قدمت وزارة البيئة العراقية، استعراضا شاملا لقضية التلوث البلاستيكي في العالم، و المفاوضات الجارية بشأنها، ورؤيته في حل هذه القضية البيئية الخطيرة، والتي تتضمن حلولا في تعزيز الاقتصاد الدائري للمنتجات البلاستيكية و تخليصها من المواد الكيمياوية الخطرة على صحة الإنسان والبيئة.وحذرت الوزارة في الوقت نفسه من أن فرض أي عقبات أمام إنتاج أو استهلاك المنتجات البلاستيكية سيؤدي إلى عواقب اقتصادية وتنموية وخيمة.
وقال لؤي صادق المختار مدير قسم الكيماويات و نقطة الاتصال الوطنية لإتفاقية "ميناماتا" والتفاوض بشأن التلوث البلاستيكي، إنه يُنتج سنوياً في 430 مليون طن من البلاستيك، ويتسرب 19 - 23 مليون طن سنويًا إلى الأنظمة المائية، أي ما يقرب من 5٪ من البلاستيك المنتج إلى الأنظمة المائية.
وأوضح أنه تتم إعادة تدوير 10٪ فقط من النفايات البلاستيكية،و66٪ من البلاستيك المنتج هو قصير العمر او من ذو الاستخدام الواحد ، و46٪ من النفايات البلاستيكية تذهب إلى مكبات النفايات، و22٪ من النفايات البلاستيكية تتم إدارتها بشكل سيء، مما يخنق هذا التلوث الحياة البرية البحرية، ويضر بالتربة ويسمم المياه الجوفية، ويمكن أن يسبب آثارًا صحية خطيرة.جاء ذلك خلال مشاركته كمتحدث ضمن أعمال الطاولة المستديرة لمنتدى "ايكومين" العالمي في مؤتمر الأطراف 29 للتغير المناخي المنعقد حاليا في باكو، حول القضايا الرئيسية للتنمية المستدامة طويلة المدى للاقتصاد العالمي.
وأضاف المختار أنه تُقدَّر كمية البلاستيك في المحيطات بحوالي 75-199 مليون طن، وهي تسبب تأثيرات مميتة وشبه مميتة للحيتان والفقمات والسلاحف والطيور والأسماك وكذلك اللافقاريات مثل المحار والعوالق والديدان والشعاب المرجانية، وتشمل آثارها التشابك والجوع والغرق وتمزق الأنسجة الداخلية والاختناق والحرمان من الأكسجين والضوء و الإجهاد الفسيولوجي والضرر السام.
وبيّن انه يمكن للبلاستيك أيضًا تغيير دورة الكربون العالمية من خلال تأثيره على العوالق والإنتاج الأولي في الأنظمة البحرية والمياه العذبة والبرية، مشيرا إلى أن النظم البيئية البحرية، وخاصة أشجار المانغروف والأعشاب البحرية والشعاب المرجانية والمستنقعات المالحة، تؤدي دورًا رئيساً في عزل الكربون.
وكلما زاد الضرر الذي نلحقه بالمحيطات والمناطق الساحلية، كلما كان من الصعب على هذه النظم البيئية تعويض تغير المناخ والبقاء مرنة تجاهه.وأكد صادق المختار ان تحلل المواد البلاستيكية في البيئة البحرية،ينقل المواد البلاستيكية والألياف الدقيقة الاصطناعية و السليلوزية والمواد الكيميائية السامة والمعادن والملوثات الدقيقة إلى المياه والرواسب وفي النهاية إلى سلاسل الغذاء البحرية،حيث تعمل المواد البلاستيكية الدقيقة كناقلات للكائنات المسببة للأمراض الضارة بالبشر والأسماك ومخزون تربية الأحياء المائية.
عندما يتم تناول المواد البلاستيكية الدقيقة، يمكن أن تسبب تغييرات في التعبير الجيني والبروتيني، والالتهابات، واضطراب سلوك التغذية، وانخفاض النمو، وتغيرات في تطور الدماغ، وانخفاض معدلات الترشيح والتنفس.
واوضح انه في عام 2019، أنتجت المواد البلاستيكية 1.8 مليار طن من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بما يقدر - 3.4٪ من الانبعاثات العالمية، وسيساهم تعزيز الاقتصاد الدائري وإعادة التدوير في تقليل نسبة الانبعاثات الناتجة عن الإنتاج والتخلص من النفايات البلاستيكية من خلال مكبات النفايات أو حرقها أيضًا. وبالتالي، فإن أنظمة إدارة النفايات البلاستيكية وتطوير قدرات إعادة التدوير هي الحل الأمثل لهذه المشكلة، بالإضافة إلى أنظمة الاستهلاك المستدام.
وفي آذار/مارس العام 2022، في الدورة الخامسة المستأنفة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة (UNEA-5.2)، تم اعتماد قرار تاريخي لتطوير صك دولي ملزم قانونًا بشأن التلوث البلاستيكي، بما في ذلك في البيئة البحرية.
وطلب القرار (5/14) من المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) عقد لجنة تفاوض حكومية دولية (INC) لتطوير الصك لإنهاء التلوث البلاستيكي على أساس نهج شامل يتناول دورة حياة البلاستيك الكاملة، مع طموح لإنهاء عمله في نهاية عام 2024.وقد عقدت أربعة اجتماعات، ولم يتبق سوى الاجتماع الخامس، المقرر عقده في نهاية هذا الشهر، ويمثل نقطة حاسمة في المفاوضات اللازمة للوصول إلى نص الصك.ونبه المختار الى ان اختراع البوليمرات الاصطناعية والمنتجات البلاستيكية حقق ثورة عالمية مهمة في التطور الحضاري البشري.
لقد كانت المنتجات البلاستيكية بديلاً هاماً وفعالاً للعديد من المواد والمنتجات ذات الأصل الطبيعي، والتي يؤدي استهلاكها إلى استنزاف تلك الموارد، أو تعريض التنوع البيولوجي للعديد من المخاطر الجسيمة، مثل: استهلاك جلود الحيوانات أو عظامها، أو العاج الطبيعي أو المنتجات النباتية مثل: المطاط والخشب والورق الناتج عن قطع الأشجار.
ونوه الى أن البلاستيك اتاح الفرصة لجميع شرائح المجتمع على قدم المساواة للحصول على منتجات مختلفة على الرغم من الفوارق الطبقية، وذلك بسبب انخفاض سعره وجودته ونطاق استخداماته الواسع، مؤكدا أنه لا يزال العالم بأسره بحاجة إلى البلاستيك والمنتجات المحتوية عليه أو التي تعتمد على وجوده ومساهماته الواسعة.
كما حذر المختار من ان فرض أي عقبات أمام إنتاج أو استهلاك المنتجات البلاستيكية سيؤدي إلى عواقب اقتصادية وتنموية وخيمة، وإلى مضاعفات بيئية غير متوقعة، وسوف يؤثر بشكل رئيسي على الطبقات الفقيرة والمتوسطة في المجتمع ويزيد من معاناتهم.
واختتم حديثه بالقول ان هناك اكثر من عشرة آلاف مادة كيمياوية تضاف إلى المنتجات البلاستيكية، مما يجعل مخاطر هذه المنتجات على المستخدمين عديدة و غير مشخصة، ويتطلب أن يتضمن الاتفاق القادم آليات واضحة مستندة إلى العلم في تقييد ومنع عدد من هذه المواد الكيمياوية التي يثبت خطورتها على الإنسان.يذكر أن العراق قد ترأس بشكل مشترك مع كل من: ألمانيا و بلاو فريق الخبراء الدولي المفتوح العضوية ضمن المفاوضات الجارية بشأن التلوث البلاستيكي.