على الرغم مما يمكن تسميته بـ"ثورة المشاريع" التي انطلقت في ذي قار خلال الأعوام الماضية، بعد استحداث صندوق إعمار المحافظة من قبل مجلسيّ الوزراء والنواب باعتبارها "محافظة منكوبة"، إلا أن المواطنين أصيبوا بـ"خيبة أمل" إذ سرعان ظهرت العيوب وتدني مستوى الجودة لهذه المشاريع بسبب غياب الشفافية.
يقول المعلم الجامعي، امجد كاظم، إن لديه "أمنية بأن أسمع صوت المحافظ محمد هادي، في مؤتمر صحفي أو حتى تصريح إعلامي يتحدث فيه عن المشاريع وخاصة ما يتعلق بمنطقة الحبوبي التي أصبح خربة والتجاوزات تملئ الشوارع"
"خيبة أمل"
ويضيف في حديثه لوكالة انباء محلية "هل هذه هي الأحلام التي حلمنا بها؟، يا لخيبة أملنا الكبيرة تجاه المشاريع التي أعلنت خلال الفترة الماضية"، مشيراً الى أنه "من ابسط حقوقنا كمواطنين في ذي قار، أن توفر الجهات التنفيذية لنا ولأطفالنا أماكن نقضي فيها سويعات للراحة وللعب الأطفال، ولكن هذا لم يحصل للأسف خلال الفترة الماضية".
ويطالب كاظم بـ"الاستيقاظ من السبات العميق الذي يعيش فيه الجميع داخل الناصرية وضواحيها، لأن المدن يعمرها الشرفاء فقط، والمدينة بحاجة لأناس أصحاب ضمير في العمل، لا أصحاب صفقات خفية بإحالة المشاريع".
وفي وقت سابق، أعلن الأمين العام لمجلس الوزراء حميد الغزي، عن إنجاز 152 مشروعاً ضمن صندوق إعمار ذي قار منذ تأسيسه عام 2020، مؤكداً إن هناك 98 مشروعاً قيد الانجاز بالمحافظة.
وقال الغزي في بيان ، إن "هناك 250 مشروعاً ضمن صندوق إعمار ذي قار، أنجز منها حتى الآن 152 مشروعاً ودخلت الخدمة في المحافظة، بينما هناك 75 مشروعاً نسبة إنجازها تجاوزت الـ70%، أما باقي المشاريع فحققت نسب إنجاز متقدمة في العمل".
وأكد أن "المشاريع المنفذة في ذي قار أغلبها على تماس مباشر مع المواطنين فمنها ما يتعلق بالمجاري والماء والصحة".
ونوهت مصادر مطلعة ، إلى أن "كلفة المشاريع التي أنجزت خلال المرحلة الماضية، والتي ما تزال قيد الانجاز قاربت الـ700 مليار دينار عراقي".
"الابتزاز" يطرد الشركات
في غضون ذلك، انسحبت عدة شركات عاملة بمشاريع صندوق إعمار ذي قار في قضاء الإصلاح شرقي المحافظة، نتيجة منعها من العمل من قبل "مبتزين" في القضاء.
وأبلغ ناشطون في القضاء وكالة انباء محلية ، إن "الأحداث الأخيرة التي شهدها القضاء سبقها توتر حول المشاريع الحديثة المحالة على الشركات في الإصلاح، حيث أقدم العديد من أصحاب النفوذ على محاولة ابتزاز الشركات المنفذة لهذه المشاريع، ولعل أبرزها مغادرة الشركة المنفذة لمشروع بناء مستشفى سعة 24 سريراً على مساحة 5 دوانم، دون أي تحرك من السلطة المحلية بهذا الصدد".
حزمة مشاريع خدمية
وفي وقت سابق، أعلن محافظ ذي قار، محمد الغزي، عن إحالة وتوقيع عقود 16 مشروعا خدميا في عدد من الاقضية والنواحي والأحياء في المحافظة وذلك استكمالاً للمشاريع الكبرى والمحالة للتنفيذ في عموم أقضية ونواحي المحافظة ضمن خطة مشاريع تنمية الأقاليم 2023.
وقال الغزي في بيان إنه "تم إحالة وتوقيع عقود مشروعي تشييد شبكة (ضغط واطئ) مع نصب محولات لحي الزهراء والشهداء مع شبكة إنارة ديكورية في ناحية المنار، ومشروع إنشاء مجمع ماء سعة 200م3\سا في الناحية نفسها، إلى الشركات للمباشرة بالتنفيذ".
وأضاف أنه تم أيضاً "إحالة وتوقيع عقود مشروعيّ إنشاء طرق ريفية لقضاء الإصلاح بطول كُلي 22.050 كم وبعدد 9 طرق، وتأهيل ملعب الإصلاح الكبير ضمن مشاريع تنمية الأقاليم 2023".
وأشار الغزي إلى "إحالة وتوقيع عقود مشروعيّ إنشاء وتأهيل طرق ريفية في ناحية العكيكة بطول كُلّي 33.48 كم وبعدد 17 طريقاً، وتأهيل شبكات كهربائية ونصب محولات KVA250 وتشييد شبكات كهربائية جديدة/ ناحية العكيكة ضمن مشاريع تنمية الأقاليم 2023".
ولفت محافظ ذي قار إلى "إحالة وتوقيع عقود مشروعي إنشاء شبكة صرف صحي مع خط ناقل ومحطة رفع مشتركة في مركز ناحية الطار، وتأهيل طريق الطار - فهود مع إنشاء طرق ريفية في ناحية الطار ضمن مشاريع تنمية الاقاليم 2023".
كما اعلن الغزي عن "احالة وتوقيع عقود مشروعيّ انشاء شوارع تشمل البنى التحتية كافة من شبكات مياه الامطار والصرف الصحي مع شبكة الماء واعمال الكهرباء وصب الشوارع في احياء الحجاميات الشمالية وابو غنم وحسن علوان في قضاء الفجر، وانشاء محطة رفع مجاري الصرف الصحي في حي الاحرار قدرة 1500م3/سا، ومحطة رفع مجاري الصرف الصحي في الحي العسكري قدرة 1500م3/سا في مركز قضاء الفجر، ضمن مشاريع تنمية الاقاليم 2023".
الى ذلك أكد محافظ ذي قار "احالة وتوقيع عقود مشروعيّ إنشاء قاعة رياضية مغلقة متعددة الاغراض سعة 500 متفرج في ناحية الفضلية، وتأهيل وتشييد شبكات كهربائية مع تجهيز محولات ذات سعات مختلفة في مناطق ناحية الفضلية، ضمن مشاريع تنمية الاقاليم 2023".
وفي ناحية المنار، أعلن محافظ ذي قار عن "احالة وتوقيع عقود مشروعي تشييد شبكة ضغط واطئ مع نصب محولات لحي الزهراء والشهداء".
وفي السياق نفسه، اعلن الغزي عن "احالة وتوقيع عقد مشروع انشاء شبكات مجاري مياه امطار وصرف صحي وشوارع ومحطة رفع مشتركة قدرة 3000م3/سا في مركز ناحية ميسلون المستحدثة بقيمة خمسة مليارات دينار".
مشكلة المهندس المقيم
يقول قائممقام قضاء البطحاء، غربي الناصرية، عبد الله حامد، ان "القضاء يعاني مما يسمى المهندس المقيم في المشاريع التي تنفذها الدوائر في القضاء"، مؤكدا إن "جميعهم غير مجدين بعملهم".
وذكر حامد لوكالة انباء محلية إن "موازنة قضاء البطحاء بلغت 12 مليار دينار بحسب النسبة السكانية المسجلة لدى السلطات الاتحادية، حيث أن هذه المبالغ لا تكفي لإنشاء مشروع خدمي متطور لأهل القضاء".
وبين ان "المشاريع التي تنجزها الدوائر المركزية او المحلية في القضاء، غير ناجحة وقد أتعبتنا دوائر المهندس المقيم التي تشرف على هذه المشاريع، كونها غير جدية بالعمل".
وتابع "كما ان مشاريع صندوق اعمار ذي قار، هي الأخرى متلكئة في العمل، وفي حال تدخلنا من اجل تصحيح وضعها نصطدم بالقانون الذي يمنعنا من ذلك، بحجة أن الصندوق لا يخضع للسلطات في المحافظة وإنما للأمانة العامة لمجلس الوزراء، والشركات تستغل هذا الثغرة القانونية الخطيرة، وفي مساحتها تهدر ما تشاء من المال العام".
وأكد ان "هناك مشاريع أنشأت كانت عبارة عن منحة من الجهات المحلية في مركز المحافظة، كحدائق ترفيهية لابناء البطحاء، لكنه تم إيقافها بسبب سوء تنفيذها والهدر الواضح بالمال العام فيها".
وشدد حامد على انه "تم قفلها بقيود حديدية تم شراؤها بـ2000 دينار عراقي، لحين تصحيح وضعها وجعلها تليق بأبناء البطحاء".
محدودية الصلاحيات
يقول مدير ناحية العكيكة جنوبي ذي قار، حازم الحجامي، إن إدارته "كبقية الإدارات في المحافظة لا صلاحية لها باستلام المشاريع، وإنما دورها يقتصر على تسليم مواقع العمل".
ويوضح الحجامي في حديث صحفي ، إن "المدرسة التي تبلغ كلفتها أكثر من مليار دينار عراقي، وظهرت في مواقع التواصل الاجتماعي على أنها شبه آيلة للانهيار رغم أنها أنجزت نهاية عام 2022، تم تشكيل لجنة تحقيقية من قبل ديوان المحافظة بشأنها".
وأكد ان إدارته "لا علم لها بتسلم المدرسة من قبل شعبة الأبنية المدرسية التابعة لتربية ذي قار، ومرور أكثر من 4 أشهر على ذلك".
وأشار إلى أن "إحدى مساوئ الإدارة المحلية في الاقضية والنواحي، هي أن عملهم يقتصر فقط على تسليم موقع المشروع ولا علاقة لنا بالاستلام عند الانجاز، وحتى لو كانت هناك ملاحظات على المشاريع المنفذة، فإنها لا تعدو سوى مجرد أراء بإمكان المقاول الأخذ أو ضربها عرض الحائط".
وتابع الحجامي إن إدارته "ناشدت العديد من النواب بأن تكون لدى مديري الاقضية والنواحي صلاحية كاملة على المشاريع المنجزة ضمن الحدود الإدارية، ولعل أبرزها إيقاف المشاريع في حال خرجت عن جادة الطريق المرسوم لها وفق العقد".
واشار إلى أن "اتخذت طريقاَ لها في محاربة المشاريع المتلكئة من خلال تبليغ هيئة النزاهة والادعاء العام بكتب رسمية من اجل إفساح المجال للتدخل القضائي وحماية المال العام من الهدر".
وتابع "هذا الطريق سبب لنا العديد من المشاكل مع أصحاب النفوذ بالشارع، إذ تسبب بإغلاق إدارة الناحية لمدة 3 أشهر، من الضغط لسحب الشكاوى المقدمة ضد أصحاب المشاريع المتلكئة".