05 May
05May

كنب : د. مؤيد ال صوينت 


ثمة فضاء مهم مُنح للتيار الصدري بشكل عام وللسيد مقتدى الصدر على وجه الخصوص، وبغض النظر عن الفاعل الحقيقي الذي وقف خلف هذا السكون أو السكوت سواء أكان التيار الصدري نفسه أم الظرف السياسي الذي يحيط به ، فإن هذا الفضاء يمثل مجالا خصبا وحيويا لإعادة التعريف ووضع مسارات تختلف جوهريا عما كان موجود في أدبيات البنية الافقية للتيار الصدري والبنية الهيراركية لقياداته، تنطوي رؤية السيد الصدر الى السياسة على تعقيدات مركبة، فالتشابك الحاصل بين الفاعل السياسي والفاعل الديني ممزوجة بالنزوع الأبوي مع دور اجتماعي جعل من خطاطة التيار خطاطة متشابكة فضلا عن المسار المسلح الذي يرتبط بالتيار بنحو أو آخر ، كل هذا مترافقا مع التحول الحاسم في المشهد السياسي وعدم قدرة التيار على إنجاح مشروع الأغلبية مع فوزه في الانتخابات يجعل من قضية إعادة التعريفات مسألة جوهرانية في التصورات المنهجية لدى التيار ، وأحاج –هنا- بضرورة أن تكون هذه التعريفات خاضعة لحقل منهجي قائم على روائز حقيقية بعيدة عن العاطفة والأحكام القبلية ، يتجلى التعريف الأول بضرورة إعادة التيار الصدري لتعريف علاقة السيد الصدر مع جمهوره واتباعه، جزءا من حركة مراجعة داخلية تهدف الى فرز بنيوي بين المغالي والموالي والانتهازي ، وهي الثلاثية التي رافقت التيار الصدري منذ مخاضات تشكله ولحد الآن. في حين تقوم المراجعة الثانية على إعادة تعريف التيار الصدري بعلاقته مع الفاعل السياسي الشيعي والفاعل الديني الشيعي بشقيه المرجعي والاجتماعي ، وهي علاقة ملتبسة تصل الى حدّ الصدام ونفي الآخر من الطرفين .وتتمثل المراجعة الثالثة بضرورة إعادة تعريف العلاقة مع الفاعل الوطني بشقيه-السني والكردي- ولاسيما أن هذا التعريف كان فضفاضا وغير ممنهج حتى بعد التحالف الثلاثي لتشكيل حكومة الأغلبية، فالعلاقة كانت علاقة بين زعامات أكثر مما هو تحالف مبني على تصورات وأفكار متساوقة وأهداف ذات جذور وفواعل سياسية تتوخى بناء مشروع حقيقي ينماز بالسيرورة والديمومة مع وجود بعد استراتيجي متعالي على السياسات الضيقة والآنية. وتتجلى المراجعة الرابعة –وهي الأهم كما أرى- بضرورة إعادة تعريف التيار الصدري لعلاقته مع الجيل الناشىء وطبقة الانتلجنسيا العراقية والمجتمع المدني ، وهي العلاقة التي تعرضت إلى شرخ كبير لأسباب لا مجال لتفصيلها هنا، وسبب أهمية هذا التعريف يعود إلى أن الجذر الحقيقي للفاعل السياسي المستقبلي يتبلور في التيار الصدري لجذوره القوية بوصفه حركة هامش اجتماعي لضواحي المدن، وفي الحركات المدينية الناشئة التي تتبلور بهدوء بوصفها بديلا حقيقيا عن الفواعل التي قادت البلد طيلة العقدين الماضيين.وتتمظهر النقطة الخامسة كنسق بالغ الأهمية بضرورة إعادة تعريف التيار الصدري لعلاقته مع المجتمع الدولي والفواعل الأقليمية، ورغم غياب السجال الداخلي بشأن طبيعة هذه العلاقة في التيار نفسه، غير أن من الضروري إعادة مراجعة شاملة لتعريف هذه العلاقة و وضعها في سياق منهجي يستند الى الواقعية السياسية بعيدا عن الثنائيات الحادة  التي لازمت التيار

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن