تعمل حكومة الخدمة الوطنية حتى قبل دوران عجلتها على إعادة تعريف الأشياء والمسميات بموضوعية واعادة الأمور إلى نصابها الصحيح بعد سلسلة من التخريب الممنهج لكل ما هو منطقي في العراق .
في لقاءه المتلفز على القناة العراقية يوم 31 /1 / 2023 أستعرض دولة رئيس الوزراء جملة من القضايا التي وردت في منهاج الوزارة وبرنامج حكومته، كتقديم الخدمات ومعالجة الاختلالات الاقتصادية جراء التلاعب بسعر الصرف واستراداد الأموال، ولكن ما يثير الاهتمام في رئيس الوزراء هو تصميمه الصريح في مكافحة الفساد،ووضوح آليات المكافحة .
والأهم من ذلك كله ما كشف عنه سيادته بالاتفاق والتعاون بين هيأة النزاهة وهيأة الإعلام والاتصالات ،ومن ثم إعمام الأخيرة على القنوات الفضائية بأرسال محقق من النزاهة في تلك القنوات ،ليس ليتابع ما يثار من قضايا وشبهات تتعلق بالفساد فقط حيث يطلب المحقق ما يثبت ادعاءات ضيوف تلك القنوات ،وإنما بتنظيم ومأسسة ما يتم طرحه عبر تلك القنوات الاعلامية.
لعبت بعض القنوات الفضائية في العراق دورا مزدوجا في عملية مكافحة الفساد ،فتارة تكون عونا للدولة وتارة تضع العصا في دوران عجلة مكافحة الفساد ،وتارة اخرى تمارس دور المبتز،ولعل الوجه الابرز طيلة السنوات الماضية هو الدور السلبي في نشر الأجواء السلبية واسقاطه على الواقع العراقي، والتركيز على الاخفاقات ،واشاعة الخوف واليأس والرعب والقلق عند المتلقي العراقي وغير العراقي .
أن أحد الأسلحة الاكثر دمارا في دور الإعلام هو قيام البعض من تلك القنوات بالابتزاز، إما من خلال مقدمي تلك البرامج، أو مالكي تلك القنوات ،أو ممن يتناوبون على الظهور في برامجها الحوارية، لتكون آلية إلقاء التهم على الآخرين (مسؤولين -مستثمرين- شخصيات مجتمعية) هي الطريقة الاكثر إبتزازا . ولعل سرقة القرن ليست ببعيدة حيث أشترك فيها إعلاميين معروفين في قنوات تحتل الصدارة في متابعة المشاهد العراقي .
نحن وبلا شك ،مع كشف كل ملفات الفساد ،ولكننا في ذات الوقت ؛ضد عمليات التشويه المؤدي إلى الابتزاز .اذ أن عدم الوقوف أمام تلك العمليات الابتزازية الممنهجة أنعكس وسيزداد أثره على قطاعات كبيرة في العراق ،وأولها وأهمها قطاع الاستثمار ،حيث ألقت تلك القنوات وضيوفها بضلالها على إشاعة اجواء غير مستقرة لتضرب الاستثمار في العمق ،وهي خطورة أكبر تأثيرا من خطورة الإرهاب وعصاباته الاجرامية ،حينما يتم تشويه سمعة الآخرين والتشهير بهم أستغلالا بشعا.
أن اول أثر مدمر لهذه الحالة هو العزوف الكبير للمستثمرين، وتقويض جهود الحكومة، ومصادر كل الانجازات المتحققة والتي سيتم تحقيقها. وبذلك؛ فالوقوف بوجه عملية الابتزاز تتطلب جهودا حكومية واعلامية وقضائية للحد من هذه الظاهرة التي شوهت وجه البلاد وصبغته بالوان ترعب كل من يرغب بإعماره وتنميته . وأن إيجاد طريقة تقطع الطريق أمام عمليات الابتزاز وتجفيف منابع التمويل غير المشروع عن طريق الابتزاز ستجبر الكثير من الفضائيات على غلق أبوابها.
وعلى هذا الاساس،يجب العمل على النقاط الآتية كخارطة طريق تساعد الحكومة والنزاهة والقضاء ،وتقطع الطريق أمام الابتزاز، :-
1- التزام هيأة النزاهة بتنفيذ توجيهات دولة رئيس الوزراء بتواجد محقق في كل قناة فضائية لمراقبة ومتابعة ما يتم طرحه في البرامج.
2- مطالبة كل من يدعي بوجود حالات فساد بالوثائق والأدلة، والا سيتم التعامل مع الاتهامات بأنها بلاغات كاذبة لتعطيل عمل الحكومةعن طريق الابتزاز .
3- إلزام جميع القنوات الفضائية بعدم استضافة اي شخصية تمارس الابتزاز والتسقيط والتشهير والتشويه بدون دليل .
4- تقوم هيأة الاتصالات والاعلام بالزام جميع القنوات الفضائية بقواعد سلوك تتطابق والمعايير الموضوعية لعمل الإعلام.
5- تشديد العقوبات بحق المبتزين ومضاعفة الغرامات المالية التي تفرض عليهم وفق القانون، اذ سيتم استغلال هذه الفجوة من قبل العديد منهم كون مبلغ الغرامات المترتب على المبتزين أقل بكثير مما يحصلون عليه لقاء ابتزازهم.