كتب : سعد سلوم
تحدثت من منصة مهرجان التراث الموصلي، لإعلن (نينوى) كعاصمة للإقتصاد البديل.
وهذه شذرات خاطفة لإيضاح الفكرة :
1-البصرة العظيمة هي عاصمة اقتصاد الريع النفطي، اما نينوى: بمجتمعاتها المتعددة الأديان، واقتصادياتها وتنوعها وجذورها الحضارية وجغرافيتها الخ فهي عاصمة إقتصاد التنوع المجتمعي.
2-في مقابل عاصمة الذهب الأسود (البصرة) ترتسم نينوى كعاصمة الاقتصاد البنفسجي، اقتصاد ازرق (ورثة بلاد ما بين النهرين)، اقتصاد اخضر (ورثة ارض السواد المزهرة)، اقتصاد برتقالي (ورثة التعدد الديني واللغوي والإثني).
3-اقصد بالإستثمار في إقتصاد التنوع المجتمعي : توظيف جميع طاقات المجتمع : أرضا وشعبا وفضاء وموارد ومواهب جماعية وفردية وخبرات عابرة للآجيال وتاريخ وإرث حضاري وميراث ثقافي تعددي ألفي الخ، فالنِّفط لم يجلب الى العراق سوى الاستبداد ، والمزيد من الانقسام والفساد.
4-نينوى تحرر العراق : بعد أن تحررت المدينة من داعش، فإنها يمكن ان تحرر العراق من خلال فكرة اقتصاد بديل كليا، سيسهم في التحرر من الاعتماد على النفط بوصفه مصدر الدخل الرئيسي على نحو يجعل من الحكومة أكبر جهة توظيف ويرهن خيال الاجيال الجديدة وتطلعاتها في فكرة الانضمام لجيش البيروقرطية من الموظفين غير المنتجين، وعطل مواهب وعقول العراقيين.
5-النفط أخطر من داعش : الاقتصاد الإسود كان من شأنه تدمير قطاعات شكلت هوية البلاد الحضارية مثل قطاع الزراعة في بلاد عرفت بأسم بلاد ما بين النهرين وكان رمزها الأبرز هو النخلة التي تنمو على ضفاف نهري دجلة والفرات. وقد نشأت في نينوى أولى أشكال الحضارة التي تمثلت بالقرى الزراعية الأولى في العصر النطوفي مثل قرية حسونة في الشورة وقرية أم الدباغية قرب الحضر وقرية الأربجية حيث بدأ التحضر بأشكاله الأولى كالزراعة والرعي والبناء.
6-في التاريخ المعاصر للبلاد كان الاقتصاد الوطني يقوم على قطاع الزراعة جنبا الى جنب مع قطاع نفطي ناشئ شكل النهر الثالث، لكن النهر الرابع والدائم الذي لا يجف مثل المياه ولا ينضب مثل النفط يبقى هو التنوع المجتمعي الخلاق. انه قطاع يمكن بالفعل ان يخلق مئات الالاف من فرص العمل في وقت تبرز فيه حاجة راهنة لخلق قرابة 325 ألف فرصة عمل سنويًا.
7-الإقتصاد البديل وإعادة بناء الثقة في فترة ما بعد داعش : ربطت في كافة مؤلفاتي تقريبا بين اعادة بناء الثقة والعامل الاقتصادي، وفي ما يتعلق بالاقتصاد البديل فإن هذه الرؤية جوهرية بما ينطوي عليه العراق من عناصر هائلة الثراء تنتظر خيالا ومعرفة لاستثمارها في هذا السياق، لا سيما في ضوء عناصر التنوع الغنية في الموصل وسهل نينوى وسنجار وتلعفر وسائر الاقضية الأخرى لذلك هناك أهمية للتركيز على إحياء المناطق الأثرية والاستثمار فيها كمزارات للسياحة الدينية والأثرية أيضاً.
8-الخروج من العزلة : سيعود هذا الاستثمار بفوائد اقتصادية أكيدة على سكان هذه المناطق المهمشة والمعزولة بفعل الحرب عبر توفير فرص عمل لسكانها، وسيشكل خطوة حقيقية للتخلص من صور العنف والنزاع والانقسام في الذاكرة فضلاً عن إظهار الصورة الحقيقية للتعايش الإسلامي- المسيحي- الإيزيدي في العراق وإعادة بناء الثقة بين السكان في فترة مابعد داعش.
9-نينوى هي عاصمة الاقتصاد البديل بكافة إمكانياتها من السياحة الأثرية في آثار آشـور ونينوى ونمرود والحضر والموصل القديمة والسياحة الدينية في مراقد الانبياء مثل النبي يونس والنبي جرجيس النبي دانيال ومراقد الأئمة المسلمين و الجوامع المتجذرة في الثقافتين اليهودية و المسيحية والاسلامية مثل جامع النبي يونس وجامع الخضر وجامع النبي جرجيس وجامع قبر النبي شيت او الاسلامية مثل الجامع الكبير (النوري الذي فيه منارة الحدباء)، و الأديرة والكنائس مثل دير مار إيليا ودير مار كوركيس ودير متّى الخ فضلا عن المعابد والمزارات الإيزيدية ومناطق مقدسة للبهائيين ايضا(على سبيل المثال وليس الحصر).
10-عامل وحدة وقوة : أعتقد أن هذا النوع من الإستثمار سيكون عامل وحدة وقوة في مقابل سياسات الإنقسام. كما أنه سيشجع السكان على الحفاظ على هذا التراث الغني باعتباره مورداً هاماً لمعيشتهم". ويشكل الاستثمار في إحياء هذه المواقع فرصة لإعادة بناء اقتصاد قائم على التنوع الديني والثقافي والمجتمعي كبديل للاقتصاد القائم على النفط.
…………………………………………………………
ملاحظة : فصلت جوانب هذا الاقتصاد البديل في اربعة مؤلفات : التنوع الخلاق ٢٠١٣، الوحدة في التنوع ٢٠١٥، نهاية التنوع ٢٠١٩، ديناميات الهوية ٢٠٢٣