30 May
30May

ممثلا عن العتبة الحسينية المقدسة  شارك السيد احسان الحكيم في مؤتمر الدين والسلام والحضارة في إندونيسيا


 

المواطن / قاسم الكعبي 

الهدوء خيم على قاعة المؤتمر والاستماع كان الاكثر ظهورا حين القى  كلمته التي دعا فيها الى الحوار الحقيقي وحقن الدماء وعدم اعطاء اي فرصة لشق الصف الانساني في العالم ومستشهدا بقول الامام علي ع " الناس صنفان: إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق" . السيد احسان صالح الحكيم ممثل العتبة الحسينية المقدسة وامام اكثر من 300 شخصية دينية من مختلف دول العالم القى كلمة ارتجالية وصفت بالأبرز في مؤتمر الدين والسلام والحضارة  في اندونسيا . الحكيم  اجرى عدة لقاءات مع شخصيات دينية من مختلف دول العالم تحدث فيها عن دور المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف في الحوار والعيش المشترك بين جميع الاطياف والقوميات كما تطرق الى الاعمال الانسانية والخدمية التي قامت بها العتبة الحسينية المقدسة .

  بدعوة من مجلس العلماء الاندونيسي شاركت العتبة الحسينية المقدسة المتمثلة بسماحة السيد احسان الحكيم مدير مؤسسة الامام الحسين للحوار وبناء السلام والدكتور السيد وليد البعاج استاذ الحوزة الدينية في النجف الاشرف  في مؤتمرهم العلمي الدولي (الدين والسلام والحضارة) المنعقد في جاكرتا العاصمة، لمدة ثلاثة أيام 21- 23 /5/ 2023م ، وقد حضر المؤتمر مجموعة كبيرة من علماء الدين المسلمين من مختلف الدول العربية، إضافة الى بعض علماء المسيحية والهندوس والبوذيين والصابئة وغيرهم من الديانات الاخرى . افتتح المؤتمر من قبل نائب رئيس الجمهورية الاندنوسي الدكتور معروف أمين مع مجموعة من كبار المسؤولين وعلماء المجلس الاندنوسي والنهضة الإسلامية. شاركت العتبة الحسينية المقدسة بكلمتين رئيسيتين في قاعتين مختلفتين الأولى القاها السيد احسان صالح الحكيم، والدكتور السيد وليد البعاج .

  فيما اكد السيد احسان الحكيم ممثل العتبة الحسينية المقدسة ومدير مؤسسة الامام الحسين ع للحوار وبناء السلام في كلمته القاها امام الحضور ان " الاختلاف امر الهي وهو امر طبيعي، اما عن كيفية  التعامل مع هذا الاختلاف فهناك طريقان : الاول: ان نتصارع ونختلف ونتحارب وهذا هو طريق الشيطان والله سبحانه وتعالى نهى الانسان ان يتبع خطوات الشيطان واما الطريق الثاني: وهو الحل وان نتعارف ونعيش كأمة انسانية يحترم بعضها بعضا " 

مضيفا " يجب ان نجلس معا ويتقبل بعضنا البعض الاخر ونتبع مبدا الحوار والتعارف والتقارب وليس من اللازم ان نتحول من مذهب الى اخر حتى يرضى عنا الاخرون  اذن  يجب ان نتقبل الاخرين كما نحب ان يتقبلونا الاخرون ونتبادل  الافكار من اجل الوصول الى حلول مشتركة من اجل العيش بسلام "

مبينا " في اللقاءات الرسمية نتحدث عن السلام وعن التسامح وقبول الاخر ولكننا لا نعكس ذلك على ارض الواقع لا اقول الجميع انما اقول بشكل عام هذه الدماء التي تسفك بالعالم الاسلامي وانا اتيت من بلد جريح عانى من نزف الدماء الزكية التي اريقت بسبب الفتاوى التي يصدرها علماء يجلسون في المؤتمرات ويتحدثون عن السلام وهم في الواقع يفتون في سفك الدماء وبقتل الابرياء اذن المشكلة ليس في الاسلام  مشكلاتنا في تطبيق تعاليم الاسلام التي تحرم قتل الابرياء "

مضيفا " هناك فجوة كبيرة بين النظرية وبين التطبيق في كثير من المؤتمرات تتكرر نفس الكلمات والخطابات والشعارات لكن لا نجدها تتحقق على ارض الواقع انما يذهب البعض بعيدا فيما لو اختلفت معه في العقيدة  ، حيث يتجنب الجلوس والحوار معك  واما الدين الاسلامي فهو يدعوك الى  المعاملة الحسنة وقبول الاخر والعيش معا بسلام وامان وان نبني علاقة مشتركة بين ابناء المجتمع البشري والاسرة البشرية الواحدة " .

ودعا السيد الحكيم الى رفع الجهل عن مجتمعاتنا  قائلا " الكثير منا يجهل بعضنا البعض ويتخوف من الحوار والتواصل انما البعض يستمع الى الاعلام المغرض الذي يصنع الفتن ويدعو الى الاقتتال وزرع الطائفية بين المذاهب والاديان لذا نحن نحتاج الى رفع هذا الجهل وان نفهم الاخر ونعيش ضمن المشتركات الكثيرة التي تجمعنا "

السيد الحكيم شدد على قبول الاخر ونبذ الطائفيين واصحاب الفتن مؤكدا اننا " نحتاج الى مبدا مهم ورئيسي وهو مبدا قبول الاخر كما هو ولا نحتاج  الى التعرف على الاخر بشكل تفصيلي عن عقيدته انما نحترم الجميع على مبدا الانسانية والمشتركات و نعزز مفهوم المواطنة والانتماء بين ابناء الوطن المختلفين بالعقيدة والمذهب والدين "

سماحة السيد احسان الحكيم تابع قائلا : نحن " كرجال دين ومن خلال المنصات المهمة في الجامعات والمنابر والاعلام و المؤتمرات يجب ان نكون امة واحدة  لا نوجه الاتهامات الى الاخر انما نجلس ونتحاور معه من اجل الوصول الى مشتركات من اجل العيش المشترك "

مضيفا " الكثير من الصراعات التي وقعت بين الاديان والطوائف يعود اساسها الى الساسة الذين استغلوا الاديان والمذاهب ليحشدوا الناس على الحروب والتعدي على الاخر من اجل المصالح السياسية  لذلك نحن في النجف الاشرف وعلى رائسنا المرجع الكبير السيد علي السيستاني نؤمن ان المؤسسة الدينية لا تدخل في العمل السياسي وان تكون معنية بأيمان الناس والدفاع عن حقوقهم بغض النظر عن انتماءاتهم  الدينية والعرقية السيد السيستاني هو اول من وقف ودافع عن الاقليات في العراق وقال ان " الاقليات هي جزء مهم من العراق "  حيث دافع عنها وبعث برسائل لجميع المعنين يحثهم على الوقوف ودعم الاقليات في العراق " 

ودعا الحكيم الى " فصل الدين عن المضمار السياسي وعدم الدخول في المعتركات السياسية وعلى رجال الدين ان لا يسمحوا للساسة  الذين يريدون استغلال الدين وضرب الاخر بحجة الدين "


فيما اكد الدكتور السيد وليد البعاج استاذ الحوزة العلمية في النجف الاشرف ورئيس قسم الابحاث والدراسات في مؤسسة الامام الحسين ع للحوار وبناء السلام على عدم الاستغلال السيء للدين وصناعة الكراهية والتاكيد على نشر المحبة وبناء السلام في العالم واحترام الاخر 

السيد البعاج وامام الحضور استشهد في بداية كلمته بايات من كتاب الله .وقال " قال تعالى:"لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ" النساء 114. ذم القران الكريم الذين يستخدمون الدين في غير موضعه، والتركيز على مسائل ليست من جوهر الدين، فقال النبي محمد صلى الله عليه وآله:"إنما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق" فالدين هو السلوك، والدين هو المعاملة. فالانسان المسلم مسلم بتعامله مع الاخر فقد عرّف النبي (ص) "أن المسلم من سلم الناس من يده ولسانه". ومن لم يسلم الناس من يده ولسانه فهو بعيد عن الفكر الإسلامي."

مضيفا " فلا خير في نجوى كثير من الناس، فالمناجاة الحقيقية هي الصدقة والإحسان للفقراء، أو اسداء المعروف لمن كان محتاج اليه، أو إصلاح بين الناس، فإصلاح ذات البين خير من عامة الصلاة والصوم المستحبة . ورغم هذا الأساس الذي بني عليه الدين، نجد تجار الأديان، ينقبون في النصوص المتشابهة او المتفردة، من اجل قراءتها قراءة خاطئة تصب في مصلحة الايدلوجية التي يريد أن يتبعوها."

مبينا ان " اغلب من يقوم بتسيس النص الديني وحرفه عن مؤداه ودلالته هم أبعد ما يكونوا عن العلم والعلماء، بل هم اللاهثون وراء الدنيا الباحثون عن أي نص أو عبارة لاضفاء صبغة شرعية على عملهم. وكم رأينا الوبال من هؤلاء الذين وظفوا بعص النصوص لأغراض شخصية أو فئوية أو حزبية كيف استغلوا دور العبادة لبث الفتنة والقتل بدلاً من ان تكون منارة للهداية ومكاناً للسلام والمحبة والتسامح."

ودعا البعاج استاذ الحوزة الدينية في النجف الى الشراكة الانسانية واحترام الاخر وقال " نحن بأمس الحاجة لبناء شراكة انسانية من اجل الوصول الى سلم عالمي وحياة متحضرة، فليس بمقدورنا أن ننصب أنفسنا مكان الله في الحكم على البشر، وأن لنا القدرة والحق في إدخال من نحب الجنة وإدخال من لا نحب النار. فهذا يحتاج الى شخص مرسل من قبل الله مثل الانبياء والاوصياء المعصومون  وحين  لا نجد بيننا ذلك المرسل والموحى له وهو الرابط بين السماء والارض فسنتحول بلا شك الى دكتاتورية رجال الدين الذين يحكمون زورا باسم الدين." 

وكأن الله يغذي منظومة العنف في منظورهم، الله الذي هو لطف مطلق، ومحبة وسلام. وانه بعث الانبياء رحمة للعالمين، وانه هو الذي قرر ان: (لا اكراه في الدين). وروي عن الامام جعفر بن محمد الصادق (ع)، انه حدث اصحابه عن الاخر  فقال: (من ذهب وهو يرى ان له على الاخر فضلا فهو من المستكبرين). لا يمكننا ان نتحرر من سموم الكراهية الا بالايمان بان الكراهية: سم يشربه الجميع، قد تحقق لصانعيها منافع في المديات القصيرة، ولكنها تضمن الخسارة للجميع كذلك في المديات البعيدة."

داعيا الى مراجعة تاريخ الكراهية قائلا " لنراجع معاً تاريخ اهل الكراهية وماذا حل بهم، ولننظر لاهل الرحمة وكيف خلدتهم صحائف النور التي استقرت في عمق الضمائر الحيّة، ولم يستطع الموت ان يسدل الستار على ذكر فضائلهم .لابد ان نؤمن وباصرار، اننا كبشر  من اصل واحد، الرب واحد، والاب واحد: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ"

السيد البعاج استذكر اقوال رائد الحوار سماحة السيد صالح مهدي الحكيم " رحمه الله " وقال ان " السيد صالح الحكيم حين قال: ولابد ان اؤمن باني لست الأعلى، نعم، لدي ما يميزني، ولكن الاخر لديه ما يميزه ايضا.  لذلك يجب علينا ان نتعارف لنتكامل ونعترف باننا محددون في علومنا، وإمكاناتنا ونحتاج الى الاخر في مسيرتنا لنتكامل. وعليّنا ان نتعلم ونواصل البحث عن الحقيقة التي لا يمكن ان يمتلكها احد مِنّا بصورة منفردة."

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن