات الحرارة العالم اليوم لها تأثيرات كبيرة على  مرضى السكر وكذلك مرضى ارتفاع ضغط الدم ومشاكل كتيرة نتيجة ارتفاع درجات الحرارة والتي لها تأثير مباشر وتأثير غير مباشر تأثير ، فالأصابة بالإعياء مرض مزمن وضعف المناعة يؤدي إلى الإصابة بالالتهابات والأمور الأخرى فالتغير وارتفاع درجة الحرارة تأثيرها على مرض الضغط على مرض السكر على مرض السرطان تحدث ضعفا للمناعة وبالتالي تنتج اصابات اخرى قد تكون لا علاقة لها بشكل مباشر بالتغيير المناخي .

اما  ندرة المياه ففي قلة الأمطار وقلة مياه الأنهار تزداد نسبة الأمراض المنقولة  عن طريق الماء مثل الكوليرا والتايفوئيد والتهاب الكبد الفيروسي والامراض الأخرى وتزداد هذه الأمراض المنقولة عن طريق الماء ، فبالتالي احتمال الإصابة يكون أكثر وخاصة إذا ما كان هناك فرصة لتناول المياه الصالحة للشرب سواء كانت معقمة على شكل قناني أو اللي تم التعامل معها بشكل علمي صحيح في محطات تصفية المياه" .

 وبين الحسناوي ان نتيجة انخفاض مستوى المياه من مآخذ المياه في الانهار سوف تأخذ كثيرا من الملوثات وفي بعض الأحيان حتى طريقة التعامل معها من خلال الشب والكلور قد لا تؤدي إلى تعقيمها البيولوجي بشكل صحيح ، مثلا في بلدنا ففي  بعض الأحيان استخدام المبيدات الزراعية الثقيلة بالذات العناصر الثقيلة وذات العمر الطويل هذه ترسباتها تكون في المياه وقد تكون محطات التصفية غير قادرة على التعامل معها ،مما تؤدي إلى الإصابة وهذه الإصابات عادة من العناصر التقيلة  تكون مزمنة وتأخذ وقتا طويلا وتأثر تأثيرا مباشرا على الجهاز العصبي". 

التلوث البيئي هي المعضلة الكبرى ومدخل لكل الأمراض 

واكد الحسناوي ان "التلوث البيئي هي المعضلة الكبرى ومدخل لكل الأمراض ومدخل للاصابة  بالأمراض كالسرطان والتلوث البيئي هو ليس فقط التلوث الصناعي أو التلوث الصناعات النفطية التلوث البيئي يبتدأ من التدخين وتستمر حتى المقاهي"، مؤكدا ان التلوث البيئي الناتج عن الصناعات النفطية الهايدرو كاربونز اذ ان الثابت علميا ان علاقة الهايدروكوربونز بسرطانات الدم لذلك في المناطق التي يكثر فيها ملوثات كيمياوية ناتجة عن الصناعة النفطية نلاحظ هذا السرطان بالذات ا وغيرها ، وهذه السرطانات نسبتها مرتفعة". 

وشدد الحسناوي على ان "مكافحة التغيير المناخي هي ليست مسؤولية الدولة فقط "الدولة كمنظومة" هي مسؤولية الفرد أيضا بالدولة". 

وتابع ان "القضية لا تخص دولة تخص المنطقة الأقليم ، نحن في أقليم المتوسط  -هذا المصطلح للصحة العالمية - الذي  هو من افغانستان إلى المغرب يجب ان يكون لدينا عمل مشترك.

 أيضا ، دول العالم يجب أن يصبح لديها عمل مشترك  . نعم هناك عمل مشترك والإعلان العالمي والمناخ وغيرها لكن يحتاج تفعيلها على مستوى البلد". 

واكد  " ان بعض الحلول قسم منها  يتعلق بنا ،وقسم بالعلاقات السياسية مع دول الجوار، وندرة المياه لدينا مشكلة تتعلق بدول الجوار ، لكن مشكلتنا بالداخل أعمق".

 وفي معرض اجابته على مداخلة المشاركين حول مخلفات مدينة الطب التي ترمى في نهر دجلة ، قال الحسناوي اننا ومنذ سنوات نؤكد ان لا مخلفات لمدينة الطب ترمى في نهر دجلة ، منوها بوجود شبكة مجار داخل المدينة مربوطة بشبكة مجاري امانة العاصمة ولكن يبدو ان وحدات التنقية للمخلفات ليس بالكفاءة المجدية وربما بسبب تزايد المخلفات جراء ازدياد عدد الامراض والمرضى . 

واكد الحسناوي ان مدينة الطب تتعامل مع المخلفات بطريقة علمية وان لدى مدينة الطب منظومة لمعالجة المخلفات وبعد معالجتها يتم تحويلها الى شبكة المياه المرتبطة بشبكة مجاري بغداد . 

العراق يفقتد لصحافة بيئية حقيقية

 وقال رئيس هيئة أمناء شبكة الاعلام العراقية السابق الدكتور  جعفر ونان في محاضرته عن أهمية ودور الذكاء الاصطناعي والتكنلوجيا في ترويج الثقافة البيئية والمساهمة في خلق رأي عام يساعد في تفعيل الحلول واخذ مخاطر التغيرات المناخية وندرة المياه بجدية والتعامل معها بثقافة مغايرة عن السابق ، مشددا على ان الاعلام سلطة أولى وليس سلطة رابعة ، وهذه السلطة هي القادرة على إعادة الامل الى المجتمع بعد ان ساهم جزء كبر من الطبقة السياسية في زيادة الخيبة وكسر الامل عند العراقيين .

 وأضاف الونان ان خطر التغيرات المناخية والاحتباس الحراري لايقل خطورة عن وباء كورونا داعيا الى تشكيل تحالف اعلامي بيئي يعني بشكل تخصصي بهذا الملف الخطير وان العراق يفتقد لصحافة بيئية حقيقية . 

وأشار الونان الى ان قلة الواردات المائية في نهري دجلة والفرات يتطلب موقفا وطنيا اتجاه تركيا وايران .

 كلمات مفتاحية للتغيرات المناخية وندرة المياه

 وقال الخبير الاكاديمي الدكتور نظير فزع في محاضرته العلمية التي سبقت المحاضرة الإعلامية ان على الجهات الإعلامية استخدام الكلمات المفتاحية لهذه التغيرات  مما سياسهم في إيصال صورة حقيقية واضحة . 

وقال فزع ان دور الاعلام الان يجب ان ينتقل من ثقافة نقل الخبر والمعلومة الى ثقافة التثقيف والتوعية وان يغادر مرحلة الوسيط الناقل الى مرحلة المتبني الفاعل لخطورة ما نحن فيه وما سنواجهه والبلد من كارثة التغيرات وندرة المياه .

  وجرت خلال الورشة التدريبية نقاشات ومداخلات مع الصحفيين والإعلاميين ، بعدها قدم الدكتور إبراهيم بحر العلوم راعي مشروع "ظما العراق دروع تكريمية للضيوف . واختتمت الورشة بنقاشات عن دور الاعلام في تثقيف المجتمع بمخاطر التغيرات المناخية وندرة المياه والسبل الكفيلة في مواجهة هذه الازمة.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن