كتب : د. مؤيد ال صوينت
(إني اتّهم) هذه العبارة التي اطلقها إميل زولا ووضعها عنوان رسالةٍ بعثها الى الرئيس الفرنسي فليكس فور مثلت (المانفيستو) الذي منح المثقفين شهادة ميلاد، فيما يخصّ المثقف الأكاديمي ينبغي طرح السؤال الجوهري: هل الجامعة مكان أم فكرة أم وسيط أو آلية ؟وفي ضوء الإجابة المُتنباه تتبدى مسارات متنوعة تصل الى حد التصادم والتناقض. رغم تعدد التوصيفات لمفهوم المثقف ،الا أننا يمكن أن نضع سمتين أساسيتين للمثقف وهما :
-التفكير العقلاني والعلمي.
-موقف قيمي من الشأن العام.
في ضوء هاتين السمتين يمكن تمييز أربع حقب للمثقف الاكاديمي في العراق:
1- من عام 1945 ولغاية 1963 الاكاديمي المنشغل بالشأن العام.
2- من عام 1963 ولغاية 1968 الاكاديمي المنزوي.
3- 1968ولغاية 2003 الاكاديمي المُلحق.
4- ما بعد 2003الأكاديمي الضائع.
وتفريعاً لما تقدّم يبزغُ التساؤل الجوهري : من يقرأ ما يكتبه المثقف- الاكاديمي ويتأثر به ؟ هل يمتلك تأثير رجل الدين أو شيخ العشيرة أو من يسوّق خطاب السلطة؟ وفي ذات الوقت، انقسم الأكاديمي من حيث السلوك والتعاطي مع الشأن العام وطبيعة العلاقة بين المثقف الاكاديمي والخبير الاكاديمي إلى : (الأكاديمي الدولتي) (الأكاديمي الزبائني) (الأكاديمي الأداتي) ( الأكاديمي النقدي). وفق تصوراتي، إنّ أهم ما يتميز به المثقف هو إيمانه بالمسافة النقدية وحفاظه عليها ، واذا ما تخلى المثقف عن وظيفته النقدية ونزعته الرسولية فسيتحول الى أداه في يد (المقاولين) أياً كانت توصيفاتهم (سلطة، حزب، طائفة .. الخ) فلحظة التقاطع بين (فكرة المثقف) ونهضة العلم الاجتماعية والانسانية ، التي لا تقصر المثقف على كونه ناقدا منهمكا بالشأن العام ، وساعيا الى التغيير بل هو صاحب رؤية وبرنامج ايضا هي اللحظة المفصلية في كل ما يُقدّم في هذا المجال. غير أن الاكاديمي في العالم العربي والعراقي على وجه الخصوص يميل الى نزعة توفيقية تلفيقية بين نقدية الاستاذ الجامعي التي ربما تصل الى حد (العدمية و واقعه المؤسسي الذي يصل الى حد المحافظة وتكريس الانشغال بطقوس الجامعة ودور النشر الجامعية والالقاب الاكاديمية والانشغال الطقسي بتفصيلات الجامعة ) ويمكن تعداد سمات المثقف الاكاديمي العراقي على النحو الاتي:
-ذو نزعة زبائنية.
-غياب شبه تام عن الشأن العام.
-تحالف غير معلن بنقل ماهو شعبي الى الحقل الاكاديمي.
- غياب الكبرياء الاكاديمي
- العجز عن تقديم ولو افكار بسيطة لحل مشاكل البلد المتراكمة.
-بارع في انشاء خطاب تبريري لنزعة طهرانية يدعيها باستمرار.
-التخلي عن النزعة الرسولية.
-التخلي عن النزعة النقدية التي تمثل واحدة من أهم تطويرات التعريف الاساسي ل(المثقف) بوصفه ضميرا .
- فشل الاكاديمي في خلق النموذج لطلابه ومن حوله.
وفي الختام فإن المثقف الاكاديمي الحقيقي ودوره التاريخي يكمن في تحويل الطابع المطلبي إلى قيم سياسية.