استعرض وزير الكهرباء السابق لؤي الخطيب، الثلاثاء، المشاكل الرئيسة التي يعاني منها قطاع الطاقة في العراق، مشددا على ان توفير الطاقة الكهربائية لن يكون بدون رفع الدعم الحكومي واعتبارها سلعة غير مجانية.
وقال الخطيب في تعليق على زيارة رئيس مجلس الوزراء لدائرة التشغيل والتحكم إن "هذه الحالات وغيرها التي استعرضها جنابكم في زيارتكم الأخيرة لدائرة التشغيل والتحكم، هي حالات فردية وقد تكون مناطقية، وليست عامة على مجمل أداء الشبكة، ومحدودة بأداء دوائر التوزيع ذات العلاقة، وبالتالي هي ثانوية لأزمة شحة التجهيز وعدالة التوزيع".
ونبه الى أن "أزمة الكهرباء في العراق سببها الرئيسي هو الدعم الحكومي على التعرفة والوقود وكذلك الهيمنة الحكومية على قطّاع الكهرباء، وبالتالي أسبابها اقتصادية ومؤسساتية قبل أن تكون فنية".
وتابع "ببساطة، سعر تجهيز الطاقة مرتبط بالعملة الصعبة والأسعار العالمية للوقود، وبالتالي من سابع المستحيلات إدامة تجهيز الطاقة للمستهلكين وتلبية الطلب على أساس الدعم الحكومي الذي يستنزف خزينة دولة محدودة الواردات في ظل التنامي السكاني في العراق والذي تخطى حاجز ٢،٦٪ سنوياً. بمعنى، عندما تكون التسعيرة صفر أو قريبة منه، فالطلب سيكون غير محدود وإلى مالا نهاية، هذا فضلاً عن أن الدعم الحكومي والهيمنة الحكومية على هذا القطاع في ظل نظام ديمقراطي فوضوي سيكرّس لسوء الإدارة والفساد أكثر".
وأشار الى أن "قطاع الكهرباء في الآونة الأخيرة يُكلّف خزينة الدولة العراقية قرابة ٢٠ مليار دولار سنوياً ككلفة وقود بالأسعار العالمية وتخصيصات صيانة واستيراد وشراء طاقة وتوسعة للشبكة (إنتاجاً ونقلاً وتوزيعاً) في حين أن القطاع مدعوم بـ ٩٠٪ من الدولة غير قابلة للاسترجاع، وبالتالي لن يُلبّى الطلب المحلي مهما اجتهدت الحكومات وسيبقى القطاع خاسراً ومرتعاً للفاسدين المعتاشين على التخصيصات الحكومية من وقود وتمويل للشركات الحكومية التي تحكمها بروتوكولات المحاصصة السياسية والفئوية".
وخاطب السوداني قائلا "لن يكون الحل في ذهابك إلى دائرة التشغيل والتحكم ونقل طلبات بعض المواطنين، بل يكمن الحل في اجتماعك مع رؤساء الكتل النيابية لتشرح لهم الخطوات الإصلاحية اللازمة في الملفين الاقتصادي والمؤسساتي لهذا القطاع الهام الذي بات مكلفاً على الموازنة الاتحادية بقيمة ٢٠ مليار دولار سنوياً، و ٢٠ مليار دولار سنوياً أخرى كخسارة مباشرة على الناتج المحلي بسبب شحة التجهيز لقطاعات الصناعة والتجارة والزراعة، وأن موضوع إلغاء الدعم بات أمراً لازماً وحتمياً لتجنب الانهيار الحتمي للشبكة الوطنية في السنوات القليلة القادمة".
ولفت الى أن "قرار إلغاء الدعم قرار حكومي بحاجة لموافقة مجلس الوزراء ودعم سياسي من الكتل الحاكمة في مجلس النواب حتى لا تُعيق خطوات الحكومة، وكل هذه بحاجة إلى إصلاحات ضريبية وكذلك تضمين تخصيصات مالية محددة لشبكات الحماية الاجتماعية ليكون الدعم للمستحقين حصراً من الفئات المجتمعية محدودة الدخل، مع وضع خطة محكمة ورصينة لخصخصة قطاعَي الانتاج والتوزيع بصورة تدريجية وبسقف زمني مرسوم وبمعايير عالمية، وبالتالي سيتحول تمويل قطاع الكهرباء إلى جذب الاستثمارات العملاقة وكذلك حركة المستثمرين في سوق الأوراق المالية ليكون القطاع رابحاً، وليس اعتماداً على الدعم الحكومي الذي جعله خاسراً ومستنزفاً للموازنة ومكلفاً للناتج المحلي للبلاد".
وشدد على ضرورة "إلغاء كل خطوط الإستثناءات في تجهيز الطاقة المجانية للجهات السياسية والمؤسسات التابعة لها. وكذلك وضع خطة جباية محكمة لمجمل الشبكة وخصوصاً من العشوائيات التي تجاوزت المليون عشوائية في العراق، وبقوة القانون، وبخلافه يُقطع التجهيز مركزياً للفئات الممتنعة عن الدفع. كما يجب فرض غرامات مضاعفة وعقوبات شديدة على كل مَن يثبت تجاوزه على الشبكة الوطنية".
وتابع "لقد أوضحت هذه الأمور بالتفصيل خلال استضافاتي العديدة في مجلس النواب ولجانه في عام ٢٠١٩ لكن المقترحات جوبهت بمعارضة شديدة من البعض وذلك لاصطدامها بالمصالح الشخصية للكثير من النواب الذين يعتمدون على هذا القطاع ودعمه الحكومي في تسويق حملاتهم الانتخابية، والحليم تكفيه الإشارة".
واكمل أن "مجمل المؤسسات والمنصات الإعلامية تقف بالضد من هذا التثقيف لأنها تميل إلى شعبوية الخطاب وما يتناغم مع رغبة المجتمع الذي لا يرغب بدفع كلفة الطاقة الحقيقية في حين يراها حقاً طبيعياً يجب توفيره من قِبَل الحكومة مهما كان الطلب وبغض النظر عن الكلفة التي لا يريد أن يكون ملزماً بها".
وختم: "الكهرباء ليست خدمة مجانية للمواطنين، بل سلعة تجارية، وكلفتها واجبة التسديد من المستهلك ١٠٠٪ بدون أي دعم، وبخلافه لا يُمكن توفيرها للمستهلكين. وكُل ما يُشاع من سرديات إعلامية حول توفيرها للشعوب من قِبَل الحكومات بصورة مدعومة هو محض كذب، باستثناء بعض الأمثلة المحدودة والمعدودة جداً التي لا يُمكن مقارنتها بالعراق وهي بالعادة ليست قاعدة".