11 Nov
11Nov

أ.د.جواد كاظم البكري 

 تميــز نظــام الحكــم في (إســرائيل) مــن جميــع الأنظمــة السياســية الديمقراطيــة بدرجــة عالية من المركزية في جميع المجالات، وسيطرة الحكومة على موارد المجتمع واحتكـار القــرار في معــايير توزيعهــا واســتخدامها. 

وتبــرز هــذه الظــاهرة في المجال الاقتصــادي بصورة خاصة، إذ تقوم الحكومة بدور رئيسي لا في توجيه الاقتصاد فحسـب، وإنمـا أيضاً في النشاط الاقتصادي والمشاركة في الملكيـة والصـفقات الاقتصـادية. 

ويزيـد في صـــفة المركزيـــة في هـــذا المجال الـــدور الخـــاص الـــذي تقـــوم به الهســـتدروت والمنظمـــات اليهودية القومية.

  لقـــد اكتســـب النظـــام صـــفة المركزيـــة القويـــة بســـبب طريقـــة الهجـــرة اليهوديـــة والأيديولوجيـــة التـــي توجههـــا.

 فالأيديولوجيـــة القوميـــة ســـابقة علـــى المجتمع وعلـــى الاقتصاد، وهذا الأخير يشكل مجـرد وسـيلة لتحقيـق أهـداف سياسـية قوميـة. ولـذلك فـإن الدافع الرئيس للتطور الاقتصـادي لم يكـن مصـلحة الفـرد ومجهوداتـه. ويمكـن أن نحـدد الأسس التي وجهت العملية الاقتصادية في (إسرائيل) على النحو التالي([1]) :

 ١ – إن الاقتصـاد هـو وسـيلة لاسـتيعاب الهجـرة المنظمـة والموجهـة، فلقـد سـاهمت الهجــرة الكبيــرة (الجماهيريــة) مباشــرة بعــد قيــام الكيان في تعزيــز المركزيــة والتوجيــه، فخـلال أربعـة أعـوام تضـاعف عـدد السـكان، وكـان لا بـد مــن ضـمان أمـن المهـاجرين ومعيشـتهم. ولـذلك أخـذت الحكومة علـى عاتقهـا تـوفير الحاجـات الأساسـية والعمـل والمسـكن والخـدمات (التعلـيم والصـحة والرفـاه). ومن هنا، فإن التطوير الاقتصادي اكتسب معنى سياسياً .

٢ – هـدفت القيـادة السياسـية في (إسـرائيل) إلى تحويـل المهـاجرين اليهـود عـن المهـن التي احترفوها في الشتات، وهـي الصـرافة والتجـارة والمهـن الحـرة، إلى العمـل المنتج، ولا سيما في الزراعة، الذي من شأنه أن يخدم المصلحة القومية .

٣ – تأكيد الاقتصاد التعاوني والمساواة، وهما لا يتمان إلا بامتلاك الحكومة للمـوارد وتوزيعها على المنظمات التعاونية، مثل الكيبوتس والموشاف .

٤ – إضافة إلى الأساس السابق، فقد شكل امتلاك الدولة للمـوارد هـدفاً في حـد ذاتـه لضمان عدم انتقالها إلى غير اليهود .

٥ – إن الوضــع الأمنــي الــذي نــتج مــن تشــريد شــعب آخــر وإقامــة كيان في بيئــة معادية سبب الحاجة إلى تركيز الموارد في أيـدي الدولـة مـن أجـل الإنفـاق علـى الجيش وتطوير الوسائل العسكرية .

    نظــراً إلى هــذه الاعتبــارات، وإلى اعتبــارات أُخــرى موضــوعية لكنهــا أقــل أهميــة، وضــعت الحكومــة يــدها علــى المــوارد الاقتصــادية الرئيســة، التــي تكونــت مــن أمــلاك اللاجئين الفلسطينيين، والمساعدات الأميركية، وأموال الجباية اليهودية، والتعويضـات الألمانية.  

 وقد مر اقتصاد الكيان الصهيوني بخمسة مراحل وهو على اعتاب المرحلة السادسة التي بدأت بتشكيله عملية طوفان الأقصى وكالاتي:

المرحلة الأولى: مرحلة التقشف والتأسيس (1949 – 1954)، وتميزت هذه المرحلة التي كان مهندسها “دافيد بن جوريون”، ومن أولوياتها:

 

  • استيعاب المهاجرين.
  • بناء جيش عصري.
  • بناء مؤسسات الدولة التعليمية والصحية.

المرحلة الثانية: وهي مرحلة النمو السريع (1954 – 1972)، تدفق رأس المال الأجنبي من ألمانيا، وزيادة الهجرة والأيدي العاملة، عوامل ساعدت على نمو سريع. وكان معدل نمو الناتج القومي 2% في بدايتها، وأصبح 17% في نهايتها، وأدت إلى انتهاء النمو الزراعي الكبير، ودخول النمو الصناعي. 

المرحلة الثالثة: مرحلة الكساد والتضخم: (1973- 1985)، كان السبب الرئيس في التضخم هو انتهاء مفعول العوامل الثلاثة المهمة (المساعدات الخارجية، ومشاريع البنية التحتية، والبيروقراطية العقلانية التي منعت التشوهات الجزئية في الاقتصاد من التأثير على الانجازات الكلية). وتراجع النمو بمعدلات عالية عن الفترة السابقة، وارتفاع معدلات التضخم، وارتفعت الأسعار، كنتيجة للتكاليف الباهظة لحرب 1973، وارتفاع أسعار النفط، وتسبب ذلك بعجز كبير بالميزانية، وميزان المدفوعات والميزان التجاري. 

المرحلة الرابعة: مرحلة الإصلاح الاقتصادي (1985- 1989)، استمر الكساد منذ منتصف السبعينات حتى الثمانينات، وتفاقم مع حكم حزب الليكود؛ إذ ارتفع العجز بالميزان التجاري، وارتفعت الأسعار وحتى كاد ينهار الاقتصاد، ثم ساعدت أمريكا بإنقاذ الاقتصاد (الإسرائيلي)، إذ منحت (إسرائيل) مليار ونصف المليار دولار. 

المرحلة الخامسة: مرحلة نمو التسعينات: العملية السلمية والهجرة والعولمة، فبعد سنوات من خطة الإصلاح تم حل مشكلة التضخم ثم الخصخصة وتقليص حجم القطاع العام والانفتاح على السوق العالمي عن طريق خفض القيود على حرية البضائع من الكيان، وتميزت فترة التسعينات بعاملين هامين: 

  • موجة الهجرة الروسية إلى الكيان: ما يزيد عن مليون مهاجر، أدى إلى تراكم مادي ومالي بفائدة منخفضة جدا، مكنها من استيعاب المهاجرين. كذلك اختلاف الهجرة نوعاً وكما إذ كانوا من ذوي الثقافة والمستوى العلمي المتقدم؛ ما رفع حجم الرأسمال البشري.


  • العملية السلمية: من مدريد إلى أوسلو إلى اتفاقية وادي عربة مع الأردن. شكلت هذه المحطات السلمية فرصة تاريخية للكيان مكنته من الدخول إلى الأسواق العالمية، خاصة التي كانت تقاطعه اقتصادياً، فقد رفعت المقاطعة الاقتصادية عنه ، وساعدت العلاقات الدبلوماسية  وأجواء الاستقرار، على زيادة مستوى التصدير والاستثمار بالخارج والاستثمار الأجنبي في الداخل.

المرحلة السادسة: الان نعتقد أن اقتصاد الكيان يمر بالمرحلة السادسة بعد 8 أكتوبر 2023 إذ نحاول أن نقدم هنا مناقشة للتداعيات الاقتصادية المحتملة لطوفان الأقصى على اقتصاد الكيان الصهيوني، مع الأخذ بنظر الاعتبار تداعيات الأزمة على حجم القتال ومدته، والتوترات الجيوسياسية المرتبطة به، ورغم أن رد الفعل العام للأسواق المالية كان ضعيفا نسبيا حتى الآن، فإن مخاطر تكثيف الصراع واتساع نطاقه كبيرة، وقد تكون تداعياتها المحتملة شديدة. 

أولاً. عجز الموازنة: تصدر حكومة الكيان عادةً موازناتها لسنتين، فقد بلغت موازنة عام 2023 مبلغ (130) مليار دولار، و (140) مليار دولار موازنة عام 2024، ومؤخرا بسبب حربها مع غزة عقب عملية طوفان الأقصى في أكتوبر 2023 تكبدت (إسرائيل) عجزا في الميزانية بقيمة 22.9 مليار شيكل (ستة مليارات دولار)[2].  

 وتشير أرقام وزارة مالية الكيان إلى أن العجز في الميزانية قفز خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بنحو 400% على أساس شهري، كما أن نفس الوزارة لم تضمّن جميع بنود الإنفاق الحكومي الرئيس؛ مثل دفع رواتب جنود الاحتياط في الجيش، وإيواء 90 ألف شخص تم اجلائهم إلى الفنادق، ضمن الميزانية، ويعني ذلك، أن قيمة العجز في ميزانية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تفوق الرقم المعلن بكثير في حال أُضيفت جميع النفقات الناتجة عن الحرب على غزة.   وخلال مؤتمر صحفي، كشف رئيس شعبة الموازنة بالمالية يوغيف غيردوس، مساء 8 أكتوبر، عن تقديرات وزارة المالية بشأن الأضرار الهائلة التي خلفتها هذه الحرب على موازنة الدولة، حسبما نقلت عنه صحيفة “كلكليست” العبرية.  

 وبين غيردوس أنه -في الأسابيع الثلاثة للحرب- بلغت الأضرار التي لحقت بالميزانية 30 مليار دولار موزعة على الشكل التالي: 20 مليار شيكل (5 مليارات دولار) كلفة السلاح والحرب، 10 مليارات شيكل (2.5 مليار دولار) لتمويل إخلاء السكان ودعم السلطات المحلية، مشيرا إلى أن هذه التكلفة لا تشمل الأضرار المباشرة التي يتكبدها الاقتصاد (الإسرائيلي) بعد عملية طوفان الأقصى، فمن الممكن عند إضافة الاضرار المباشرة سترتفع الكلف الى الضعف.

 ثانياً. قطاع الطاقة: قبل طوفان الاقصى، كانت اكتشافات الغاز الطبيعي في شرق البحر الأبيض المتوسط توفر آفاقاً جذابة. ومع زيادة (إسرائيل) إنتاجها من الغاز من 16.11 مليار متر مكعب في عام 2020 إلى 21.92 مليار متر مكعب في العام الماضي، قامت بتوسيع تعاونها في مجال الطاقة مع مصر. وفي غضون ذلك، توسطت واشنطن في اتفاق حدود بحرية تاريخي بين (إسرائيل) ولبنان يسمح للطرفين بالبدء بالتنقيب عن الغاز وحفر الآبار في المياه التي كان متنازعاً عليها سابقاً. وظاهرياً، بدا أن المنطقة تدخل مرحلة من التعاون في مجال الطاقة والأمن. ثم جاء طوفان الأقصى، ففي 9 تشرين الأول/أكتوبر، بعد يومين من هجوم حماس المفاجئ، علقت (إسرائيل) الإنتاج من حقل “تمار”، ثاني أكبر حقل للغاز لديها، بسبب مخاوف متعلقة بالسلامة. ويلقي هذا الأمر بظلال من عدم اليقين على صادرات الغاز إلى مصر، التي تعاني من زيادة الاستهلاك المحلي. وفي وقت لاحق، تم إغلاق محطة النفط (الإسرائيلية) في عسقلان أمام السفن وسط الهجمات الصاروخية. 

 وفي السنوات الأخيرة، بدأت (إسرائيل) بتشغيل حقول غاز بحرية جديدة، مما سمح لها بزيادة الإنتاج للسوق المحلية، والحد من استخدام أنواع الوقود الأكثر تلويثاً مثل الفحم لتوليد الطاقة، وتوسيع صادراتها من الغاز. 

وخلال النصف الأول من عام 2023، حصلت على أكثر من 263 مليون دولار من عائدات الغاز الطبيعي وفقاً للأرقام الحكومية، أي بزيادة قدرها 23 بالمائة عن نفس الفترة من العام الماضي.  

 وقبل بدء تشغيل حقل “ليفياثان” الذي تبلغ طاقته 23 تريليون قدم مكعب في عام 2020، كان “تمار” (13 تريليون قدم مكعب) يقود إنتاج (إسرائيل) منذ عام 2013، عندما بدأت بالإنتاج. (يتم تشغيل كلا الحقلين من قبل شركة “شيفرون”). 

وفي العام الماضي، بلغ الإنتاج من الغاز 21.92 مليار متر مكعب، إذ احتل حقل “ليفياثان” الصدارة (11.4 مليار متر مكعب) ويليه حقل “تمار” (10.2 مليار متر مكعب). وتم استهلاك ما مجموعه 12.71 مليار متر مكعب محلياً، خاصة في قطاع الطاقة، في حين تم تصدير 9.21 مليار متر مكعب.

   في غضون ذلك، توقفت واردات (إسرائيل) من النفط الخام بعد إغلاقها لميناء عسقلان. وتشير بيانات شركة “كبلر” إلى أنه في شهر أيلول/سبتمبر، جاء 179000 برميل يومياً من وارداتها من النفط الخام البالغة 205000 برميل يومياً عبر عسقلان والباقي عبر ميناء حيفا. ومنذ إغلاق عسقلان، تم استيراد شحنة نفط خام واحدة على الأقل عبر ميناء إيلات على البحر الأحمر. ونظراً لأن معظم واردات (إسرائيل) تأتي من البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود، فقد ترغم الحرب المطولة المزيد من الناقلات على الإبحار في مسار أطول – عبر قناة السويس إلى إيلات بدلاً من عسقلان، مما يضيف حوالي أربعة أيام إلى الرحلة ويرفع تكاليف الشحن.

 وهذه هي المرة الثانية التي تشهد فيها واردات النفط (الإسرائيلية) انقطاعاً هذا العام. ففي آذار/مارس، توقفت تدفقات النفط الخام الكردي من العراق، من ميناء جيهان التركي بسبب النزاع المستمر بين بغداد وأربيل وأنقرة. ونتيجة لذلك، اضطرت (إسرائيل) إلى زيادة وارداتها من النفط الخام من مصادر أخرى، وخاصة أذربيجان (التي يتم تحميل شحناتها إلى إسرائيل في ميناء جيهان) وكازاخستان (التي يتم نقل تدفقاتها من الخام عن طريق نظام “تحالف خط أنابيب بحر قزوين” ويتم تحميلها في محطة يوزنايا أوزيريفكا على البحر الأسود بالقرب من نوفوروسيسك، روسيا). لكن استبدال أنواع النفط الخام ليس مهمة سهلة دائماً نظراً لأن الجودة تختلف من مورّد إلى آخر، ويمكن أن يؤدي التحول إلى ارتفاع تكاليف الشحن. 

ثالثاً.الاحتياطات الأجنبية: 

  تحدث بنك (إسرائيل) المركزي في وقت سابق عن انخفاض الاحتياطيات الأجنبية بمقدار 7.3 مليارات دولار خلال الشهر الماضي، وبحسب البنك تكون الاحتياطيات قد انخفضت بنسبة 3.7%، إلى 191.2 مليار دولار، وهو أدنى مستوى لها منذ عام، وقال بنك (إسرائيل)، إنه باع 8.2 مليار دولار من النقد الأجنبي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

   وكان البنك قد أطلق برنامجا بقيمة 30 مليار دولار لبيع النقد الأجنبي مع بداية العدوان على غزة قبل شهر، لمنع حدوث تدهور حاد في سعر صرف الشيكل. وهذه هي المرة الأولى على الإطلاق التي يبيع فيها النقد الأجنبي، ومن الجدير بالذكر أن احتياطيات النقد الأجنبي كانت قد بلغت نحو 198.6مليار دولار شهر سبتمبر/أيلول الماضي.

 رابعاً. سندات الخزانة: 

  أظهرت بيانات نشرتها وكالة بلومبيرغ، أن (إسرائيل) أصدرت سندات وأدوات دَين بقيمة إجمالية 3.7 مليارات دولار منذ بدء الحرب على قطاع غزة، وقالت مجموعة سندات (إسرائيل) في بيان إنها جمعت 200 مليون دولار من سندات للمغتربين منذ بدء الحرب، وقالت المجموعة، وهي أداة الحكومة لسندات المغتربين، إن حكومة الولايات والحكومات المحلية الأميركية اشترت سندات بما يبلغ 150 مليون دولار.  

 وقد أطلقت (إسرائيل) حملة لبيع السندات الحكومية سميَت بـ”سندات الشتات” بتاريخ 8 أكتوبر 2023 لجمع الأموال على خلفية طوفان الأقصى.وجاء على موقع “سندات (إسرائيل)” على الإنترنت أن لديه سندات بقيمة 5.4 مليارات دولار مستحقة في 31 ديسمبر/كانون الأول المقبل، وهو ما يمثل نحو 12% من الدين الحكومي الخارجي للبلاد.

خامساً. معدلات النمو:

   قدرت وزارة مالية الكيان الصهيوني أن الأضرار التي لحقت بالناتج المحلي الإجمالي تصل إلى نحو 10 مليارات شيكل شهريا من القتال (2.5 مليارات دولار) وهذا يعني أن معدلات النمو ستتباطأ بشكل ملحوظ فيما تبقى من العام، فقد رجح بنك “جي بي مورغان تشيس” الأميركي أن ينكمش الاقتصاد (الإسرائيلي) بنسبة 11% على أساس سنوي في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الجاري، مع تصاعد العدوان على قطاع غزة. 

وبذلك عدّل البنك توقعاته الأولية عند بدء عملية “طوفان الأقصى” -التي شنتها المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال، والتي كان قد قدر بأنها ستكون ذات تأثير طفيف على الاقتصاد (الإسرائيلي)، وهي تقديرات وصفت من قبل متخصصين بأنها “مفرطة في التفاؤل”.

   ويأتي التعديل في التوقعات مع إعلان (إسرائيل) بدء عملية برية واسعة على غزة، وتحذير رئيس الوزراء (الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو من حملة “طويلة وصعبة”.  

سادساً. قطاع السياحة:

 هوت حركة السياحة في (إسرائيل) خلال الشهر الماضي بنسبة 76% على أساس سنوي إثر عملية طوفان الأقصى، ففي ظل هذه الظروف ألغيت معظم رحلات الطيران من وإلى تل أبيب فاليوم أن ما معدله 100 رحلة يوميا، تهبط في مطار بن غوريون خلال الحرب، مقارنة بـ 500 رحلة معتادة خلال فترة ما قبل الحرب وبنسبة انخفاض مقدارها 500%.  

 وأفاد تقرير شهري صادر عن مكتب الإحصاء (الإسرائيلي) بأن 89.700 سائح زاروا (إسرائيل) خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي، معظمهم دخلوا قبل السابع من الشهر ذاته.  

 وكانت السياحة الأجنبية (لإسرائيل) تجاوزت 370 ألفا في الفترة المقابلة من العام الماضي، ما يظهر حجم الضرر الذي تعرض له ذلك القطاع بسبب عملية طوفان الأقصى.  

  ونفّذت (إسرائيل) منذ انتهاء جائحة كورونا، حملات ترويجية لجلب السياح في محاولة للعودة إلى أرقام 2019 التي لم تُكسر حتى نهاية 2022، حسب بيانات الإحصاء الإسرائيلي.    وقالت وزارة المالية (الإسرائيلية) في 9 أكتوبر 2023 إن اللجنة المالية بالكنيست (البرلمان) وافقت على خطة لتقديم ضمان حكومي بستة مليارات دولار لتغطية التأمين ضد مخاطر الحرب لشركات الطيران (الإسرائيلية)، في إشارة إلى الحرب التي تشنها إسرائيل في مواجهة عملية “طوفان الأقصى” التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في غزة ضد الاحتلال (الإسرائيلي) وممارساته.

 سابعاً. التصنيف الائتماني:   

 على عكس الصراعات السابقة، من المتوقع أن تلحق الحرب في غزة خسائر فادحة باقتصاد الكيان الصهيوني، على المدى القصير والطويل، وفقًا لخبراء اقتصاديين ومحللين.   وقد يؤدي المزيد من تصعيد الصراع إلى خفض تصنيف الديون السيادية (لإسرائيل)، حسبما حذرت وكالات التصنيف الائتماني العالمية Fitch Ratings وموديز لخدمات المستثمرين Moody’s Investors Services وستاندرد آند بورز S&P في الأيام الأخيرة.

   وقد خفضت وكالة ستاندرد آند بورز بالفعل توقعاتها الائتمانية للكيان الصهيوني من مستقرة إلى سلبية، مشيرة إلى خطر احتمال اتساع نطاق الصراع، مع تأثير أكثر وضوحا على الاقتصاد.   وقالت وكالة التصنيف في مذكرة (إن التوقعات السلبية تعكس خطر انتشار الحرب على نطاق أوسع أو تؤثر على المقاييس الائتمانية (لإسرائيل) بشكل أكثر سلبية مما نتوقع”.   في الشهر الماضي، وضعت وكالة موديز تصنيف حكومة الكيان للعملة الأجنبية والعملة المحلية على المدى الطويل “A1” قيد المراجعة من أجل خفض التصنيف. وفي السابق، كانت التوقعات مستقرة.  

 وقالت وكالة التصنيف في تقرير حديث: “على الرغم من أن صراعا قصير الأمد قد يكون له تأثير على الائتمان، إلا أنه كلما طال أمد الصراع العسكري وزادت حدته، زاد احتمال تأثيره على فعالية السياسات المالية العامة والاقتصاد”. 

  وبذلك يبدو أن اقتصاد الكيان الصهيوني مرشحا بقوة لأزمة واسعة النطاق، فالحرب في غزة ستكون فائقة الكلفة، وستفاقم وضعا مأزوما أصلاً  مع موازنة خلافية أقرت بالكاد قبل بضعة أشهر، بينما ستتأثر كثير من المدخلات وتتخارج رؤوس أموال نتيجة الاضطراب الحالي.

..........................................

[1] . للمزيد انظر: عزيز حيدر، مجلة الدراسات الفلسطينية، المجلد 7، العدد 26، 1996، ص73.

[2] . نقلاً عن بيان وزارة المالية (الإسرائيلية)، 8 أكتوبر 2023.


----------------------------

المصدر : مركز دالة لتحليل السياسات والاستشارات 

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن