23 Feb
23Feb

"توتولوجيو"، كلمة يونانية تعني حرفيا "أن أقول الشيء نفسه".

ومن هذه الكلمة جاء مصطلح "توتولوغي" 

 هذا المصطلح له  معنيان احدهما في المنطق والآخر لفظي أو بلاغي .

 فالتوتولوغي في المنطق يقصد به ذلك المصطلح الذي يستخدم لتوصيف القوانين المنطقية. 

وله دلالاته وتعبيراته اللغوية الخاصة من معنى وألفاظ مختلفةإلا إن المفهوم العام "للقانون" يظل صحيحا بغض النظر عن  الكلمات التي تم التحدث بها، او التي استخدمت للتوصيف 

مثل :

- صفر أو لا صفر  أو لا شيء .

- انها تثلج أو عدم الذهاب بسبب الثلج .

- الوطن  أو هو الوطن .

 وهذا التعبير هو منطقي دائما  وحقيقيا   رغم "الاسراف" في استخدام التعبيرات لتوضيح مفهوم من خلال نفس المفهوم.

والمعنى الثاني للتوتولوغي هو المعنى في البلاغة أو اللغة ويعني تكرار الكلمات التي لها نفس المعنى. 

ويعتبر هذا التكرار غير مقبول ، لأنه لا يحمل أية معلومات جديدة

ويطرح في الكلام المنطوق وفي الخطاب المكتوب،فقط للزيادة اللفظية . ولكن لهذه الحالة هناك إستثناء وحيد هو التكرار والمبالغة في الكلمات التي يقصد فيها  التعبير الشاعري للكلام فقط . وكأمثلة عن التشكيلات البلاغية اللغوية غير المرغوبة و المبالغ فيها: 


- الحقيقة الحقيقية.

- التجسس السري .

- دقيقة من الزمن .

- التقدم للامام .

 وبذلك يخاطبنا المتكلم او الخطيب بلغة أقل ما يمكن ان توصف به أنها لغة جوفاء يسعى ليحملها بالالفاظ الزائدة على اصل المعنى  وكأنه يتكلم  بقضية مهمة لا تفهم انت أكثر منه رغم انه لا يضيف لكلامه  أو خطابه معنى (مهما امتلأ بتلك المفردات) عن ما انت ممكن ان تفهمه  من كلمة واحدة . 

مع ذلك يبدو التوتولوغي متمكن من لغته (اللغة الخشبية ) التي يخاطبنا بها والحريص على إثراءها بالمرادفات المدرك لمعانيها التي ينطقها ويوفرها في توسعة حجم الفراغ المنفعي في خطابه .. 

إلا إني لا أعرف ماذا يمكن ان يسمى وما يمكن أن يصنف من يقحم نفسه في عالم الكلمات ويصدر نفسه كمثقف وحامل رسالة ثقافية للمجتمع ويعتبر نفسه من طبقة (النخبة) يخاطبنا بوهم  ويستخدم  مصطلحاتا" دون دراية بمعانيها الحقيقة ويوظفها لغويا" لتشابه المفردة لمعنى في ظنه فقط يسير في دروب اللغة المليئة بالفخاخ غير محصن بثقافة ولا وعي حقيقي مبني على المنهجية أو القراءة والتعمق يبدو هدفه سامٍ إلا إن وسائله هزيلة وكأنه جندي في معركة برشاش من خشب ويتطرق لأمور لا يدركها وتشعر انه لم يحاول أن يفهمها ، ثقافته سمعية مغلوطة يتكلم عن الحداثة والأنسنة والعولمة والكاريزما ويصورها بكل سطحية  بمفاهيم هي ليست لها قربة بها إلا في التشابه اللفظي . مثلا" 

- الحداثة تعني الحديث أو الجديد . 

-الانسنة تعني الانسانية .

- العولمة تعني العالم الصغير .

- الكاريزما  تعني القوة أو الرجولة .

وغيرها كثير ...

وهؤلاء يمكن أن أصنف محتواهم بالمحتوى الهابط البعيد عن الثقافة أو التخصص. ويجب أن يواجهوا بالاعتراض والتوعية لهم حتى لا ينشروا محتواهم لأبعد من أنفسهم .


 الثقافة والإبداع في التخصص بأي مجال هو هدف سامي لكن يجب ان يسلح بوسائل حقيقية ومتينة ورصينة مبنية على القراءة والمنهجية  وصحة وصلاحية  استخدام المفردات  لأن اللغة هي وسيلة التواصل وتوصيل الأفكار منذ الازل والى الأبد ..

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن