16 Oct
16Oct

قاسم الكعبي 

خرج كالعادة من غرفته المتواضعة ٌ إلى صالة الاستقبال التي نصبت على جدرانها مكتبتان، تضم أشهر المؤلفات الإسلامية. لم تغب العكازة والابتسامة عن مرافقته، جلس في مكانه المتواضع المعتاد فيما بانت ملامح السعادة على وجهه ،وهو يشاهد رجال دين من الأزهر الشريف وجامعة الزيتونة، ومجلس العلماء الأندنوسي،وكنائس مختلفة،كل ذلك من خارج العراق ، فضلاً عن رجال دين عراقيين من السنة والشيعة وغيرهم من الديانات والطوائف الأخرى. أبدى إصغاءاً ملفتاً للمتكلمين، حيث دوّن بعض كلامهم في دفتره،وكان يضع الملاحظات بسرعة تجمع بين الاستماع والتجاوب وبين تسجيل العبارات التي يريد الرد عليها،أجل إنه المتولي الشرعي للعتبة الحسينية المقدسة سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي، الذي يولي أهمية كبيرة لكل ما من شأنه أن يساهم في تقريب وجهات النظر ويخدم العيش المشترك بين جميع الديانات والطوائف .


مؤسسة الإمام الحسين ع للحوار وبناء السلام التابعة للعتبة الحسينية المقدسة أقامت مؤتمرها السنوي الثاني تحت شعار " حرية الرأي والعيش المشترك" المتزامن مع الذكرى السنوية الأولى لرحيل رائد الحوار الإنساني العلامة السيد صالح الحكيم طاب ثراه،والذي  شارك فيه شخصيات من داخل العراق وخارجه. 

    في لقائه الخاص بأفراد وفد المؤتمرين وفي مكتبه رحب سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي  بالضيوف قائلاً: نرحب بالضيوف الكرام من جميع الديانات والطوائف في العتبة الحسينية المقدسة والتي دأبها تحقيق  العيش المشترك، فالتعايش لا يقتصر على المجاورة، بل يتضمن التعايش الثقافي والفكري واحترام الآخر وغيرها،موضحا أن رسالتنا هي الحث على التعامل الإنساني مع جميع الديانات والطوائف "     مضيفاً : “إن على الجميع احترام خصوصية جميع الأديان والمذاهب، وكذلك إعطاء مساحة للحرية الفكرية، بالنظر والتدبر، لهذا تسعى مؤسسة الامام الحسين (ع) برعاية العتبة الحسينية المقدسة  إلى توفير أجواء الحوار الإيجابي مع جميع الأطراف ونؤكد على الابتعاد عن الخلافات، والعيش على هذه الأرض كأمة واحدة " 

    وأشار الكربلائي إلى أن " الإمام علياّ (ع) قال: الناس صنفان إما اخ لك في الدين أم نظير لك في الخلق . 

     وأكد على مقولة المرجع الأعلى سماحة السيد علي الحسيني  السيستاني دام ظله الوارف: أن اهل السنة هم أنفسنا وليسوا إخواننا، وهذه قاعدة أساسية أصبحت منهجا أصيلا في حياة شعبنا الكريم . 

      وأشار أيضاً إلى توجيهات المرجع الأعلى سماحة السيد علي الحسيني  السيستاني دام ظله الوارف، فأنه دام ظله  يدعو ويؤكد على التعايش السلمي والاجتماعي بين المكونات ونحن ملتزمون بهذه الوصايا ونطبقها مع جميع الناس في العالم "  

    وبيّن سماحته " هناك الكثير من العنف  في عالمنا ،وهو  بسبب الأحقاد المبنية على الأكاذيب وتشويه الحقائق، وما ينشر من الإعلام المضلل، والبعض لا يتحقق من مصادرها حتى يكتشف زيف الاتهامات التي لا أصل لها.  ونحن نشجع على الانفتاح واللقاءات التي تعزز  العيش وتقلل من حدة التطرف والتفرقة "    

 
وقال سماحة السيد إحسان صالح الحكيم مدير مؤسسة الامام الحسين ع للحوار وبناء السلام :” كان حضور مؤتمر الموسوم حرية الرأي والعيش المشترك فريدا من نوعه اذ شارك وفد من الأزهر الشريف ومن الزيتونة في تونس وكذلك علماء من لبنان وسورية وإندونيسيا فضلا عن حضور شخصيات مهمة من كوردستان والمحافظات العراقية الأخرى إضافة الى حضور فضلاء الحوزة الدينية في النجف الاشرف "  

   وقد ناقش المؤتمرون خمسة محاور أولها: الحرية ومفهوم التعايش السلمي، وثانيها الحرية في فكر العلامة السيد صالح الحكيم، وثالثها الحرية وحدودها في الأديان، ورابعها الحرية ومخاطر النوع الاجتماعي ،وكذلك الحرية وحرق الكتب المقدسة "    

 وأضاف  ان " الشيخ الكربلائي كان له دور كبير في إقامة المؤتمر وكذلك بدعم المؤسسة منذ تأسيسها على يد العلامة السيد صالح الحكيم رحمه الله ، وشكر سماحة المتولي الشرعي للعتبة الحسينية على ما قدمه من دعم كبير في تحقيق لقاء الإنسانية الذي جمع الأديان والطوائف العربية والأجنبية "

     
فيما قال الأب مكاريوس قلومة كاهن كنيسة سيدة دمشق للروم الكاثوليك في سوريا خلال مداخلته : " باسم الشعب السوري  نشكر سماحتكم على إرسال قوافل المساعدات إلى عدة مناطق في سوريا بعد الزلازل، حيث كان كل ما قدمتموه إلى سوريا لله،  وكانت المساعدات الإنسانية التي أتتنا من العتبة الحسينية المقدسة هي دفعة من نور لم تميز بين مسلم أو مسيحي أو غير ذلك "

     
بينما قال القس الدكتور انزلم رابولس سيرومي الوزير المفوض لشؤون الأديان في هنغاريا: " المؤتمر وفر لنا مساحة من خلالها تبادلنا الأفكار والمشتركات مع علماء دين في الحوزة العلمية في النجف، اذ اكتشفت ان هناك مشتركات كثيرة جدا بيننا ،وأما الاختلافات فهي قليلة لا تؤثر على العيش المشترك واحترام الآخر "   

   أما الشيخ محمد الزعبي إمام جمعة طرابلس في لبنان فقد قال: " عمل مؤسسة الإمام الحسين (ع)  في المؤتمر تميز في المنهج وأخلاق الحوار والصدق ، حيث وجدنا في الجلسات الحوارية أسس الحوار المكتملة والصدق والجرأة والجميع كان يسمع  الآخر ويحترم الآراء التي طرحت في المؤتمر "       

   أما الدكتور رمزي تفيفحة من جامعة الزيتونة في تونس فقد قال: إن مؤتمر حرية الرأي والعيش المشترك الذي أقيم في محافظة النجف كان ناجحاً شجعنا على أن نكون سفراء للتعايش بين الأديان  ،إذ يجب ان نحترم الاخر ونعيش معه كما هو ،من أجل السلام والمحبة "

     
الدكتور أحمد حسين محمد إبراهيم عميد كلية الدعوة الإسلامية من جامعة الأزهر الشريف في مصر " نحن سعداء في حضور المؤتمر الذي وضح قضايا كثيرة كانت مشوشة ومفبركة بالنسبة لنا والتي كانت تصل عن طريق الإعلام المشوش الذي وصف العراق بالبلد غير المضطرب  أمنيّاً وغير ذلك".

     
هكذا تلاقت القلوب الصادقة في حرم الامام الحسين عليه السلام، ووقف الجميع يتطلعون إلى حرم سيد الشهداء يستلهمون منه معاني التضحية والفداء والصبر . فيما وصف الحاضرين المتولي الشرعي للعتبة الحسينية المقدسة برجل الانسانية .

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن