أ. د. نزار الربيعي
على الرغم من التجاذبات المستمرة بشأن أهلية تركيا للانضمام الى الاتحاد الاوربي ومدى (استعداد) الاخير لقبولها، الا أن الطرفين لم يواجها فعلياً استحقاقات كل ذلك، ورزت شكوك كثيرة حول جدية كل منهما بهذا الشأن فهل هما جادان في معالجة المسألة؟
كان الطرفان منخرطان في علاقة لا يمل الاول (تركيا) من طلب الانضمام الى الاتحاد الاوربي حتى ولو لم يكن جاداً في الاستجابة للمعايير المطلوبة ولا يمل الثاني (الاتحاد الاوربي) هو الاخر من تأكيد الشروط التي يجب ان تتحقق قبلاً، أما اليوم فقد شهدت البيئة الدولية والاقليمية تغيرات كبيرة دفعتها لتغيير نسبي في موقفيهما، فأمسى الاتحاد الاوربي على الرغم من كل التحفظات (أكثر مرونة) في الحديث عن مواصلة مسار التفاوض والمتابعة بشأن الطلب التركي وفق معايير كوبنهاغن (Copenhagen Criteria) .
كما اصبحت تركيا على الرغم من التردد أو عدم القدرة على حسم الخيارات بشأن المتطلبات الاوربية (اكثر جدية) في اقرار الاصلاحات السياسية والاقتصادية المطلوبة، لذا فإنهُ بمجرد حصول تركيا عل تأشيرة العبور الى مفاوضات انضمامها للاتحاد الاوربي تخلى الاتراك فوراً عن وصفهم الاتحاد الاوربي بالنادي المسيحي، اتضح هذا التحول في نظرة الشارع انه كان في مقدمة المكاسب التي حققتها اوربا في تركيا والعالم الاسلامي، كما أن وزير الخارجية آنذاك عبد الله غول، بشّر تركيا بمزيد من الرخاء والنفوذ بين دول العالم الاسلامي.
أما نقاط الارتباط وهي مسألة الشرق الاوسط الذي يمثل تحدياً مركباً لتفاعلات بين تركيا والاتحاد الاوربي ويمثل ايضاً دائرة ارتباط والتزامات استراتيجية واسعة، بشأن الامن والاستقرار وتوازن القوى (وضبط) النزاعات أو النتائج المحتملة عنها وثمة في الواقع التزامات متبادلة حول الحد من الهجرة السرية، احتواء العنف الاقليمي (الارهاب) الجماعات الراديكالية ، تهريب المخدرات، الجريمة المنظمة ، والنزاعات السياسية للجاليات التركية والاسلامية في اوربا، وتعتمد تركيا على قبول وتفهم أوربي لسياستها في الشرق الاوسط وذلك نظراً لعاملين رئيسيين:
ويمكن القول فيما يخص السياسة الخارجية التركية تفسر صعوبة الرؤى وربما مخاطر التحليل بشأن الظاهرة التركية، ذلك القدر من (عدم اليقين) بشأن المستقبل بخاصة وان الاسس المحلية وكذلك الاقليمية والدولية هي من المحددات والفواعل غير القابلة للتعيين.