09 Apr
09Apr

كتب : عباس عبود 

لو افترضنا وجود مواقع التواصل الاجتماعي في العراق خلال حقبة صدام حسين..

فما الذي سيكتب عنه المدونون قبل 2003 ؟

وماذا سنقرأ في صفحات الفيس بوك وتويتر المؤرخة في سنوات الثمانيات والتسعينات؟

وماذ ا سنشاهد من صور على صفحات الانستغرام؟ 

ومالذي ستناقشه كروبات الواتس اب ؟؟ 

وكيف ستكون علاقة الناشطين بالسلطة؟ 

واي الظواهر التي يمكن ان يتناولونها؟

هل سنقرأ عن  ظاهرة انتشار البغاء في مركز العاصمة؟

هل نطالع قصة نائب ضابط تحول الى جنرال وصار وزيرا للدفاع وهل يتحفنا الانستغرام بصور من مرويات الف ليلة حمراء وليلة من ليالي عدي صدام!؟ هل سنسمع من يتحدث عن قصة العشيرة التي ابتلعت دولة بكامل تاريخها ووجودها!! 

وهل نجد من يكتب عن ظاهرة (مساطر) عمالة النساء التي انتشرت بشكل مخيف ايام التسعينات!! 

هل نقرأ عن  ظاهرة انتشار النكات السياسية الساخرة من صدام وحكومته والتي كانت وسيلة العراقيين الناعمة للنيل من الديكتاتور ! 

هل يكتب المدونون عن تحول علاقة المراة العراقية بالذهب الى علاقة عكسية، بعد تحوله من زينة لها الى خزينة لاسرتها، فمحلات الصاغة لاتبيع الذهب للنساء انما تشتريه منهن فقد اجبرتهن الحاجة الى بيع مالديهن من مصوغات !؟

هل تتناول بوستات الزمن الديكتاتوري ظاهرة العزلة التي يعانيها البلد.. او ظاهرة الهجرة الجماعية للعقول والكفاءات .. 

هل يتناولون قصة أكثر من 23 ألف باحث وعالم وأستاذ جامعي وطبيب متخصص ومهندس تركوا العراق 

هل نسمع ونقرأ قصص 2.5 مليون عراقي اضطروا للهرب من العراق للعيش في المنافي..

هل يتحدث المحللون الاقتصاديون عن 

حجم التضخم الذي تجاوز معدل 24000% سنوياً!! ان انهيار دخل الفرد!! 

هل نقرأ هاشتاك يتناول راتب الموظف العراقي الذي انحدر الى ادنى مستوى في التاريخ العراقي واصبح لا يتجاوز الخمس دولارات شهريا !!

هل سينشر الانستغرام صور  كبار الموظفين بمن فيهم المهندسين والعلماء والاكاديميين الذين تركوا مكاتبهم واتجهوا لبيع السكائر على الارصفة او العمل كسائقي سيارات الاجرة ؟!

هل نقرأ تحليلات تكشف مواطن الضعف في السياسة الخارجية او ارتفاع نسبة الهروب من الخدمة العسكرية.. 

هل تتناول جروبات الواتس اب ظواهر اخرى اشد خطورة في مقدمتها الاختفاء القسري ومنع ابناء الوسط والجنوب من ممارسة شعائرهم بحرية؟ والتجسس على المساجد ومراقبة المنازل والمكاتب والمدارس والجامعات دون ان يمحى الجروب والمشاركين به؟!

هل يمكن ان تتحدث صفحات الفيس بوك وتويتر في ذلك الزمن بصورة علنية عن المحاكمات الصورية وهل ينقل تويتر تغريدات عن اعدام التجار في محكمة شكلية او اعدام المصلين لانهم خالفوا التعليمات !! او خطف سلطات النظام للالاف من زوار الاربعين (المشاية) لانهم اختاروا المشي سيرا على الاقدام في اداء طقوسهم الدينية!! 

هل سنجد من يتحدث في الفيس بوك عن الكتب الممنوعة وتشويش الاذاعات الخارجية وقمع الحريات العامة..

هل نجد احد المحللين يتحدث لنا عن قائمة الممنوعات التي يحظر النظام على الشعب العراقي ممارستها !؟

هل نجد في اليوتيوب مقاطع استقصائية عن سهرات الكاولية وحفلات المجون التي تضج بها مزارع المسؤولين!؟

هل نقرأ عن ارتفاع معدلات الجريمة، وعن تفشي العنف الاجتماعي، والرشوة، والانتحار، والسرقة، والتهريب، والبغاء، وجنوح الأحداث وهي ظواهر اخذت تفتك بالمجتمع العراقي وسط صمت الجميع ؟!

هل نجد من يكتب عن ظاهرة بناء القصور الرئاسية والمبالغة في الانفاق الحكومي عليها بينما تنهار الطبقة الوسطى ويبيع الناس ابواب بيوتهم من اجل گونية طحين تضمن لهم البقاء والامان من الجوع!

هل سنقرأ عن انتشار اسواق الحرامية واسواق المواد المستعملة واسواق الخردة !!؟

القائمة طويلة فالذاكرة مزدحمة وجرح الوطن اكبر من ان تشفيه دبابة امريكية اقتلعت الصنم ورسخت الصنمية ..

بلا شك ستكون مواقع التواصل الاجتماعي هدية لقوات امن صدام التي ستحول هذه المنصات الى مصائد فئران لشباب العراق واحراره الذين لايتوافقون مع كل طاغية سابق او لاحق.. 

ويوما بعد يوم تثبت لنا الايام ان الزمن الجميل ليس هو الماضي الذي تتحدث عنه مواقع التواصل الاجتماعي اليوم ..

انما الزمن الجميل هو المستقبل الذي سيصنعه شباب العراق بعملهم وجهدهم وارادتهم وقدرتهم على انتاج غد عراقي لايعبد به شخص ولا يظلم به انسان..


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن