21 Apr
21Apr


د محمد القريشي 


في نظرية الاتجاه الاجتماعي والنفسي 

حول  العلاقة بين النظام السياسي والجمهور طرح تيد كور (عام ١٩٧٠ )

السؤال التالي : 

لماذا يقوم الناس بالتمرد على النظام السياسي او الثورة ؟ هل هناك عوامل كامنة في طبيعة البشر تسمح لهم باستخدام العنف ؟ ام ان قابلية البشر لاستخدام العنف تتبدى في ظرف سياسي واجتماعي واقتصادي معين ؟

يرى كور بان الأفراد يصبحون مؤهلين للثورة حين ترتفع توقعاتهم من النظام السياسي في مقابل محدودية ما يحصلون عليه بالفعل من هذا النظام. 

الفجوة التي تحدث بين هذه التوقعات والقيمة الفعلية لما يحصلون عليه تتحول إلى طاقة ثورية تنتظر القيادة المناسبة والتوجيه لكي تطيح بالنظام ..

كانت نظريته مناسبة لظروف السبعينيات وما قبلها..، 

في العقود الأخيرة تغير سقف توقعات الجمهور  ونوعها بسبب  ثورة المعلومات وتداخل المجتمعات وانفتاحها،  الأمر الذي أدى إلى ارتباط تلك التوقعات بالبيئات الاقليمية والعالمية

… 

بعبارة اخرى : التوقعات التي ينتظرها الجمهور من النظام السياسي في هذه الحالة،  لا تعكس حاجات هذا الجمهور  فقط  بل ايظا حاجات الفاعلين الإقليميين والدوليين…

وفي هذا السياق، لم يعد المثقف ( بقلمه او بخطابه)  محتكرا لوحده مجال التأثير في الجمهور و تحويل تذمره  إلى فعل سياسي ( انتفاضة او ثورة او تغيير سياسات  )بل هناك اضافة اليه ( وبشكل اوسع ) المدون والناشط واي مواطن عبر  وسائلهم المتنوعة "منشور - خطاب قصير - مقطع فيديو وغير ذلك". 

ولهذا لا تستطيع الدول والمؤسسات   صياغة تصورات  عن  الحراكات الاجتماعية من نجاحات او فشل  ولا حتى عن مخرجاتها  بشكل مرضٍ ودقيق. 

 التغيرات اسرع بكثير من القدرة على اللحاق بآثارها. 

"تنوع الفاعلين وتنوع الوسائل وصراعات القيم الجديدة والقديمة" تميز حالة التشكل.  

وليس من المطلوب في ظل هذه التغيرات ان "يتقاعد"المثقف عن مهمة التأثير او ان ينتقد الظواهر عن بعد، متكئا على حسنات  الماضي والحنين اليه .. الحياة تتطور "والماضي" نفسه كان يمثل في وقته "حالة متقدمة"  على ماسبق    … 

نشط  احد رجال الكنيسة الفرنسية ، القس لوفيفر ، خلال سبعينيات وثمانينات  القرن الماضي وصار نجم  القنوات التلفزيونية "العلمانية" ، وحين سأله احد الصحفيين عن سبب اهتمامه بالإعلام لهذه الدرجة بشكل  غير مألوف من رجل دين ؟ فأجابه :

"لو كان المسيح بيننا اليوم لاصبح حتما نجم هذه القنوات"! 

قبل سنوات اصدر  الاكاديمي  الأردني مروان معشر  كتابا (بالإنجليزية) تحت عنوان "اليقظة العربية الثانية"، قال فيه " إن اليقظة العربية الأولى كانت شأن نخبة من دون جماهير، وكانت أغلبها سادرة في الجهل والأمية، أما ما اعتمل مؤخرا من حراك فهو صنيع الجماهير من دون النخبة". 

المرحلة تتطلب ان يتغير المثقف هو كذلك ويطوع وسائله.. 

الإخفاق في هذه المهمة يعني تأكيد صعود الشعبوية والتطرف في بيئة  مهيئة في الأصل لهذا الصعود !!

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن