بقلم: أ.د رحيم حلو علي
أستاذ علم النفس الرياضي-جامعة ميسان
raheemhilo@gmail.com
مما لا شك فيه ان هناك جهد كبير يبذل من قبل بعض المؤسسات والمنظمات التي تستهدف الشباب من خلال تخطيط مبرمج واهداف محدده تتبناها ولا بد ان تجني ثمارها وتترك اثاراً نفسية وسلوكية وادراكية على الضحية المستهدفة(الشباب)! لذا فان التغيرات التي تطرأ عليه بعد اقتحامه بالأفكار والمشاعر الايحائية تدل على اكتمال دائرة الجاذبية المزاجية لديه وبدأ باستبدال شخصيته وكأنه يولد من جديد ..فنرى افرازات التكيف الجديد المفتعل التي سرعان ما تصبغ الشخصية بصبغتها الثابتة وعندها يصاب الشاب باضطراب(السيكومينيا)! اي الشخصية المعبأة بالإيحاءات والقناعات القسرية التي يحصل عليها من الموحي المستهدف له..وهنا يبدأ الشاب يتصرف من خلال قناعته القسرية الجديدة التي تم حشوها في دماغه، ويعمل كذلك على تجديد مشاعره المزاجية بما يتواءم مع افكارة وتطلعاته الايحائية ..وبذلك تتحول شخصيته من الشخصية الإدراكية الطبيعية الى الشخصية السيكومينيا المضطربة ، فتظهر عليه سلوكات جديدة ومتنوعة (نفعياً أو وجودياً أو منفرداً وممركزاً حول ذاته أو منسجماً ومنطوياً على نفسه أو عدوانياً ومفرط الحساسية أو بليداً وغير مبالٍ ) ..وعندها ربما ينسلخ الشاب عن ذاته وواقعه ومحيطه العائلي أو حتى مجتمعه ، وهنا لا بدَّ ان نبين أن الشاب المصاب باضطراب السيكومينيا لا تكتمل لديه حلقات الإصابة إلا اذا مر بمراحل متعددة تتصف هذه المراحل بالإختراق الحاد لإدراكه والبعثرة الشاملة لعواطفه حيث يشترط أن يكون هذا الاضطراب قد أدى الى تعطيل نوافذ عاطفية فاعلة كانت تغذي الإدراك وتمد الشخصية بالدفء والقبول والتواصل والمشاركة مع الاخرين مثل عاطفة الاعتراف بالآخر..وعليه يصل الشاب الى مرحلة إنكار العلاقة الطبيعية( مثلاً مع الوالدين) واعتبارهم غرباء عنه أو كره ورفض (الاقران او الاشقاء أو الاصدقاء أو المحيطين في البيئة الاجتماعية) بشكل عام ! حيث يرى نفسه نوع آخر أسمى منهم وأكثر رقياً بافكاره ومستواه الذهني ومشاعره ..وعندها يمكننا القول بأن هذا الشاب مصاب باضطراب السيكومينيا وقد خرج عن إطار شخصيته الطبيعية ودخل في محيط آخر غير لونه وقلب افكاره وصبغ مشاعره بألوان غريبة وغير مألوفه عن طبيعته الشخصية..ان اضطراب السيكومينيا الذي يصيب مكونات الدماغ الاربعة (الإدراك والمشاعر والتقنية الضابطة والذاكرة) والذي يترك آثاراً سلبية هائلة تحرفها عن مسارها الطبيعي وتجعلها غريبة عن واقعها وشاذة عن أصولها وصعبة التكيف مع المحيط البيئي للفرد…ويتضح مما سبق أن المصاب باضطراب السيكومينيا يحتاج الى اعتمادات شعورية دافئة تبذل لأجله من قبل محيطه العائلي والمدرسي والاجتماعي لمساعدته في تجاوز هذه الحالة. وكذلك فهو بحاجة ماسة لإعادة بناء الذات ذهنياً من خلال برامج نفسية معدة تناسب شخصيته وتتوافق مع مستواه العاطفي كتأهيل الملكات العقلية الفاعلة لديه مثل(التخيل البصري والتحليل وتقدير الأخطاء وتجنبها)..ومما تقدم ومن أجل ذلك نقول:أن إعداد الأبناء في مرحلة مبكرة ونمو شخصيتهم بصورة مستقره في السنوات الاولى من عمرهم يعد منفذاً آمناً لإسعاف الشخص في سنواته المتقدمة وفي مستقبله والعكس صحيح..فاذا كان الطفل قد تعرض لانتهاكات أبوية شديدة وضغوطات عائلية كبيرة فان ذلك يصب بلا شك في صعوبة الحالة الشخصية للطفل وتعقيد الموقف البنائي واستفحال الاضطراب السيكومينيا لديه؟