كتب : غالب خزعل
وهي تتخطى الاشواك في بستان سمعت طفل يعلو صراخه يحمله رجل يداعبه ويتودد اليه لعله يكف عن البكاء وام انحنى ظهرها عليه تحاول إضحاكه بكل الوسائل وتنور خفتت ناره وعجين اختمر وشمس ارتفعت توحي الى وقت ذهاب الاب الى عمله .
ظلت ترقب ماذا يفعل الاب وهل بمقدوره ان يذهب وصراخ طفله لم يكف .
الام احتظنت وليدها من ابيه وارضعته لكن صراخه يرتفع كلما ابتعد عنه اباه الذي تثاقلت قدماه ولم يعد يقوي على المشي حتى رجع ليفعل شيئا يمكنه من ايقاف بكاء طفله تقدم الوقت ووصل الى الضحى ولم يكف الطفل عن البكاء فهرع به الى اقرب وحدة صحيه لعلهم يجدون حلا فلم اتركهم وذهبت معهم دون ان يشعروا وكل همي معرفة مايصنع الاب ليسكت طفله من البكاء لاني بعد ايام اكون مثل هذه الام التي تركت كل شيء من اجل وليدها .
والطبيب يقلب الطفل بالفحص فوجده مصابا بالحمى الشديده التي تستدعي اتخاذ اجراءات عاجله لخفض حرارته وبدؤا بالفعل حتى بدأ الطفل يكف عن البكاء شيئا فشيئا وبدأ الطبيب يوبخ بابويه حرصا منه على سلامة الطفل ولم يلمح وجهيهما واحمرار عينيهما من شدة السهر والتعب وبعد ان استقرت حالة الطفل عادا الى البيت وهما يتسائلان عن فعلهم لو حدث للطفل مكروه اودى بحياته الام تقول اموت معه الاب يقول سأسجن نفسي ولم اخرج للناس وكثيرا من الاقاويل والافعال يفعلونها لو حدث للطفل ليلتحقوا به مهما كلف الثمن .
هذه الحكايا جعلتني اذهب بمخيلتني الى زمن مضى وبعد عن طفل حمله والده ليسقيه ماء بعد ان اشتدد العطش به ولو اقل القليل من جيش مترامي الاطراف نزعت من قلوبهم الرحمه وجل همهم الغنائم او الهدايا التي يمن بها الامير عليهم بعد انتهاء المعركه .
تصور ماذا تفعل وانت اب ويذبح رضيعك بين يديك وحساباتك انه مهما نزعت الرحمه من القلوب فإن هناك شيئا يبقى منها للرضع ولانقول للاطفال وهذا الاب الذي يحمل رضيعه تربى في حجر الرحمه لسيدنا محمد رسول الله صل الله عليه واله وسلم خاصة وانه يعلم ان هذا الرضيع مذبوح لامحال لان قلوب القوم صدقت عليهم الايه الكريمه {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ }محمد23
وقد يقول قائل ان كان الاب يدرك ان القوم لايفقهون حديثا فعلام يخاطبهم مادام الله وصفهم بهذه الاية الكريمه {وَمَن كَانَ فِي هَـذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً }الإسراء72
يخاطبهم لان الرحمه في قلبه متقده من حجر الرسول الكريم وحتى اخر لحظة بحياته لكي لايدخلوا النار بسببه وان الرضع مصداق للحنان والعاطفه عسى ان يعودوا لرشدهم وتفتح ابصارهم وبصائرهم وباب التوبة مفتوح لداخله متى ماشاء الا ان يسخط بغضب من الله جراء افعاله الدنيئه ,
لقد تساءل القوم فيما بينهم واشتدد النزاع فمنهم من يقول ماذنب هذا الرضيع واخر يقول ان علينا عارها بين العرب كافه الى اخر الزمان وقوم طلبوا ان يقف هذه الاقاويل اما بسقي الرضيع او ذبحه كما امر عمر بن سعد حرملة لعنهما الله بذبح الطفل وهو بين يدي ابيه لينالون بها مرضات امير ملعون في الدنيا والاخره كما لعنوا اسلافه من قبل وباؤوا بغضب من الله ورسوله وماهي الا لحظات حتى انقطع نزاع القوم بسهم رماه اعمى البصيرة ليشهد من في السماء والارض على وقاحة القوم وخستهم وتشهد الملائكة على العطاء الذي جبل عليه والد الرضيع وهو طفل حتى كانوا ومازالوا مصداقا للاية الكريمه {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً }الإنسان8
وهنا تخطى الامام الطعام واعطى في سبيل حب الله ومرضاته حتى الرضيع كما قدم الكبار والصغار من الاكهلين الى الرضع ولم يغضب الرب وعلى الرغم من شدة مصاب الرضيع فانه يقول بعين الله يابني ولاحول ولاقوة الا بالله ويحمد الله ويثني عليه كلما ارتقى شهيد الى السماء , ويبقى تساؤل القران الكريم {بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ }التكوير9 ..