03 Nov
03Nov

ابتداء سأعرف نفسي انني لست من المنتمين ايدولوجيا  او المؤدين مطلقا لمواقف حرب الله وحماس او الحركات والتيارات الاسلامية عموما وانما كنت احسب نفسي على الليبرالية العربية التي تؤمن بحقوق الإنسان والحريات المدنية والقانون الدولي الإنساني وحل الدولتين والتعايش السلمي وكنت امني نفسي ان يكون  الاطار الإبراهيمي مقدمة  لعالم جديد تشكل فيه الإبراهيمية سدا اخيرا امام الألحاد والشذوذ ونهاية عصر الانسان 


لكني مع كل ذلك لم أتنازل يوما عن  الفلسطنيين في مقاومة الاحتلال وفقا لقواعد الشرع والقانون الدولي وميثاق الامم المتحدة وقرارت كثيرة للجمعية العامة ومجلس الامن الدولي اعترفت للفلسطينين داخل كل فلسطينهم المغتصبة ظلما وعدوانا  بدولة وحددت حدودها التي لم  تتوقف إسرائيل يوما عن شهوتها في زراعة المغتصبات داخلها لإزاحة آخر فلسطيني منها ومن كل فلسطين  .


ومع كل ملاحظاتي على حزب الله وعدم قبولي بمنطق الدولة ذات الرأسين ، إلا أني لم اؤمن يوما بضرورة نحره تحت اقدام الكيان ومشاريع التطبيع والخيانة المجانية وكنت اعتقد انه ذخيرة لابد ان يحتاجها العرب والمسلمون ذات يوم ، حتى هولاء الذين اختلفوا جدا مع الحزب وربما حتى الذين حاربوه 


ولطالما تمنيت ان تضغط الديبلوماسية العربية على الولايات المتحدة لتحقيق سلام عادل وشامل في كل المنطقة تكون مقدمته دولة فلسطنية كاملة السيادة على حدود ١٩٦٧ كما أقرتها مواثيق وقرارات دولية واتفاقات سلام مع الكيان وبرعاية أميركية وغربية ، لكن الحقيقة التي بانت واضحة جلية في كل متابعاتي ومعايشتي للصراع العربي ( الفلسطيني الاسرائيلي ) ان إسرائيل وحدها هي التي لم تلتزم بقرارات الجمعية العامة ومجلس الامن الدولي واتفاقيات السلام كافة واستمرت في تجزئة الموقف العربي ومصادرة كل هذه القرارت والاتفاقيات لكي تكمل مشروعا الصهيوني في اخراج كل الفلسطينين من فلسطين وليس الضفة الغربية وقطاع غزة فقط ، عاملة فعليا بقاعدة خذوا الفلسطينين ووقعوا اتفاقيات السلام معنا 


لا اريد ان اتكلم كثيرا عن عملية طوفان الأقصى وما تلاها لكني اقول انها حققت على الخسائر والتضحيات العظيمة في ارواح الأبرياء من النساء والأطفال وعلى كل هذه المجازر الأكثر بشاعة في التاريخ الإنساني ، انها حققت اعادة طرح القضية الفلسطينية في الضمير العربي والإسلامي والعالمي وحتى الغربي بعد ان احتكرت إسرائيل العقل والضمير الغربي إعلاميا وواقعيا منذ النكبة ١٩٤٨ وحتى طوفان الأقصى وما تلاه ، وعليه علي وعلى كل مسلم وانسان يمتلك ضميرا حيا ان يعيد تفسير مواقفه من تلك اللحظة في الوقوف إلى جانب الحق العربي ، الاسلامي ، المسيحي ، وحتى اليهودي غير الصهيوني والإنساني العام في الوقف إلى جانب الحق او الباطل ، متجاوزا الكثير من الخلاف الأيدولوجي السياسي مع حماس وبعدها الاخواني العام باعتبارها تيار إسلامي متشدد ومع محور الممانعة واشتغاله في الساحة العربية عموما ومن هنا لابد من الاعتراف المتجرد ان اعتبار حماس حركة أرهابية هو الباطل بعينه ، فهذه الحركة لم تعمل خارج الساحة الفلسطينية أبدا ولم تتجاوز حقوق المقاومة المثبتة بكل الأعراف والقوانين الدولية ، ومن هنا اريد ان اعرج على خطاب السيد حسن نصرالله اليوم بتاريخ ٣ نوفمبر ٢٠٢٣ لاقول متجاوزا الانتقادات غير الموضوعية لمواقف الحزب وقائده :



١- لو كل دولة او كيان او تنظيم عربي وقف لحد الان نصف موقف حزب الله لكان من حقه ان يطعن في موقف الحزب ان يعيد سردية اتهام الحزب ويربط مواقفه بتبعية الموقف الإيراني ( مطلقا ) دون ادنى اعتبار لمواقف الحزب في الصراع العربي الصهيوني وموقفه العميق في الصراع الفسلطيني الإسرائيلي  


٢- لم تكن معركة حماس غزة بحاجة إلى رصاصة رحمة لنزع شرعيتها الاسلامية ( السنية ) امام شعوب وحكومات عريضة ، امام المجتمع الدولي والغربي من تبني حزب  الله ومحور الممانعة ( الشيعية ) لها ، انذاك ستبدو كل العملية ليس لها علاقة بالقضية الفلسطينية والنضال الفلسطيني وهي مجرد عملية لتخفيف الضغط على ايران او مناورة لها او ثأر لمقتل اهم قادتها ، قادة محور الممانعة سليماني الايراني وابو مهدي العراقي ، لذلك كان خطاب السيد بمنتهى الذكاء والإيثار ان يعزز ان العملية تنفيذا وتخطيط وتوقيتا عملية فلسطينية ولاهداف ونضال  فلسطيني فقط 


٣- حالة نصف التهديد ونصف التهدئة التي تضمنها الخطاب لإسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة نفسها  تأتي منسجمة جدا من جهود التهدئة  الدولية ومحاولة ايقاف إسرائيل عن ارتكاب المزيد من المجاز  بحق الفلسطينين العزل  ، وبحساب ان اي تصعيد الان من حزب الله سيحشد الغرب بكل تحالف الحلفاء ( في الحرب العالمية الثانية ) لخوض معركة مفتوحة ضد جيوب المقاومة وسحقها دون تحقيق اي نتيجة والاستمرار في تصفير القضية الفلسطينية وتصفيرها فقط وفق البرنامج والمشروع الصهيوني ، وتشي حالة نصف التهديد ونصف التهدئة ان حزب على اطلاع او تنسيق مع صفقة وقف اطلاق نار او تهدئة تبقى حماس في المواجهة وتضمن حصاد انتصار عملية ٧ اكتوبر في المدى البعيد والمتوسط على النفسية  الاسرائيلية والغربية مثلما تعيد جذوتها في النفس العربية الإسلامية التي كانت قاب قوسين او ادنى من الأعتراف بدولة إسرائيل فقط ونسيان فلسطين إلى الأبد 


٤- وهذا الاهم ليس لاي دولة او طرف عربي او إسلامي اي مساهمة ذات قيمة في جهوزية القسام لتنفيذ العملية على مستوى التدريب والتجهيز والتسليح غير  محور الممانعة وأطرافه ومنها حزب الله بلا ادنى شك 


دعوني الان  من حزب الله والسيد حسن ، انا لا أطالبه ان يزج لبنان المتهاوية المفلسة في حرب مفتوحة مع إسرائيل والولايات المتحدة والغرب كله ، ولا اطلب منه ان يزج العراق في حرب مع الولايات المتحدة التي لا تزال تمتلك كل مفاتيح وجود الدولة او النظام السياسي الهش فيه ، لكني سأكون جشعا لكي اطلب من الدول العربية كل الدول العربية التي لها علاقات مع إسرائيل او التي في الطريق إلى ذلك ان تقطع العلاقات مع إسرائيل فورا وان تطالب من الولايات المتحدة ان عودة العلاقات ومسارات التطبيع وحتى مسارات العلاقة مع الولايات المتحدة نفسها ستتوقف فقط على ايقاف هذه الجرائم البشعة التي ترتكبها دولة إسرائيل بدعم وإسناد غربي وأميركي مفتوح بحق نساء وأطفال غزة والضفة ومحاسبة حكومة مجرم الحرب نتنياهو وفق القانون الدولي الإنساني على هذه المجازر 


دعوني اطلب من كل الشعوب العربية ان تضغط على كل حكوماتها لاجل ذلك وتقول لهم ان التطبيع المفتوح بلا ثمن ( غير بقاء العروش والأنظمة  ) ان هو إلا ثمن بخس لحمامات الدم هذه التي التي ستبقى متقدة في الذاكرة العربية والإسلامية ولن تبقى هذا العالم اسيراً إلى الابد تحت سطوة المحور الغربي الاميركي بل سرعان في ستأخذه بعيدا في أول ريح مواتية 



إبراهيم الصميدعي

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن