12 May
12May


كتب : د .ابراهيم بحر العلوم


من اربيل الى برزان حكاية نضال عبر عقود ترويها للاجيال تم تجسيدها بالحرف والفن. 

ففي خريف العام الماضي، رفدت المكتبة العراقية والكوردية بموسوعة اشرف عليها نخبة من الكتاب والمؤرخين تحكي عن نضالات واعمال القادة الكورد الكبار الشيخ عبد السلام والشيخ احمد والملا مطصفى البارزاني في خمسة مجلدات لتصبح مرجعا للباحثين والكتاب في الجامعات والمكتبات، واقيمت احتفالية رائعة بمناسبة صدورها وحوار جميل مع كاتبيها اذ تم تسليط الضوء على مساهمات الكتاب في ابراز انجازات القادة الكبار عبر الاعتماد على الوثائق في الاراشيف المختلفة، فكانت اضاءة في تخليد منجزات القادة للاجيال. 


يوم امس كانت حلقة اخرى من حلقات الذاكرة الوطنية في منطقة برزان في اربيل؛ لتجسيد نضال القائد الكبير الملا مصطفى البارزاني على ارضه وقريته والتي حملت لقبه وحمل لقبها، متحف يجسد نضالات المرحلة، ويعيد قراءة التاريخ للاجيال بالصورة والحرف.  انها حكاية مسيرة الكفاح والنضال التي تجسد بعض ملامح ماتعرض له شعب كردستان من اضطهاد وظلم وكيف تعامل معها البرزاني الكبير ، بدراية وحكمة وحنكة وشجاعة ، وهنا تكمن اهمية هذا المتحف في استمرارية بناء الذاكرة المدافعة عن حقوق الشعب الكوردي. وستجد الاجيال لها في هذا المتحف الخلاصة الرمزية لتجربة النضال والروح التي تشبع بها القادة وهو بمثابة العماد الثقافي الذي يحفظ ذاكرته الانسانية والوطنية والنضالية هذا من جهة . 


ما اريد قوله كان مشروعا رائدا  في اعادة انتاج الذاكرة من اجل وحدة الشعوب، فالشعوب الحية هي التي تمتلك الذاكرة اذ يجب ان تكون معبأة بالرموز والقيادات التاريخية الفاعلة الحية التي حملت هموم شعبها وناضلت من اجله، وفي هذه الذاكرة تجد ايضا مساحة لعذابات هذه الشعوب وتضحياتها في مواجهة الاستبداد والديكتاتورية، كلها تنصهر لتبرز  للحاضر  كاحد العوامل الاساسية في صناعة الوحدة وتصبح المحور التي تدور حولها الاجيال باتجاه ترسيخ هويتها.  فالشعوب التي لا تمتلك الذاكرة.. ليس لديها هوية.. وتبقى تعيش على هامش التاريخ.


متحف بارزاني يجسد لحظة استعادة المشهد وما يعكس من قراءة تاريخية لرمزية وهوية الشعب الكردي وسنوات نضاله ضد الدكتاتورية، سيكون كذلك كما نعول شاهدا حيا وفاعلا في رسم المستقبل وترتيب الاولويات. 


ومشاركتنا في الاحتفاء بهذا المنحز جاء لاستذكار المشتركات الكثيرة ومن ابرزها شراكتنا في مقارعة الاستبداد والديكتاتورية، وتلك رحلة طويلة تخللتها الالام والمخاضات   حيث يعيد المتحف جزء من تجسير العلاقة الاخوية بين الاشقاء كوردا وعربا ، بين اربيل والنجف والبصرة ، فيستذكر مشاركة الشيخ الحفيد وهو يشارك اخوانه في ثورة العشرين، ويستذكر النجف وهي تطلق صرختها لحماية الشعب الكوردي في عام ١٩٦٥ ويستذكر البصرة ومحافظات الوسط والجنوب وهي تستقبل بحفاوة شعبية القائد البارزاني وهو عائد لبلده بعد نفي وابعاد اكثر من عقد من الزمن ، نعم نستذكر ملاحم والتعاضد السياسي والجهادي في مقارعة البعث انها لحظات الاشتراك والتلاحم والتوادد ، انه المخزون الثقافي الاستراتيجي لابقاء هذه الاصرة والاتحاد. 


كما هيأ القائد الكبير واخوانه عناصر الذاكرة علينا ان نفكر جديا بصياغة وتهيئة المواد والعناصر المطلوبة لمساعدة اجيال المستقبل، فاليوم تلمسنا الماضي بكل سرائه وضرائه، وندفع الاجيال استذكاره، وعلينا تعبيد  الطريق للقادم ، منها انتاج ذاكرة الحاضر، اقول اليوم نحتفل بذاكرة النضال وغدا على الجيل اللاحق ان يحتفل بذاكرة البناء ويربط بين حلقتي النضال والبناء، لذا علينا اليوم وعلى الاباء المؤسسين ان لا يألوا جهدا في تجاوز مصاعب بناءات الدولة بل علينا كما كافح البارزاني الكبير ورفاقه في مواصلة ومواجهة الاستبداد فعلى الرئيس مسعود بارزاني استكمال المشوار في بناء العراق ، لتصبح الذاكرة حريصة وشاهدة على وحدة العراق ارضا وشعبا. 


١١ ايار ٢٠٢٣

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن