20 Mar
20Mar

تتعرض مختلف الدوائر الحكومية إلى أنواع من هزات التغافل والتسويف الذي يعد مسلكاً شائعاً وأصبح قانوناً نافذاً وله عدد من القواعد في معانيه واساليبه للأسف الشديد وهي من الظواهر الشائعة على حساب إحساس الأمة بالنظام ودليل على احترامها لتاريخها وثقتها بنفسها وعلى رغم ما تتعرض له الأمم من تحولات تطويرية وتغيرات يولٌّونَها إستقراءاً وتمحيصاً ويمعنون في البحث في أغراضها ونتائجها وأهدافها لما لها من علاقة في تطور الفكر الإنساني وثقافته وفكره ورقيه مازالت إدارة البلد تفتقر للأسس العلمية التي يتعكز إليها في أحكامه

و يعوز "حُكّامِهِ" إلى التركيز  فمازالت هذهِ الفترة تحديداً تتصف بالروتين والاستغراق ولم تتمكن مختلف الإدارات وفي أغلب القطاعات من معالجة المشاكل الادارية ومزالقها إلا بذات النمط التلقائي دون أن يقف "المسؤول" ليراجع الأمور بصورة علمية ويحكم  على اساس من التصويب والمعالجة  فلاتزال الإدارات تسير على غير هدىً وهو موقف واضح على الاستهانة بأساليب الإدارة والاستخفاف بقواعدها العلمية وعليه أن الإدارة الناجحة تكتسب قيمتها من حقيقة تستند عليها ذلك هو "أسلوب المهنية" ففي العديد من الأزمات التي عصفت بحكومات وأحزاب وتعرضت لمخاطر عديدة وهددت تلك القوى والمؤسسات بسبب افتقارها إلى بنى تحتية وخطط استراتيجية وإمكانيات مادية وبشرية لمواجهة تلك الأزمات لأن انعدام وجود الخطة والخطة البديلة وكل التصورات التي تصب في رسمها وتصميمها مسبقا.

هي في الواقع من اهم اسباب الاخفاق في الخروج من تلك الازمات وبصورة نهائية، او على الاقل في وضع بداية موفقة لحل الازمة.

ان أسلوب الإدارة في الأزمات وأهميتها في تفادي الأزمات أو التقليل من تأثيرها إلى أضيق الحدود يحتاج الى استراتيجية واضحة المعالم، تتداخل فيها امور تكتيكية تتغير في تفصيلاتها مع تغير شكل ولون الازمة المعينة المطروحة او المتفاقمة في المفصل الزمني المعين.

فقد استخدم مصطلح إدارة الأزمة Crisis Management في مجال العلاقات السياسية الدولية لأول مرة عام 1962 خلال أزمة الصواريخ السوفيتية على الأراضي الكوبية، والتي تسببت في تأزم العلاقات بين موسكو وواشنطن إلى حد تلويح الرئيس الامريكي جون كنيدي بحرب عالمية ثالثة. لكن الأزمة انتهت بموافقة الزعيم الروسي نيكيتا خروتشوف على تفكيك تلك الصواريخ مقابل تعهد امريكي بعدم غزو كوبا، حينها قال ماكنمارا وزير دفاع الولايات المتحدة آنذاك لقد انتهى عصر(الإستراتيجية) وبدأ عصر جديد يمكن أن نطلق عليه عصر إدارة الأزمات.

ويمكننا ان نعرف الازمة بانها (تهديدا خطرا أو غير متوقع لأهداف وقيم ومعتقدات وممتلكات الأفراد والمنظمات والدول والتي تحد من عملية اتخاذ القرار). اما تعريف إدارة الأزمات فيمكننا ايجازه بالكلمات التالية: "المحافظة على اصول وممتلكات المؤسسة، وعلى قدراتها، والمحافظة على الأفراد والعاملين بها ضد المخاطر المختلفة، والعمل على تجنب المخاطر المحتملة أو تخفيف أثرها على المؤسسة، في حالة عدم التمكن من تجنبها بالكامل" ومن أسباب حدوث الأزمات :

  1. تأجيل المشكلات أو تجاهلها
  2. عدم وجود إلية لاكتشاف الأزمات قبل حدوثها
  3. عدم وجود استعدادات مسبقة وسيناريوهات قادرة على مواجهة الأزمات عند حدوتها
  4. ضعف الإمكانيات المادية والفنية والبشرية
  5. قصور التخطيط عن تصور المستقبل والاستعداد له
  6. الإدارة العشوائية
  7. النزاعات الداخلية
  8. الاخطاء البشرية


سوء الفهم أو عدم استيعاب المعلومات وعلية يفترض من وضع تصورات لكيفية مواجهة الازمات:

المفتاح هنا هو تبني أنظمة للإنذار المبكر والتخطيط الجيد لاحتواء أية أزمة قبل حدوثها بوضع السيناريوهات والحلول المناسبة لكل ما يتوقع من أزمات قبل حدوثها وتدريب العاملين عليها وتوفير قاعدة بيانات تشمل كافة المعلومات الضرورية لإدارة الأزمة ومنع وقوعها أو الخروج منها بأقل الخسائر.

ان الحنكة السياسية ضرورية جدا في معرفة كيفية قيادة حلول الازمة والاستفادة من المعلومات العسكرية واللوجستية، الا ان الاهم في الاوضاع التي تجابه مؤسساتنا هو معرفة كيفية احتواء وضم كافة الاطراف الى جانبنا في الازمة. فكلمة الاحتواء هنا عبارة عن مطرقة ذهبية تسوي الخلل باقتدار عال من دون ترك اي طرف خارج عملية الاحتواء هذه، حتى الاطراف المنضوية تحت جناح الطرف المتسبب في الازمة. لان الاحتواء الناجح لا يترك اي طرف او ذيل سائب على عواهنه.

وتلعب مسألة الجاهزية وسرعة التعامل مع الأزمة من الامور المهمة جدا في ادارة الازمات في اي مؤسسة.

ومن هذا كله، تتضح بعض التصورات حول الخطوات المطلوب تطبيقها عمليا لدى نشوب اي ازمة:

  1. تشكيل غرفة عمليات فورية لإدارة الازمة، يكون التعامل المباشر فيها من قبل راس المؤسسة كعنصر هام من عناصر إشاعة الطمأنينة وانعكاس للثقة بالقدرة على التعامل مع الأزمة.
  2. يجب ان تضم تلك الغرفة كافة مفاصل المؤسسة المعنية من دون استثناء، من القاعدة الى القمة. لان استثناء اي طرف سيترك خيوط سائبة، وهذا الامر يمكن ان يفتح الباب الى مشاكل آنية او مستقبلية تكون المؤسسة في غنى عنها تماما.
  3. الاحاطة بكافة جوانب الازمة، سياسيا، اقتصاديا، اعلاميا، اجتماعيا. الخ بدون اهمال اي جانب من هذه التفصيلات حتى لو لم تكن طرف في الازمة اوفي حلها.
  4. فكل المشاكل في عالمنا المعاصر مترابطة داخليا بصورة وثيقة، وجديدة، وتختلف اختلاف جذري عن كل التصورات المتوفرة.
  5. لذا فان ضم كافة الجوانب بكل تفصيلاتها من الامور المهمة في تلك الغرف التي اساس مهمتها الخروج من الازمة بحد اعلى او أدني من النجاح.

     تشكيل لجان متخصصة من داخل الغرفة، تقوم كل لجنة بمسك ملف من الملفات العالقة وتتولى متابعتها.

 6.عقد اجتماعات مكثفة لدراسة الازمة ووضع التصورات العملية لغرض حل الازمة من خلال تشخيص الحالة.

 7.من الضروري بمكان ان تكون هذه الاجتماعات مستمرة لغرض تقييم الوضع ساعة بساعة والعمل السريع والاستجابة السريعة حسب ما تتطلبه       الحالة.

  •  وضع الخطة وبديلها في حال عدم نجاحها، على ان يكون امر الاستبدال سريعا بعيد عن بيروقراطيات المؤسسات، وبحضور المسؤول الاول في المؤسسة من اجل ذلك.
  • العامل الزمني يلعب دور مهم جدا هنا من اجل تخطي العقبات والوصول الى نتائج. فمرور الوقت ليس في صالح المؤسسة التي تجابه بأزمة.
  • لابد من توفير متحدث رسمي عن غرفة عمليات ادارة الازمة. يجب على المتحدث الرسمي ان يتسم بمواصفات عالية من حيث الالمام بتفاصيل الازمة وسرعة الرد على الاسئلة، ويجب ان يكون من الاشخاص الذين يوحون بالثقة من اجل تطمين المتلقي حول سير العمليات.
  • قيام الإعلام بنقل صورة حقيقية ومطمئنة إلى الجمهور، مع عدم نقل إي معلومة غير حقيقية من اجل إدامة الثقة مع المتلقي. ويجب على جهاز الاعلام.

 8. الحاضر في غرفة العمليات ان تكون لديه جاهزية عمل ونقل على مدار الساعة.

  • عدم الإشارة إلى جهات بعينها في الأزمة من اجل عدم توسيع رقعة الأزمة وخلق أزمات ثانوية.


وبالتالي يقطع دابر الشائعات، ويمسك بزمام المبادرة كما يساعد على معرفة حجم الأزمة ومدى فداحتها الأمر الذي يمكن فريق العمل من الاستعداد والتخطيط الجيد لاحتوائها.

ان كل الدول والمؤسسات تتعرض الى ازمات، الا ان الادارة الجيدة وحدها هي التي تخفف من الازمة وتجعلها عارض يمكن السيطرة عليه بمجرد بروز بوادر في الطريق.


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن