أ.د. نزار الربيعي
تعد المتغيرات الخارجية أحد العوامل الرئيسة التي تؤثر في العلاقات الدولية بشكلها العام وربما تتدخل في تشكيلها سيما في ظل الظروف الدولية الحالية التي تتميز بتداخل كبير بين العناصر المكونة لها تبعاً لتعدد وسرعة عوامل ووسائل الاتصال بين عناصر المنظومة الدولية ذات الاهداف المتزايدة والتي جعلت من الدول مقيدة وخاضعة في الكثير من الاحيان لتأثيراتها التي غالباً ما تبلور السياسات التي تتباهى خارجياً على وفق ما تمتلك من قدرات نقل لتلك التأثيرات، ويتغير نوع ودرجة المتغيرات الدولية التي تؤثر في السياسات المتبعة في الدول حسب الظروف الدولية الساندة والمكان الذي تقع فيها الدول جغرافياً، وخاصة إذا كانت الدولة كبيرة ذات قوة ونفوذ على الصعيد العالمي، فتكون درجات التأثير والتأثر أكثر من الدول من الدرجة المتوسطة أو الصغيرة، وهناك عدة اسباب قد تدفع الولايات المتحدة للتخفيف من التزاماتها الامنية تجاه أوربا منها التخوف من الاستنزاف الامريكي حيث تؤكد بعض الاصوات الامريكية انه من غير المنطقي الاستمرار في دعم حرب بلا نهاية (في اشارة إلى الحرب الاوكرانية) وان ذلك قد نجل بمتطلبات الدفاع الامريكية في ظل وجود مناطق اخرى تتطلب دعماً امريكياً أيضاً، وهو ما عبر عنه السيناتور الجمهوري عن ولاية اوهايو جمادي فانس الذي صرح في 18 فبراير 2024 بان الولايات المتحدة لم تنتج ما يكفي من الاسلحة لدعم حروب في شرق اوربا والشرق الاوسط وربما شرق اسيا ايضاً وعند البحث عن المتغيرات الدولية المؤثرة نجد تبدل مدركات (المؤسسات الامريكية) في كل دولة من الدول وخاصة الديمقراطية فيها وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية توجد مؤسسات حكومية وادائها في الممارسات الدولية التي غالبا ما تكون محملة بالتأثير في الآخرين.
ومن اهم المؤسسات الحكومية الامريكية هي (الرئاسة والكونجرس ووزارة الخارجية ووزارة الدفاع والامن القومي) ومؤسساته غير الحكومية (مؤسسة راند وجماعة الضغط (اللوبي) وهنا يمكن القول ان اليهود وجماعة الضغط التي تمتلكونها يمثلون قوة هائلة في الولايات المتحدة ولا تنحصر مهامهم في تأييد الولايات المتحدة لاسرائيل بل وحيازة الدعم الواسع الذي تقدمه لها، فضلا عن تأثيرهم على سياسات الدول العربية لمصلحة اسرائيل.اما متغير لناتو، فللدول الاوربية مصالح خارج القارة وخاصة في الجنوب ولان الولايات المتحدة الامريكية لها مصالح ايضاً في المنطقة نفسها وفي العالم اجمع ولكن لا تضع نفسها في المواجهة والمنافسة مع الولايات المتحدة، فانها تحاول التنسيق مع الأخيرة في بعض سياساتها معتمدة بذلك على فكرة مؤداها ان التعاون والتنسيق في هذه المرحلة هما أحسن من التضاد والمنافسة، لذلك نرى ان الدول الاوربية تحاول الابقاء على العلاقات مع الولايات المتحدة خلال الخطوط العريضة لهذه العلاقات ومن اهمها الناتو بالمقابل لم يكن المجال الاقتصادي لوحده الذي برز فيه تأثير الولايات المتحدة، بل استطاعت الولايات المتحدة التأثير على أوربا، من خلال التأثير تارة عبر حلفائها الاعضاء في الاتحاد الاوربي وتارة عبر الناتو والذي تجسدت في التأسيس لما يعرف بالمجتمع الامني الاطلسي.هناك مسألة مهمة جدا وهي مشكلة الشرق الأوسط وتحديداً الصراع الاسرائيلي الفلسطيني احدى اهم المشاكل السياسية الرئيسة المختلف بشأنها بين الولايات المتحدة والاتحاد الاوربي، وان تعاظم هذا الاختلاف سيؤثر في السياسات الاوربية الامريكية تجاه الآخر، ولكن لا يؤثر بشكل اساس في التعاون بينهما خاصة في مجال الارهاب.