26 May
26May

كتب : ليث القريشي

جميع التوقعات الأحصائية إلى أنَّ الطلب العالمي على النفط بتزايد مستمر في المدى المنظور، وإنْ كانت وتيرة التزايد تختلف من فترة لأخرى، وقد دفع وصول الكثير من الحقول العملاقة في العالم إلى مرحلة النضوب، مع تراجع عدد الاستكشافات، لذا توجهت الأنظار نحو (تقنيات الاستخلاص المحسّن للنفط) التي يمكن أنْ يكون لها دوراً هاماً وفعّالاً في رفع مُعامل الانتاج من الاحتياطي الجيولوجي، مما يضيف كميات جديدة إلى الاحتياطيات النفطية القابلة للانتاج، وكذلك سيكون لها دور كبير في خفض نسبة الأنبعاثات وتحسين البيئة، بينما كان لأسعار النفط دور محوري في تطبيق أو عدم تطبيق هذه التقنيات، نظراً لارتفاع كلفتها والتي تُزيد بطبيعة الحال من كلفة النفط المنتج.

ويمكن التمييز بين نوعين من تقنيات الاستخلاص المحسّن للنفط، فمنذ الخمسينيات كان يُستخدم مصطلح الاستخلاص المعزز أو المدعّم للنفط، ويُعد التمييز بين المصطلحين عنصراً هاماً في تحديد نسبة الضرائب على الانتاج في بعض الدول، ويمكن تعريف الأستخلاص المدعم للنفط بأنه "الانتاج عبر حقن غازات أو مواد كيميائية أو عبر الطرق الحرارية أو البكتيرية"، أمّا الاستخلاص المحسّن فهو عملياً يُغطي كل التقنيات المستخدمة بما فيها عمليات الحفر البيني وتوصيف المكامن، لذا يمكن اعتبار تقنيات الأستخلاص المدعّم هو مصطلح أكثر تخصصاً بوصفه فرعاً من فروع الأستخلاص المحسن للنفط.

وبالرغم من ابتعاد الكثير من مراكز الأبحاث عن تمويل المشاريع التي لا تنتج أرباحاً سريعة، ومنها مشاريع الأستخلاص المحسّن التي تحتاج إلى سنوات لكي يظهر تأثيرها على حقلٍ ما، إلاّ أنَّ بعض الدول أستثمرت في هذا المجال مثل النرويج وكندا، حيث دعت إدارة البترول النرويجية في عام 2018 كل الشركات النفطية العاملة في النرويج إلى استخدام تقنيات الأستخلاص المحسن، وعلى الرغم من أنَّ القطاع النفطي النرويجي على دراية بأنَّ هذه التقنيات سترفع من تكاليف الانتاج، إلاّ أنَّ انخفاض العمليات الانتاجية في البلاد إلى قرابة النصف، وزيادة حدة التغيّرات المناخية، يبرر مسعى النرويج لاستخدام هذه التقنيات التي تهدف إلى زيادة الانتاج مع تقليل الأنبعاثات الكربونية، أمّا بالنسبة لكندا فهي تعمل على استثمارات طويلة الأجل في مشاريع الأستخلاص المحسن للنفط، إلاّ أنَّ هذه التقنيات تحتاج إلى أسعار نفطية عالية، إضافة إلى أنها تقنيات تتماشى مع المقتضيات البيئية، فمفهوم اصطياد غاز ثاني أكسيد الكربون وإعادة حقنه كتقنية من تقنيات الاستخلاص المحسن، من المفاهيم البيئية التي يجب العمل عليها من أجل استمرار عملية انتاج النفط، لكن هذه التقنية تشهد تعثراً في خطواتها الأولى.

وفي سياق ما تقدّم، فإذا توجّه العراق نحو استخدام تقنيات الاستخلاص المحسّن للنفط والاستثمار فيها سيكون طفرة نوعية في صناعة النفط العراقية، وهو ما سيمكّنه على المدى الطويل من الاستمرار في عمليات انتاج النفط الخام، وضمان تدفق الإمدادات للمستهلكين، ومن جهة أخرى ستعمل هذه التقنيات على تقليل نسبة الانبعاثات، وبالتالي سيعمل العراق ضمن نظام مناخي وبيئي أقل تلوثاً ومتماشياً مع مقررات اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للمناخ في جانبي التكيّف والتخفيف، فهذه التقنيات ستحد من نسبة إنبعاث الغازات الدفيئة المسببة للتغيّرات المناخية.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن