كتب : حسين العادلي
- تقوم بنية النظام السياسي التوافقي المكوّناتي "العرقطائفي" على أساس من مقومات: *المكوّن-التوازن-الحزب* التمثيلي للمكوّن، حيث تعد الدولة لديه مجموع مكَوّنات مجتمعية عرقية طائفية غير متجانسة لابد لها من إطار توافقي يقسّم السلطة والثروة والأرض على وفق حجوم ومصالح المكوّنات.
ولضمان التوازن بين المكوّنات يتم توزيع سلطات الحكم وموارد الدولة على أساس من صفقات توافقية تشكّل ائتلافاً حاكماً من جميع قوى المكوّنات الداخلة في تركيبة الدولة.
- يُولّد النظام السياسي العرقطائفي ثلاثي: التحكم والحماية والمصلحة،.. فستتحكم سلطة المكوّن بدولة الأمّة، وستتحصن المكوّنات بسلطاتها لحمايتها ضد المكوّنات الأخرى، وستحتكر المكوّنات المصالح، وستتحكم قوى المكوّنات الحزبية بالمكوّنات المجتمعية نفسها لتشكل وإياها وحدة واحدة في أنظمة التمثيل والتبعية والمصلحة (وحتى السيادة) ضمن بنية الدولة.
- تنتج عن بنية الدولة التوافقية العرقطائفية سلسلة معقدة ومتداخلة من الأنظمة التي تتحكم وتسيطر وتحتمي بالدولة ضد الدولة لتحقيق مصالح المكوّنات، تقودها مجموعة قوى سياسية تمثل مكوّناتها المجتمعية، والتي ستكون في النهاية هي المستفيدة من هكذا نظام من خلال توظيف وجودها التشريعي التنفيذي ضمن الدولة لتوجيه وضبط المكوّنات المجتمعية ذاتها لما تراه هي من مصالح.
وبالتراكم والتقادم ستجد المكونات المجتمعية نفسها أسيرة هذه الشبكة المعقدة والمتداخلة من الصراعات والمصالح والتي تقتضي الحماية من القوى السياسية الممثلة لها، ثم التوجيه فالتحكم بها على أساس من كونها محميات سياسية.
- لأنَّ النظام التوافقي العرقطائفي يقوم على أساس من مقاطعات عرقية طائفية تجعل من المكوّن أساس بنائها، فستتشكل بالتبع محميات سياسية يحرسها الإعتراف بالمكوّن ويحقق استقلالها المصالحي نظام الحماية.
ومع قيام المحميات السياسية ستتحوّل الدولة إلى نظام الدويلات المقنّع والذي تمارس فيه السيطرة والتحكّم القوى السياسية المعبّرة عن المكونات المجتمعية. وباعتبارها قوى مكوّنات، فإنها ستحتكر التمثيل وستطالب بحصص السلطة والثروة محلّا الصراع والمصالح في نظام المكوّنات السياسي. والواقع الذي سينتج هو: دولة موزعة على شكل محميات سياسية عرقية طائفية، وقوى سياسية ممثلة للمكوّنات ومستفيدة من أنظمة الإعتراف والتمثيل والحماية لتحقيق المصالح، فتغدو الدولة بالمحصلة هي دولة القوى العرقطائفية من خلال امتلاكها للسلطة والثروة.
- المكوّن والتوافق هما أداتا القوى السياسية العرقطائفية لتحقيق نظام المصالح، خلافاً لأساسي المواطنة والأغلبية السياسية في النظام الديمقراطي، إذ أنَّ المواطنة نفسها لا تساعد القوى السياسية على التمثيل الإحتكاري للناخبين، فالمواطنة تعطي القوى السياسية في الإنتخابات حق التمثيل السياسي/المواطني، وليس حق التمثيل السياسي/المجتمعي العرقي الطائفي. كما أنَّ مبدأ الأغلبية السياسية في الديمقراطية يمنع القوى السياسية من تكوين البنية/الكتلة الإنتخابية أو البرلمانية العرقطائفية بل يشكّلها على أساس من التوافق السياسي البرامجي الصِّرف،.. في حين أنَّ نظام التوافق العرقطائفي هو نظام تمثيل الفرد/الطائفة/المصلحة على وفق اشتراطات دولة المكوّنات.
- كما أن النظام الدكتاتوري يصادر الدولة ويجعلها ضَيعة الحاكم وإقطاعيته الخاصة، فإن النظام التوافقي المكوناتي يصادر الدولة ويجعلها ضِياع قوى مكونات الدولة وإقطاعياتها الخاصة.
وكما يجب أن تتحرر الدولة من أسر النظام الدكتاتوري، يجب أيضاً أن تتحرر من أسر نظام التوافق المكوّناتي القائم على أساس التمثيل والتّحكم والسيطرة بمجتمعيات وموارد الدولة، والمنتج بالمحصلة نظام زبائنية سياسية تقوم على تخادم المصالح الحزبوية لقوى المكوّنات.
- ما لم تُركَّب الدولة على سكة نظام سياسي مواطني مؤسسي يُنتج (وفق مراحله) نظاماً سياسياً يمثل أمة الدولة ومصالحها وسيادتها، فلا يمكن للدولة أن تكون دولة، وستعيد إنتاج أزماتها المزمنة، والتي هي في جوهرها أزمات تأسيس/إرادة قبل أن تكون أزمات تسيير/إدارة.