تسجل احصائيات مغادرة العراقيين لتركيا أرقاما متزايدة خلال العامين الأخيرين، مع تزايد الصعوبات الاقتصادية في تركيا وتأشير تحسن جزئي في القطاع الاقتصادي وفرص العمل والامن في العراق، وبالرغم من وجود عودة طوعية، الا انها مدفوعة بتضييق شعبي وحكومي تركي ضد المهاجرين العراقيين والعرب الاخرين.
ووفقاً لإحصائيات الحكومة التركية، فقد غادر 46 ألف عراقي البلاد في العام الماضي، وهو أعلى عدد من المغادرين على الإطلاق من جنسية واحدة، وتشير الإحصاءات إلى أن نحو 275 ألف عراقي ما زالوا في تركيا، بحسب صحيفة "ذا ناشيونال".
وتشير الصحيفة، في تقريرها ، إن "العديد من المغادرين يعودون إلى العراق"، مبينة ان "تدهور الأوضاع الاقتصادية في تركيا، وزيادة الصعوبات في الحصول على وثائق الإقامة، وأحياناً العنصرية، دفع الآلاف إلى العودة إلى وطنهم".
ونقلت الصحيفة عن مسؤول كبير في الحكومة العراقية قوله: "إنها ليست عودة قسرية، إنها عودة طوعية، ولكن بسبب الوضع المتوتر". ويمر الاقتصاد التركي بفترة طويلة من عدم الاستقرار، حيث أدت أسعار الفائدة المنخفضة إلى التضخم الجامح، الذي يبلغ حاليا 62%، بالمقابل يعود آخرون إلى العراق بسبب تحسن الامن وفرص العمل في وطنهم.
وتشير الصحيفة الى ان من بين العائدين، الآلاف من الأقلية التركمانية في العراق الذين يعودون إلى المناطق التي فروا منها أثناء سيطرة داعش.
ووفقا لجهات تركمانية، فر حوالي 120 ألف تركماني من شمال العراق إلى تركيا في عام 2014، معظمهم من الموصل ومدينة تلعفر ذات الأغلبية التركمانية.
خلال العام الماضي، تمت مساعدة حوالي 3000 من التركمان العراقيين على العودة إلى العراق، بما في ذلك الدعم في الحصول على نسخ جديدة من وثائق الهوية الشخصية المفقودة، والمساعدة في استعادة الممتلكات من واضعي اليد وتوفير وسائل النقل عبر الحدود.
بالنسبة للسياسيين التركمان، هناك حافز لتشجيع العودة إلى العراق: فهم يخشون من أن غيابهم سيسمح لمجموعات أخرى في المشهد السياسي العراقي، المنقسمة على أسس عرقية وطائفية، بالسيطرة على تلعفر، بدلا من ذلك، وينتقل عراقيون آخرون من تركيا إلى بلدان ثالثة، بحسب الصحيفة.
وفي حين يغادر العديد من العراقيين تركيا طوعا، يتم احتجاز آخرين وترحيلهم في بعض الأحيان، وفقا لمحامي حقوق الإنسان ومراقبي الهجرة.
وتم احتجاز حوالي 7800 عراقي باعتبارهم “مهاجرين غير نظاميين” هذا العام – وهو أعلى رقم منذ عام 2019، وفقًا لأرقام الحكومة التركية.
وذكر مراقبون أن الحكومة التركية تتخذ إجراءات صارمة ضد المهاجرين الذين يتجاوزون مدة تأشيراتهم أو يدخلون البلاد بدون تأشيرة.
وقال الأكاديمي التركي مراد أردوغان: "كانت سياسة الحكومة، خاصة في الأشهر الستة الماضية، صارمة للغاية، وهم يحاولون إعادتهم، خاصة إلى البلدان المجاورة - سوريا والعراق وإيران وغيرها"..
وأصبح طلب اللجوء شبه مستحيل في تركيا، بحسب محامي حقوق الإنسان محمود كاجان، وقد ترك ذلك المهاجرين، بما في ذلك العديد من العراقيين، عرضة للاحتجاز والترحيل.
وقال كاجان: "على مدى العامين الماضيين، كان نظام اللجوء بعيد المنال"، مضيفا: ""لنفترض أنك وصلت من العراق، وإذا ذهبت إلى مركز إدارة الهجرة لطلب اللجوء، فلن يتم استلام طلبك وسيتم احتجازك إدارياً".
وأشار إلى مثال شخص من شمال العراق تم ترحيله قبل عدة أشهر، بعد عدم النظر في طلب لجوئه، مبينا انه "لقد تابعت هذه القضية، لكنني أعتقد أن هناك العديد من الحالات المشابهة لهذه الحالة".