26 Jul
26Jul

كتب : نعيم عبد مهلهل

كل شهور قرية الشواهين سماء وماء وقصب ، عدا شهر محرم ، الوجوه تبدو حزينة وتمنح السماء شيئا من مشاعر غائمة . 

حتى ان شغاتي موظف الخدمة نصحني بفطنته العجيبة واخبرني قائلا : استاذ الله يخليك لاتعطِ التلاميذ درجات رسوب في درس الاملاء ، فلا يملكون دموعا يبكون بها ،لانهم نحبوا البارحة كثيرا وهم يسمعون من قارئ المنبر قصة عرس القاسم بن الحسن.

تعجبت من طقس التلاميذ وكنا نظنهم لا يعون ما في كربلاء من قصص ومراثي سببها قسوة عمر بن سعد وجيشه ، واكراما لدموعهم اعدت تصحيح دفاتر الاملاء وكل راسب رفعت درجته الى الخمسة ليشعر انه ناجحا ولا يبكي .ومع كل عاشوراء كنت انتبه الى اليوم اسمع فيه صوت قارئ المنبر الحسيني وهو يعيد الى اهل قرية الشواهين قصة العرس الذي كان مفروضا ان يتخضب بالحناء لكنه تخضب في النهاية بالدم.

هاهم امامي تلاميذ الصف الخامس ،واعرف انهم بدوءا يشعرون انني سوف اوزع عليهم دفاتر الاملاء وسوق لن يكون بينهم راسبا ، ذلك لأنني سالتهم كيف كان بكائكم ليلة البارحة مع قصة القاسم بن الحسن عردوا جميعهم بصوت واحد : كلنا بكينا يا استاذ .

وحين وزعت الدفاتر ليرى كل واحد درجته ،تقدم صوبي التلميذ قاسم ماهود فزع وقال :استاذ انا اسمي قاسم .

ودرجتي خمسة .

لأجل القاسم اجعلها سبعة.

تساءلت ولماذا سبعة ؟

اذهلني جوابه وهو يقول :لان سموات الله سبعة .

وامي في صينية عرس ابي القاسم وضعت سبع شموع.

وها انا في كل عاشور حتى بعد موسم الرحيل الى اوربا حين يجيء محرم اطلب من زوجتي ان تعمل صينية لعرس القاسم واضع عليها سبع شموع واتخيل وجه قاسم يضيء بينها . 

كان قاسم وجها لم يعد بمقدوري نسيانه لأنه ارتبط بدموع الاطفال لمقتل ابن الامام المعصوم الثاني ع ،وكذلك ارتبط برقم الحظ سبعة ،ولكني حتى اتذكر قصة قاسم .

 اعود الى نحيب غريب لان قاسم ينال حتى ليلة عرس اذ كان عليه ان يتزوج من ابنة عمه وحيد في اجازته القادمة وقد اخذته الجندية الى خنادق مهران في جهة قضاء بدرة .

والغريب انه في اجازته الاخيرة اتى نعشا وليس مشيا بخطواته السعيدة بعرسها ،ولا ادري لماذا طلبت من شغاتي ليرفع غطاء النعش لا ودع تلميذي الذي كبر وصار جنديا والمفاجأة ان جسد قاسم قد اخترقته سبع شظايا.

شتمت الحرب .

وشعرت أن سبع قطرات دمع نزلن على خدي .

وان الحروب التي سرقت ابن الحسن ع ظلما . 

ستسرق لاحقا الالاف من الذين يحملون اسم القاسم.اعدت غطاء النعش. 

وجئت الى دفتر الذكرى وانا في غربتي لأكتب عن موت قاسم ماهود فزع وبسبع ورقات

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن