14 Feb
14Feb

هناك ضبابية  في فهم طبيعة الدولة التي نتطلع ان تغرس جذورها بشكل سليم في البلد : دولة تخدم المواطن وتؤمن التنمية في الحاضر والمستقبل.. هذه  الدولة ينظر لها الكثير وفق المفهوم القديم ( ما قبل الدولة الحديثة ) عندما كانت مهمة الدولة ترتكز على الحروب الخارجية للتوسع (او الدفاع ) من اجل الحاكم او ايديولوجيته وضبط الامن الداخلي لضمان  استمرارية الحكم والقضاء لترتيب اوضاع الاتباع .. لا تعليم ولا صحة ولا رأي عام ولا نقل وغير ذلك … هذه "الدولة" تدير احوال الناس   بصورة ابوية وفق مزاج الحاكم  : تقمع تارةً  وتمنح العطايا تارة اخرى او تعفو  لانها (اب للجميع ).. ولهذا تميز الخطاب السياسي لقادة هذه الدولة ( القديمة ) بالتحشيد والايديولوجية (غالبا دينية ) والفوقية ( تجسيد الابوية ) واستحضار الماضي !!

وسائل تعبير الدولة تمثل  مرحلتها ومهماتها وهي اقصى ما يمكن ان تذهب اليه  الدولة في هذا المجال  !!

ما الدولة الحديثة فهي دولة خدمات بشكل اساسي (وقد تتخلى عن قطاع واسع من الخدمات لصالح القطاع الخاص اذا اتجهت اكثر في نهجها الليبرالي ) .. في هذه الدولة الحديثة يتسم الخطاب السياسي بغزارة مفردات المواطنة والخدمات والمقارنة مع دول اخرى والمصالح وكل شيء اخر مرتبط بمهمة الدولة الحديثة  اتجاه الشعب ..

هذا هو الخلط الكبير لدى الكثير حتى النخب السياسية في العراق ..حيث غالبا ما يفكر السياسي بطريقة الدولة القديمة ( العثمانية انموذجا )،

وتكثر  في خطابه مفردات ( الحكومة الابوية ) او الايديولوجية او التعالي على المواطن (الخدمة بصيغة الاكرامية مثلا او برعاية فلان تم افتتاح كذا مشروع )..

الابوية الصارخة تجسدت  في عناوين صور احمد حسن البكر وصدام حسين ( الاب القائد المناضل احمد حسن البكر الاب صدام حسين …).

عندما ضربت الحكومة المحتجين بعد تشرين ٢٠١٩ كانت خطابها أبويا وعقابها منبثق من سلطة الاب على اولاده    !!صُدِمَ القذافي ( الاب ) في ١٥ شباط عام ٢٠١١ بعد خروج (الشعب .."اولاده")  ضده وقال   (لست رئيساً لأتنحى، إنما أنا قائد للثورة إلى الأبد…)

كما وصف المحتجين بأنهم;(عصابات وجرذان ومرتزقة لا يمثلون الشعب الليبي…)

قسم كبير من النخب بطبيعة الحال واقع تحت تاثير هذه التركة والفهم الخاص "للدولة"

..(الدولة الاب) !!..

 

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن